الحزن الذي لفّ عكار، أول من أمس، مع تشييع الجندي الشهيد جمال الهاشم، وحّد أبناءها بمختلف انتماءاتهم السياسية والطائفية. فكانت للشهيد محطات استقبال مهيبة في عدد كبير من القرى، حيث نثر عليه الورد والأرز وحمل نعشه على الأكف وسط الزغاريد، فيما اختلطت أجواء الحزن والأسى بالغضب من سعي البعض إلى ضرب المؤسسة العسكرية وزرع بذور الفتنة في المنطقة.
ولدى وصول جثمان الهاشم إلى قاعة كنيسة الشهيدة مار مورا في القبيات، تجمع حوله الأصدقاء لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، فيما حاولت والدته الثكلى «إيقاظه» وأُغمي عليها وعلى أشقائه مراتٍ عدة، ما أجّج غضب «القبيّاتيين» من جديد، فساد هرج ومرج كثير في القاعة، إلى أن هدأت النفوس مع إخراج الرجال من المكان.
ورغم أن شهيد المؤسسة العسكرية سقط أثناء توجهه للالتحاق بمركز خدمته، وليس أثناء معركة مع الإرهابيين، كان لافتاً غياب الوجوه النيابية العكارية عن حضور جنازته. واقتصر الأمر على نواب عكار المسيحيين هادي حبيش ونضال طعمة ورياض رحال ممثلاً الرئيس سعد الحريري.
الحضور النيابي
اقتصر على نواب المستقبل المسيحيين!

رئيس بلدية عندقت عمر مسعود حذّر من أن «الأيام المقبلة لن تحمل الراحة إلى قلوب أبناء عكار ما لم تتحرك الأجهزة الأمنية سريعاً». وأضاف أن «الوضع لم يعد مقبولاً. الناس خائفة، ولا يسعنا سوى الاعتماد على العقلاء وأصحاب الوعي لحماية البلد»، مشدداً على أن «الضمانة الوحيدة للبنان في الوقت الحالي هي في يد الرئيس الحريري، لأنه يمثل الاعتدال السنّي ولا يزال يتمسك بقرار دعم الجيش والدولة اللبنانية».
وقد لعبت فاعليات القبيات وجوارها دوراً كبيراً في ضبط أبناء المنطقة وضمان عدم تعرضهم لأي شخص من التابعية السورية، لكنها دعت الأجهزة الأمنية الى تشديد المراقبة على أماكن وجودهم. وقال أحد الناشطين في البلدة: «منذ سنوات ونحن نعيش بأمان وسلام مع جيراننا في القرى المجاورة. لكن منذ دخول السوريين إلى أراضينا تبدل الوضع. والهدف من كل ما يحدث إيقاع فتنة بيننا وبينهم وهذا ما لن نسمح به مطلقاً»، بينما يؤكد آخر «أننا مستعدون لحمل السلاح». وهذا ما رفضه القيادي في التيار الوطني الحر جيمي جبور، معتبراً أن «الحل يكون عبر اعتماد الأجهزة الأمنية سياسات أكثر حزماً في المنطقة. فعندما يحدث أي اعتداء من هذا النوع ينتهي الأمر باستشهاد الجنود من دون كشف ملابسات الجريمة». ورفض جبور اتهام السوريين بالضلوع في الحادثة، قائلاً «قد تكون المجموعة التي نفذت الهجوم من اللبنانيين والسوريين معاً، لأن هناك بعض اللبنانيين يشكلون حاضنة للمجموعات المتطرفة من أي جنسية كانت. وكل من ينتقد أداء الجيش في صدّ الإرهاب هو من الذين يحضنون الإرهاب ويشجّعون المتطرفين على المضي في تحركاتهم بشكل شبه علني من دون أي رادع».