هل هو الماراتون وتأخير التئام الجلسة الأخيرة لمندوبي رابطة أساتذة التعليم الثانوي إلى ما بعد الظهر كانا فعلاً وراء إحجام المندوبين عن المشاركة في الجلسة؟ أم أنّ هؤلاء أرادوا تسجيل موقف من أداء هيئة التنسيق النقابية في حراك سلسلة الرتب والرواتب؟أمس، لم يناقش مشروع التقرير الإداري للرابطة سوى 50 مندوبا ومندوبة من أصل600 مندوب في كل المناطق، في خطوة أدرجها البعض في إطار اليأس والإحباط من الحراك الأخير.

هؤلاء عتبوا على الهيئة الإدارية للرابطة لكونها لم تصدر أي تقويم توضيحي لما حصل، فيما حمّلها آخرون مسؤولية الوصول إلى هذه النتيجة لكونها قررت ربط مطالب أساتذة التعليم الثانوي بمطالب المكونات الأخرى. أحدهم ذهب إلى القول: «السياسيون انتصروا علينا». لكن لرئيس الرابطة حنا غريب رأي مغاير. بالنسبة إليه، يملك أساتذة التعليم الثانوي من الوعي النقابي ما سيجعلهم يصمدون لمواصلة المعركة على قاعدة «لست مهزوماً ما دمت تقاوم»، باعتبار أن النواة الصلبة لا تزال موجودة، من دون أن ينكر أننا «خسرنا جزءاً من تعاطف الرأي العام مع قضيتنا، ولا سيما في محطة الامتحانات الرسمية»، ليستدرك أن التحرك كشف الأوراق المغطاة لجهة التهديد المستمر بخصخصة الامتحانات وإلغاء «رسمية» الشهادة.
أقر غريب بأننا «لم نصدر بياناً تقويمياً بمستجدات التحرك لأننا لم نستطع أن ندوّر الزوايا مع باقي مكونات هيئة التنسيق»، لذا فقد طلب من المندوبين الحاضرين أن يكون مشروع التقرير الإداري الذي يوثق بالوقائع والأرقام برنامج عمل الرابطة وموقفها من التحرك على مدى سنتين، بمثابة ورقة تعرض على الجمعيات العمومية في الثانويات لجمع ملاحظات القواعد.
وعن طرح المندوبين الانفصال عن باقي الروابط المكونة لهيئة التنسيق، رأى غريب أن الفصل ليس الحل، إنما الوعي النقابي يقتضي منا أن نظهر حقوقنا التي لا تخضع للمساومة كقطاع تعليم ثانوي مقارنة بحقوق الآخرين في التعليم الأساسي والإدارة العامة والجامعة اللبنانية.
غريب رأى أن المقارنات تحفظ الحقوق، فيما الفصل خيار غير منطقي، ولا سيما ان القضايا المهمة والمصيرية والمشتركة مع باقي القطاعات تحتاج إلى إطار نقابي يحميها، فالقطاع العام يواجه في المشروع الأخير للسلسلة خطة متكاملة ممنهجة لضربه من خلال تمرير مواد قانونية في العتمة، أبرزها: وقف التوظيف والاستمرار في التعاقد (المادة 21)، المس بالمعاش التقاعدي (المادة 29 )، وضع نظام موحد للتقديمات الاجتماعية خلال مهلة سنة من صدور قانون السلسلة (المادة 31)، إعادة النظر في سياسة دعم ومساهمات الدولة في الصناديق في مختلف القطاعات لجهة الإلغاء كلياً أو جزئياً (المادة 33 )، تقويم أداء الموظفين بعيداً عن أجهزة الرقابة، أي التفتيش ومجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة (المادة 34)، والضرائب على القيمة المضافة، وغيرها التي تطاول ذوي الدخل المحدود.
غريب لوّح بأنّ التعليم الثانوي مهدّد بإلغاء كيانيته وهويته التربوية وموقعه الوظيفي، تارة عبر إلغاء اشتراط شهادة الماجستير وتخفيض درجة الاستاذ عند تعيينه، وطوراً عبر إفراغه من الكادرات بتحويلهم إلى مديرية الإرشاد والتوجيه واستبدالهم بمتعاقدين ليدخل هذا العام بين 1500 إلى 2000 متعاقد. وكشف أنّ الرابطة ضغطت باتجاه أن يرسل وزير التربية كتاباً إلى مجلس الخدمة المدنية لتسريع إجراء المباراة المفتوحة لتثبيت 1223 أستاذاً، على أن يتلازم ذلك مع مشروعي قانونين، يتعلق الأول بإنصاف المتعاقدين الذين تجاوزوا السن، والثاني بالأساتذة الناجحين الفائضين في عام 2008 ولم يعينوا حتى الآن.
الأساتذة طلبوا أن يكون وزير التربية مرجعية للجيش الثاني أي المعلمين تماماً كما فعل وزير الدفاع عندما ضغط للمطالبة بحقوق العسكريين.
لم تملك الهيئة الإدارية جواباً عن أسئلة المندوبين في ما يخص الخطة المستقبلية للتحرك، فالجميع مشغولون الآن بالإعداد للانتخابات التي تبدأ في مرحلتها الأولى مع اختيار المندوبين في 24 الجاري، إلاّ أنّها أعلنت أنّها ستحمي كل أستاذ شارك في التحرك وخصوصاً بعدما دار كلام في أروقة وزارة التربية عن أنّه سيجري الاقتصاص من أعضاء لجان الامتحانات الرسمية الذين خضعوا للقرار النقابي.
لم يعلّق غريب على الطرح الذي نقلته إحدى المندوبات عن سبب عدم انخراط هيئة التنسيق في الحراك المدني ضد التمديد لمجلس النواب. تهامس البعض بأن ذلك سيقسمهيئة التنسيق، وعلقت إحداهن: «من وقف معنا من الحراك المدني لنقف معهم؟ وإذا كان لا بد من تحرك ضد التمديد فيومها كان علينا أن ننظمه على نحو منفرد!».