نعم، طوني بينيت (1926) الرجل المخضرم الذي كان صغيراً عندما ولدت هذه الأغنية والذي له تاريخ من الإنجازات واللقاءات الموسيقية في غناء الجاز وغيره، تعاون مع الفنانة المعاصرة جداً والمثيرة للجدل، في آخر ألبوماتها وهو بعنوان ”Cheek to Cheek“. لكن، لحسن الحظ، وكما هو متوقّع، اللايدي هي التي رضخت لشروط العم طوني الفنية وليس العكس. فالنتيجة فعلاً أكثر من جيدة، والمرافقة الموسيقية، في الأغنية التي نحن بصددها اليوم (كما في غيرها من الكلاسيكيات التي حواها الألبوم)، ممتازة.

أساساً هناك عودة عالمية إلى العمل الجاد على الموسيقى في استعادة الربرتوار القديم والأمثلة، إذا عدنا سنة فقط إلى الوراء، كثيرة.

على أي حال، التسجيل الذي اخترناه للجزء الأول من هذه الحلقة هو الذي أنجزه ديوك إلينغتون مع فرقته التي كانت قد وصلت إلى ذروتها في الأداء والشهرة. نحن في عام 1943.


2- … في الجزء الأول من الحلقة كنّا في عام 1943 وتحديداً في الأول من كانون الأول/ديسمبر. التسجيل، كما سمعتم، كلاسيكي، يعبِّر بشكل واضح وأمين عن السوينغ الذي دعا العالم إلى الرقص، تماماً كموسيقى الـPop، لكن من زاوية موسيقية مختلفة تماماً. حسناً… ماذا يحدث إن سلّمنا هذه الأغنية إلى ستة مجانين؟ ستة شياطين. ستة وحوش كاسرة. ستة عمالقة كلٌ ملكٌ على آلته. كيف تتحول هذه الأنغام الواضحة والبريئة إن دخلت، بعد عشر سنوات فقط (9 كانون الأول/ديسمبر 1953) إلى مصنع ”إعادة تدوير“، فيه ستة أدمغة متّقِدة محترفة في التطوير والتغيير. ستة ”مشعوطين“ همّهم الوحيد أن تخرج هذه الأغنية من عندهم بالشكل الذي لا تتعرف فيه هي إلى نفسها. طبعاً أول ما يجب التخلّي عنه هو النص الشعري… فمقاربة كهذه لا تستوعب صوتاً بشرياً. إنها حفلة جنون أبطالها ديزي غيلسبي (ترومبت / الصولو الأول والمبارزة مع الساكس في القسم الأخير)، ستان غتس (تينور ساكس / الصولو الثاني والمبارزة مع الترومبت في القسم الأخير)، أوسكار بيترسن (بيانو / الصولو الثالث)، هيرب أليس (غيتار / مرافقة فقط)، راي براون (كونترباص / الصولو الرابع) وماكس روتش (درامز / الصولو الخامس).

باختصار، الفرق بين ”الأولى“ و”الثانية“ هو الفرق، في الجاز، بين السوينغ والـ”Be-Bop“ (أو فرعه ”الأعنف“ المسمى ”Hard-Bop“)… وكما للسوينغ قواعدٌ تضبطه، كذلك للـ”Bop“ ضوابطه ولو بَدَت ملامح ”الحرية“ عليه.

ملاحظة: لكي يدرك المرء، فعلاً، الفرق بين هاتين النسختَين من هذه التحفة ما عليه سوى الرقص على أنغام الأولى (علناً) ثم الثانية (سراً)!