برلين | يلتئم قبل ظهر اليوم اجتماعان دوليان يتوخيان هدفاً واحداً، هو مساعدة لبنان على جبه معضلة النازحين السوريين على اراضيه. واذ يبدو الاجتماع الاول مخصصاً للبنان، اذ تلتئم «مجموعة الدعم الدولية» للمرة الثالثة بعد اجتماعها التأسيسي في نيويورك في ايلول 2013، ثم اجتماعها الثاني في آذار المنصرم، تناقش في حضور ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية مسار برنامجها لمساعدة هذا البلد، وخصوصاً حيال تفاقم ازمة النازحين السوريين. اما الاجتماع الآخر ـ وقد دعت اليه برلين ـ فيرمي الى مناقشة اعباء النازحين السوريين على دول الجوار لسوريا (لبنان والاردن وتركيا)، ويحضرها ممثلون عن 20 دولة و10 منظمات دولية.
ويعوّل لبنان على الاجتماعين على قدم المساواة، حاملا معه اقتراحين يأمل في ان يلقيا صدى ايجابيا:
اولهما، دفع المساعدات الدولية للنازحين السوريين في وجهة التنمية المستدامة، فلا تقتصر على المواد الغذائية التي تتبخر بسرعة، بل التركيز على تأهيل البنى التحتية للبنان وتعزيزها وتطويرها، بغية اتاحة المجال امام استيعابها الاعداد الضخمة من النازحين . وما يحتاج اليه لبنان في هذا النطاق هو مليارا دولار. ويؤمل في ان ينظر الى هذا الاقتراح على صورة مؤتمرات باريس 1 و2 و3 بتوفير المساعدات بما يتيح جبه الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد اللبناني.
ثانيهما، التفاهم مع الحكومة السورية والمعارضة السورية من خلال الامم المتحدة ـــ وبالتأكيد ليس عبر حوار مباشر ـــ على انشاء منطقة عازلة آمنة داخل الاراضي السورية لايواء النازحين، تستوعب بين مليونين وثلاثة ملايين نازح سوري بغية تخفيف وطأة الضغط على لبنان خصوصاً، وان يصير الى ضمان المنطقة الآمنة فلا تستهدف في الحرب الدائرة بين الطرفين. وفي رأي المسؤولين اللبنانيين ان الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دوميستورا قادر على الاضطلاع بدور رئيسي في الوصول الى المنطقة الآمنة من خلال جهوده لدى الفريقين.
واستنادا الى اوساط الوفد الرسمي، فان مطالبة المؤتمر لبنان بتوقيع معاهدة فيينا لعام 1951 سحبت من التداول في المسودة الثانية للبيان الختامي، بناء على اصرار لبنان رفض توقيعها والانضمام اليها، وتحوله بلد لجوء، وهو ما لاقته المانيا بالاستجابة.
وسيلقي رئيس الحكومة كلمتين في الاجتماعين.

مع ميركل

في لقائهما الاول قبل التئام المؤتمر الدولي، خاطبت ميركل سلام قبيل اجتماعهما مساء امس في مقر المستشارية، بالقول ان تبادل الاراء يأتي «في هذا الوقت الحرج والصعب في لبنان»، مؤكدة تضامنها مع هذا البلد «والمشكلات التي يواجهها والمرتبطة بما يجري في سوريا». وقالت: «منذ البداية كان الموقف صعبا في لبنان، الا ان المانيا متضامنة معه لمواجهة مشكلة النازحين ومن خلال المساعدات الثنائية عبر الاتحاد الاوروبي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين». ولاحظت ان في لبنان بسكانه الاربعة ملايين يوجد مليون نازح سوري مسجلين الى نازحين آخرين غير مسجلين، ولفتت الى تأثير النازحين على الوضع الداخلي، مستعيدة تجربة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ثم تحدثت عن استضافة بلادها المؤتمر الذي يضم دول الجوار لسوريا، ورغبت في ان يرسل «اشارة قوية الى التضامن مع لبنان».
بدوره قال سلام: «تركنا لبنان صبيحة هذا اليوم على وقع مواجهة مع الارهاب قام بها الجيش اللبناني وحسم الموقف بما يعزز الامن والاستقرار في بلدي.
نذهب الى
المؤتمر من اجل
مزيد من الدعم وليس الخضوع للشروط

قدم الشهداء والضحايا وتضامن معه اللبنانيون جميعا في موقف وحدوي وطني يعزز هذه المواجهة». وأضاف: «تحتضن المانيا مؤتمراً حول النازحين السوريين في لبنان والمنطقة، وهو من أخطر الملفات التي يواجهها لبنان اليوم واكبرها».
وكان سلام غادر بيروت قبل ظهر امس يرافقه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وفريق من المستشارين والمعاونين. في الطائرة تحدث الى الصحافيين عما يتوقعه من المؤتمر. قال: «قطعنا شوطا كبيرا في مسألة دعم لبنان التي سيناقشها المؤتمر، وسنثير سبل معالجة واقع النازحين وتقاسم الأعباء التي يرزح لبنان تحت وطأتها ومساعدته على تحمّلها، خصوصاً انه اكثر الدول المحيطة بسوريا يحمل وزر النازحين، ويتعين ان يستفاد من وعي المجتمع الدولي لهذه المشكلة. من هنا مشاركة لبنان في المؤتمر على مستوى رفيع كي يكون حضوره في مستوى هذا التحدي. ننظر الى المؤتمر على انه المكان الضروري للاستفادة من الوعي والدعم الدوليين، وتفادي اي مشكلات تنجم عن نزاعات المنظمات المعنية بقضية النازحين. ما نتوخاه هو تأكيد حاجة لبنان الى مزيد من الدعم لمواجهة تفاقم العبء. في بلدنا عدد غير مسبوق من النازحين اكبر من مقدرته على تحمّله قياسا بعدد سكانه ومساحته وحجم اقتصاده».
واوضح سلام ان لبنان يذهب الى المؤتمر «للحصول على مزيد من الدعم وليس من اجل الخضوع للشروط. لدينا معرفة كاملة بملفنا وما نطلبه وما نرفضه، والتمسك أولا بسيادتنا وقرارنا. نحمل معنا قواعد عمل، ونريد التوصل مع دول الجوار المعنية بدورها بأزمة النازحين السوريين الى طرح مشترك ما دامت المعاناة مشتركة». ولفت الى ان المساعدات التي يطالب بها لبنان «تتوزع على مستويات مختلفة، إنسانية وتنظيمية ولوجستية ومالية وتنموية، لكن الدعم يقتضي ان يكون للبيئة الحاضنة وهي الدولة اللبنانية، كما للنازحين. قطعنا بذلك شوطا كبيرا في اقناع المجتمع الدولي بهذا الخيار، والتركيز على البيئة الحاضنة التي تمثلها الدولة». وأكد «اننا غير مقيدين او ملزمين بمعاهدة فيينا، وليس في وسع احد ان يفرضها علينا او يفرض سواها. لن نقبل الا بما نريده ويطابق سيادتها وموافقتنا».