بعد شلل متواصل لمدّة ثلاثة أشهر، عاد مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى الاجتماع مجدداً. هذه المرّة كان جدول الأعمال مختلفاً جداً عن النقاشات الجارية. فمن خارج جدول الأعمال، «أنجز» المجلس مجموعة قرارات تقضي بفتح باب التوظيف في الضمان على مصراعيه من خلال العودة إلى نظام المياومين.
قبل يومين، عقد مجلس إدارة الضمان جلسة لدرس جدول أعمال يتعلق ببعض القضايا الصحية والإدارية، إلا أن المدير العام للصندوق محمد كركي، تحدّث في مطلع الجلسة عن قرب انتهاء المدّة الزمنية لنتائج الناجحين في مباريات الكتبة وعددهم 103 أشخاص، علماً بأن الإدارة استدعت بينهم 10 ناجحين وبقي 93 شخصاً. وطلب كركي تمديد المهلة الزمنية لفترة سنة واحدة.
كلام كركي جاء على خلفية الاتصالات التي جرت بين مختلف المعنيين بهذا الملف خلال الفترة الماضية. فقد كان ملف التوظيف في الضمان محور النقاش الدائر بين وزير العمل سجعان قزّي الذي يمثّل سلطة الوصاية على الضمان، وبين باقي الأطراف السياسية المهيمنة على الضمان والممثلة في مجلس الإدارة مباشرة أو بالوكالة. كان قزّي يتحدث عن وجود عدم توازن طائفي بين أعداد الناجحين في المباريات التي أجريت لإدخال موظفين إلى الضمان، وكان يشير إلى أن أكثر من نصف الناجحين هم من الشيعة، رغم أن مكاتب الضمان في الجنوب فيها فائض كبير، وأن مكاتب الضمان في الشمال، أي حيث يكون التوظيف من السنّة والمسيحيين عموماً، فيها نقص هائل في أعداد الموظفين، وأنها باتت شبه فارغة. يومها، طرح قزّي معادلة «التوظيف لكل منطقة» بهدف إنجاز صفقة تكبح التوظيف الشيعي لمصلحة التوظيف السنّي ــ المسيحي، مبرراً طرحه بضرورة إعادة التوازن الطائفي بين الوظائف.
وعلى وقع اعتراض أحد أعضاء مجلس الإدارة على مشروع الصفقة المطروحة، طارت الجلسة ومدّدت لليوم التالي، أي يوم أمس الجمعة. وفيما كان بعض أعضاء مجلس الإدارة غير واثقين من وجود «صفقة»، أظهروا الودّ والانسجام الذي ساد بين أعضاء المجلس أن الصفقة أنجزت، وخصوصاً بعد تدخل مباشر من مسؤول المكتب العمال لحركة أمل علي حمدان، وقد ربط بعض الخبثاء بين هذه الصفقة وبين زيارة الرئيس أمين الجميّل للجنوب. واكتمل الأمر عندما وافق أعضاء المجلس على سلّة من ثلاثة قرارات تتعلق بإعادة العمل بنظام المياومين والتوظيف من خلال هذا النظام في الوظائف الشاغرة، وتمديد العمل بمدّة نتائج مباريات الناجحين، وتوسيع ملاك الفئة السادسة...
هكذا، أصبح بإمكان قزّي والمدير العام محمد كركي ورئيس اللجنة الفنية سمير عون وبعض أعضاء المجلس النافذين، توظيف من يريدون في الضمان من خلال نظام المياومين. واللافت أن هذه الجلسة أعادت ذاكرة بعض أعضاء المجلس إلى التوظيف العشوائي من خلال التعاقد، وخصوصاً أن إحدى المتعاقدات بوظيفة مترجمة، حصلت بقرار إداري واحد، على زيادة راتب من 30 مليون ليرة سنوياً في عام 2012 إلى 42 مليوناً في عام 2014. الضمان يحتاج إلى موارد بشرية كفوءة، لا إلى زبائنية التوظيف السياسي.