تمايز حزب الكتائب عن حلفائه في قوى 14 آذار ليس جديداً. الجديد، ربما، أنه يزداد تمايزاً. بون شاسع بين التحفظ على ذكر المقاومة في البيانات الوزارية ورفض وجود «سيادة ثانية» على الأراضي اللبنانية، وبين اقتراح تكليف حزب الله التفاوض لاطلاق العسكريين المخطوفين في جرود عرسال بعد نجاحه في التفاوض على تحرير أسيره عماد عياد، كما أن الفرق كبير بين مناقشة الرئيس أمين الجميل مع «المجلس الوطني السوري» المعارض في إسطنبول، قبل عامين، دور المسيحيين في «الثورة السورية»، وعدم ممانعة، اليوم، «أي اتصال بين لبنان والحكومة السورية لحل الملفات العالقة»، بحسب ما قال وزير العمل سجعان القزي أمس. فما الذي عدا ممّا بدا؟
فتّش عن الرئاسة. لا يستطيع الرئيس الجميل «هضم» عدم تبنّي فريقه السياسي ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وهو الذي لا يوفّر اطلالة من دون الاشارة الى تدني حظوظ كل من العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الوصول الى قصر بعبدا. مبادرة عون الأخيرة بحصر المبارزة الرئاسية بينه وبين جعجع وترحيب الأخير بها زادت من انزعاج «العنيد». وبما أن الموسم «موسم حوار» مع حزب الله، فليكن، وليسبق الكتائب حليفه المستقبل الى ذلك. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن محاولة الحوار الأولى قام بها النائب ايلي ماروني، الذي التقى النائب محمد رعد في مبنى مكاتب نواب حزب الله في الضاحية الجنوبية. أما المتابعة، فكانت بين الوزير القزي والنائب علي فياض، وقد عقدا لهذه الغاية لقاءات عدة.
القزي : الحوار
جدّي ولا فيتو على التواصل مع سوريا



يؤكد قزي في اتصال مع «الأخبار» أن «الحوار قائم بين الحزبين، وهو جدي». أما سبب التكتم عليه، «فلأننا نبحث القضايا بعمق»، مؤكداً أن «حوارنا لا يشمل أموراً انتخابية، بل أموراً تتعلق بمصير لبنان ووجودنا وكيفية بناء الدولة واستيعاب الجميع». يتمنى قزي أن ينضج الحوار ويصل الى نتيجة، «لما لهذا الأمر من انعكاسات ايجابية على الشراكة الوطنية». ويشدد على أن الكتائب في حوارها مع الحزب «تنطلق من ثوابتها ومبادئها، وهي لا تطلب من الطرف الآخر التخلي عن ثوابته أو المساومة على شيء». من جهتها، ترفض مصادر حزب الله الغوص في تفاصيل الموضوع، ولكن «لا ننفي وجود حوار مع الكتائب».
أما الانفتاح على دمشق، وقول الجميل في مقابلة أخيراً إن «التنسيق مع النظام السوري حالياً هو مصلحة لبنانية ملحة»، فلا يرى فيه القزي «انفتاحاً. ما نقوله، ببساطة، أنه يجب ألا نضع فيتو على التواصل بين البلدين اذا كان الأمر ضروريا للافراج عن العسكريين المخطوفين وتهدئة الحدود ومعالجة أزمة النازحين السوريين». ويشير الى «أننا، حتى الساعة، لم نلحظ تجاوباً سورياً. كل ما تبغيه هذه الدولة هو الحوار من أجل كسب الاعتراف بنظامها. والحوار لا نريده اذا لم يمثل ضرورة للبنان». ويشير الى أن «الاتصال أساسا لم يتوقف بين الدولتين، سواء من خلال السفارتين، أو بين أجهزة الاستخبارات في البلدين».
ينفي وزير العمل أن يكون الكتائب في صدد اعادة التموضع السياسي. يؤكّد: «باقون في 14 آذار»، و«لا تمايز في المواقف بيننا. فنحن لم نطرح أي جديد»، إذ إن «التمايز يكون حين نحيد عن مبادئنا لا عن مواقف الآخرين» أما قرارات حزب الكتائب، فتُتخذ «انطلاقا من مسيرتنا التاريخية. غالباً ما تتفق مع حلفائنا، وأحيانا نلتقي مع قوى أخرى»، يبتعد الكتائب عن وصفها بـ «الخصمة». أما مبادرة عون الرئاسية، وما أثير عن انزعاج الجميّل منها، فيؤكّد قزي أن «مواقف الرئيس ثابتة منذ سنوات، لذلك لا يمكن نسج تحليلات في شأنها».