أكثر من 50 % بلغ معدل التسرّب من اللقاحات الإلزامية هذا العام في 27 بلدة شملها مشروع «التحصين الشامل» الذي بدأته الهيئة الصحية الإسلامية منذ عام 2012. حتى اليوم زارت الهيئة 12008 وحدة سكنية في مناطق مختلفة، بلغ عدد الأطفال فيها 17316 طفلاً، وجرى تسجيل 8823 طفلاً تسربوا على الأقل من أحد اللقاحات الإلزامية المقرّة من وزارة الصحة، أي نسبة 51 %.
المشروع ما زال مستمراً وسيتوسّع ليشمل عددا أكبر من البلدات، إلا أن الأرقام الأولية تكشف عن إهمالٍ هائل في إحدى أبرز المسائل خطورة على الصعيد الصحي، وما يزيد الأزمة سوءا هو لجوء أكثر من 600 ألف طفل سوري إلى لبنان، وبالتالي تهيئة بيئة مناسبة لخلق بؤرة أوبئة في حال لم يجرِ التحرك سريعاً لتدارك الوضع.
على الرغم من توافر اللقاحات الإلزامية على نحو مجاني في معظم المناطق اللبنانية، ثبت تسرّب أكثر من نصف أطفال الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، حتى الآن، من هذه اللقاحات. نسب التسرّب في المناطق راوحت بين 35 % و73 %، إذ احتلّت منطقة النبطية المرتبة الأولى بمعدل 73.8 % من خلال إحصاءات الهيئة على عينة من 900 وحدة سكنية في حيي السراي والبياض. أما منطقة بلديات الشلال في البقاع فقد بلغ التسرب فيها نسبة 64.6 %، يليها البقاع الشمالي بـ 61.3 %. كذلك بلغت نسبة التسرب في الضاحية الجنوبية، وتحديداً مناطق الشياح، الغبيري وبرج البراجنة 56.3 %، وإقليم التفاح 46 %، والهرمل 40 % لتحتل بعلبك النسبة الأدنى من التسرب بمعدل 34.6 %. هذه النتائج توصّل إليها متطوعو الهيئة عبر تجوالهم على الوحدات السكانية في المناطق المستهدفة والاطلاع على السجل الصحي للعائلة لمعرفة اللقاحات التي أُخذت واللقاحات التي لم تؤخذ وفق خطة أعدت مسبقاً. تضم الاستمارة التي جرى توزيعها على المنازل عدد الأولاد دون سن الثامنة عشرة، اللقاحات التي خضعوا لها، الأمراض المزمنة للمقيمين، عدد المدخنين... وذلك بهدف رسم الواقع الصحي لكل أسرة. البلدات التي شملها المشروع هي: تولين 53 % نسبة التسرب، القنطرة 50 %، الطيبة 52 %، العديسة 61 %، رب ثلاثين 42 %، عدشيت 51 %، عيترون 36 %، مارون الراس 65%، بنت جبيل 39 %، عيناتا 44 %، الصوانة 59 %، النبطية، جرجوع، رومين، الريحان، بعلبك، الهرمل، بوداي، السعيدة، الجوبانية، حرفوش، رام، قرحا، قليله، نبحا، الغبيري وبرج البراجنة.
يشكك طبيب
قضاء النبطية بارقام الهيئة الصحية

تختلف نسب التسرّب بحسب الفئات العمرية، إذ إنّ أكثر حالات التسرب تتعلّق باللقاحات الإلزامية لمن هم فوق سن الخمس سنوات. تعزو مسؤولة دائرة الارشاد والتوثيق في الهيئة الصحية فاطمة قشور السبب الرئيسي إلى «اعتقاد الأهل بأن اللقاحات التي يحصل عليها الأطفال في المدارس كافية»، في بلدة رب الثلاثين مثلاً بلغت نسبة التسرب للأطفال ما فوق الـ 5 سنوات 75.3 %، وفي الطيبة بلغت 83.2%. وبحسب الإحصاءات فإن أكثر اللقاحات نسبةً في التسرّب هو لقاح الثنائي (الخانوق والكزاز) يليه الحصبة، النكاف، والحميراء ثم الشلل. كذلك أظهرت الأرقام ارتفاعاً كبيراً لأمراض الضغط والقلب والسكري نسبة إلى باقي الأمراض المزمنة.
أسباب هذه الأرقام الصادمة عديدة، وأبرزها الإهمال من قبل الأهالي وعدم إدراكهم جيداً لأهمية التلقيح على الرغم من الحملات الكثيفة التي تقوم بها وزارة الصحة. أما الأسباب الأخرى، فتراوح بين ضعف القدرة المادية، إذ إن بعض الأسر لا تعلم أن هذه اللقاحات مجانية، وأخذ بعض الأطباء مقابلاً ماديا لقاءها، إضافةً إلى التخوّف من العوارض المرضية التي تلي اللقاح.
قد تغيب هذه الأرقام عن الوزارة إلا أنه، بحسب مصادر في الوزارة، فإن أحد أبرز الأسباب التي دفعت الوزارة إلى تكثيف حملاتها حول التلقيح هو معرفتها أن البعض لا يلقّحون أولادهم، وبالتالي هناك حاجة إلى توعيتهم «نقدّم اللقاحات الأساسية مجاناً، وننبّه الناس إلى أهمية التلقيح عبر الحملات. ما الذي يجب فعله أكثر؟!». ما تفعله الهيئة الصحية الإسلامية هو ما تتوقف عنده الوزارة، إذ تعمد الهيئة الصحية الى متابعة جميع أهالي المتسربين عبر الهاتف، للتأكد من لجوئهم الى تلقيح أطفالهم في المواعيد التي حُدّدت لهم. تتواصل الهيئة مع الوزارة لتأمين اللقاحات بعد رفع أرقام المتسربين الذين يزورون مراكزها لأخذ اللقاحات.
يشكّك طبيب قضاء النبطية علي عجرم في الأرقام التي طرحتها الهيئة، ويلفت إلى أن الدراسة التي يُعدها على نحو دوري في المنطقة أتت معاكسة تماماً لما ورد في إحصاءات الهيئة. يؤكّد عجرم أنّ القطاع العام في منطقة النبطية يغطّي 74 % من اللقاحات الروتينية، فيما يغطّي القطاع الخاص نسبة 25 %، مشيراً إلى أن التسرّب الذي يحصل لا يتجاوز الـ 20 % . في عام 2011 أعلنت وزارة الصحة في تقريرها أن نسبة التغطية على الصعيد الوطني لشلل الأطفال بلغت 95.8 %، والخماسي 94.9 %، والـMMR ( حصبة، أبوكعب، حصبة ألمانية) 97.9 %. إلا أن هذه الأرقام لم تثبتها دراسة الهيئة الصحية الإسلامية، وبالتالي يجب البحث عن مكمن الخلل، وإذا كانت النسب قد تراجعت خلال 3 سنوات على هذا النحو، فهذا يعني أنه يجب وقف التراجع الحاصل والبحث في أسبابه.





في 8 أيار 2014 أصدر المدير العام لوزارة الصحة العامة وليد عمار تعميماً يؤكّد فيه الالتزام المطلق بمجانية اللقاح، وذلك بعد ورود شكاوى عن استيفاء رسوم مقابل تحصين الأطفال في المراكز الصحية. وطلب من كافة المراكز عدم رفض تطعيم أي طفل لأي سبب كان، والاستقصاء عن الأطفال غير الملقحين أو الأطفال النازحين، وإعطاءهم اللقاحات المطلوبة، شرط البدء بلقاحي الحصبة وشلل الأطفال. وتضم اللقاحات الإلزامية شلل الأطفال، الخماسي، الحصبة، الحصبة الألمانية، ابو كعب، الصفيرة والثنائي (الخانوق والكزاز).