لم يطرق الاحتكار باباً إلا أفسده. هكذا هو عقد الحصرية الموقّع بين الجامعة اللبنانية و«ليبان بوست»، اذ حصلت الاخيرة بموجب العقد على سلطة استنسابية لا يمكن استبدالها ولا يمكن تصحيح مفاسدها، فيما هي تستعملها بهدف فرض «خوات» على طلاب الجامعة اللبنانية تصل قيمتها إلى 30 ألف ليرة عن كل خدمة بدلاً من 6500 ليرة، وبدلاً من أن يعمل مسؤولو الجامعة على تصحيح الشوائب، هم يستغرقون في التخفيف من وزر المبالغ الإضافية، كأن الطلاب ليسوا من أبناء الأسر المُعدمة والفقراء، الذين استقوت عليهم الطبقة السياسية التي تقطع لها حصصا من ريوع الفساد والاحتكارات.
قبل سنوات وقّعت الجامعة اللبنانية عقداً مع شركة «ليبان بوست» يمنحها حصرية استيفاء رسوم تسجيل الطلاب وتسديد بدلات الإيجار في مساكن الجامعة، وكذلك تسديد رسوم الامتحانات. ينطبق هذا الأمر على أكثر من 69 ألف طالب مسجّلين في الجامعة، وبحسب مسؤولة أمانة السر العامة في رئاسة الجامعة سحر علم الدين، فإن العقد ينصّ على أن الطالب يدفع لشركة «ليبان بوست» 6500 ليرة فقط عن كل معاملة يجريها مع الجامعة، ما يعني أن الحدّ الأدنى المضمون من الإيرادات للشركة يبلغ 1.4 مليار ليرة عن خدمات رسوم تسجيل الطلاب وامتحاناتهم وتسديد رسوم عن نحو ألفي سرير في مساكن الجامعة، إلا أن هذا المبلغ، على ما يبدو، لم يكن كافياً لشركة «ليبان بوست». فعلى مدى السنوات الماضية امتهن موظفوها، كما دربتهم الإدارة، فرض مبالغ إضافية على الطلاب، مبررين الأمر بأن «الرسوم ارتفعت».
هذه الإجابة كانت تثير استياء الطلاب الذين تساءلوا عن سبب موافقة رئاسة الجامعة على رفع الأسعار، لكن قلّة منهم كانت تنتبه إلى «الحيلة» التي كان يقدّمها موظفو «ليبان بوست» لفرض «الخوات» على الطلاب. فقد تبيّن لبعض الطلاب، أن موظفي «ليبان بوست» يفرضون كلفة SMS وديليفري من دون سؤالهم، ثم يقدّمون كتاباً أو بطاقة تذكارية مع وصل بقيمة 6500 ليرة لطالب الخدمة رغم أنهم دفعوا ما بين 20 ألف ليرة و30 ألف ليرة... أثار هذا الأمر استغرابهم، فلماذا لا يسجّل المبلغ المأخوذ كاملاً على الوصل؟
نظام عمل واختصاص
الشركة يتضمن خدمات المبيعات بالتجزئة والترويج


طبعاً، ما خفي على الطلاب، كان واضحاً لدى بعض موظفي «ليبان بوست» الذين أوضحوا أن الأمر ينطوي على خدعة واحتيال لأن «نظام عمل واختصاص الشركة كما هو مبيّن على موقعها الالكتروني يتضمن خدمات المبيعات بالتجزئة والترويج.
ومن ضمن هذه المبيعات هناك كتب، بطاقات بريدية، بطاقات معايدة، بعض الأكسسوارات المكتبية... وقد فرضت إدارة ليبان بوست على موظفيها بيع هذه السلع في سياق تقديم باقي الخدمات، ولم تفرض أي قيود تتعلق بالمستهلك والشفافية في الفصل بين هذه السلع والخدمات المتعلقة بالعقود المعروفة تحت اسم الخدمات الحكومية، لا بل كان هناك تشجيع على ألا يجري هذا الفصل من أجل زيادة المبيعات».
هكذا أصبحت قيمة الإيرادات الإضافية التي تحققها ليبان بوست من علاقتها مع طلاب الجامعة اللبنانية تتجاوز 3.5 مليارات ليرة. أما رئيس الجامعة عدنان السيد حسين، فقد علق لـ«الأخبار»: «الطلاب يبالغون، أما الصحافة، فتلاحق الجامعة على 2000 أو 3000 ليرة إضافية».