ما إن جرى تناقل معلومات صحافية عن أن زوجة العسكري المخطوف لدى جبهة «النصرة» علي البزال تبلغت من الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) أنه رفع يده عن التوسط لزوجها المهدد بالقتل، حتى شهدت قضية الأسرى المخطوفين في جرود عرسال تطورات دراماتيكية، حبست خلالها الأنفاس، بعدما هدّد الخاطفون بإعدام البزّال وأسير آخر لم تحدّد هويته. وبدا أن التهديد هذه المرة أكثر جدية، إذ قال مصدر وزاري لـ»الأخبار» إن «الوضع سيئ جداً... وإن شاء الله توقف على أسيرين»، مشيراً إلى أن «خلافاً على الأثمان» في المفاوضات أدّى إلى تعقيد الوضع، ولافتاً إلى «أننا نجري محاولات أخيرة».
ونفى الحجيري تلقيه أي تفويض رسمي من الحكومة ليكون وسيطاً في ملف العسكريين المخطوفين، مؤكداً أن «رئيس الحكومة تمام سلام شدد على أن المفاوض الأساسي هو اللواء عباس إبراهيم والوسيط القطري». وأوضح أن «دوره برز أخيراً بعد تهديد جبهة النصرة بقتل البزال، فحصل تنسيق مع الوزير أبو فاعور لإعطاء المفاوضات فرصة جديدة». ونفى حصول أي لقاء بينه وبين الوسيط القطري، لافتاً إلى أن دوره في الملف ليس الأول، ومذكراً بأنه قام بدور الوساطة في عدد من الملفات السابقة، قائلاً إن «الوضع الميداني على الحدود يستدعي التعامل بواقعية»، و«نفى تعهد الخاطفين بعدم الإقدام على قتل العسكريين المخطوفين».
وما إن أُعلن تهديد الخاطفين، حتى قطع الأهالي طريق الصيفي في الاتجاهين، وأشعلوا الإطارات أمام السرايا الحكومية. كذلك قُطع طريق عام بعلبك ــــ حمص في بلدة البزالية وأوتوستراد القلمون في الشمال. وفيما أعلن الأهالي أنهم سيتوجهون إلى عرسال لتحرير أبنائهم في حال تعرُّض أي عسكري لمكروه، صدر بيان باسم «شباب آل البزال» هدّد بـ»أنه لن يكون أحد في منأى عن الثأر إذا ما أصاب البزال مكروه». وأضاف البيان: «لن نرحم ولداً أو امرأة أو شيخاً من عرسال أو أي سوري (...) ولا تجربونا». وحمّلوا الحجيري مسؤولية كل ما يجري.
«النصرة» طلبت عشرة سجناء مقابل أسير والحكومة وافقت على خمسة



أحد المشايخ المقربين من «جبهة النصرة» قال إن «الجرة كسرت» مساء أمس بعد «تملص الحكومة من الاتفاق». وقالت المصادر: «ألزمناهم بما ألزموا أنفسهم، لكنهم تنصلوا»، وعزت التأزّم المفاجئ إلى «فركشة المفاوضات» التي بدأت مع إرجاء إعدام البزّال ليل الجمعة الماضي وصدور بيان الحكومة حول «التفاوض المباشر». وأشارت إلى أن وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي كان يتابع المفاوضات تعهد بالتجاوب السريع، موضحة أن «جبهة النصرة» طلبت مبادلة عشرة سجناء بأسير واحد، فيما عرضت الحكومة اللبنانية إطلاق ثلاثة سجناء، ثم وافقت على رفع الرقم إلى خمسة أمام إصرار «النصرة». ونقلت أوساط «الجبهة» أن أميرها أبو مالك التلي، كان قد اشترط لإرجاء إعدام البزّال إطلاق سراح عشرة سجناء قبل مساء الاثنين (أمس)، ورغم أنه لم يجرِ إعلان ذلك، إلا أن هذا ما جرى الاتفاق عليه ضمناً مع مفاوض الحكومة أبو فاعور». واعتبرت أن عدم التزام هذه المهلة يعبّر عن «استمرار الحكومة اللبنانية في المماطلة».
وفي غضون ذلك، أفادت معلومات «الأخبار» بأن الوسيط القطري، السوري أحمد الخطيب، عاود الدخول على خط التفاوض مجدداً، عارضاً دفع مبالغ مالية إضافة إلى السجناء الذين ستتركهم الحكومة اللبنانية.
مصادر وزارية أعربت لـ»الأخبار» عن استيائها من طريقة إدارة الملف، وغمزت من قناة الوزير أبو فاعور «الذي يفاوض وحده». وقالت إن الخاطفين «سيواصلون التلاعب بأعصاب الأهالي طالما أن التعامل معهم يخضع لابتزازهم».
من جهته، رأى النائب وليد جنبلاط أنّ «من الغريب أيضاً كيف تظهر بعض الأوساط الوزاريّة ضيقها بالمجهود الذي يقوم به الحزب التقدمي الاشتراكي في ملف العسكريين المخطوفين، وكأن المطلوب عدم تقديم المساعدة لإنهاء هذه القضيّة التي ترقى إلى مستوى المأساة الوطنيّة». وأكد في مقاله الأسبوعي في صحيفة «الأنباء» الإلكترونية أنه «ليس المطلوب تعطيل أوراق التفاوض، بل توحيدها وتجميعها بغية الوصول إلى الهدف المنشود، وهو تحرير العسكريين المخطوفين».
من جهة أخرى، كشفت المعلومات الأمنية أن استخبارات الجيش أوقفت أربعة مشتبه فيهم من الجنسية السورية على سطح مبنى قديم مؤلف من أربع طبقات في زاروب أم شكور في ساحة أبو شاكر في الطريق الجديدة أمس. وأشارت المعلومات إلى أن القوة المداهمة ضبطت أربعة كمبيوترات محمولة وجهاز «آيباد» في حوزتهم. وتبيّن من مضمون الأجهزة ما يثبت ارتباط الموقوفين بجماعات متشددة.