كيف يتحول حزب الله من مشكلة الى حل، وكيف يمكن الجمهور اللبناني إعطاؤه شرعية رغم تدخله في سوريا؟ كيف يتحول الحزب من تهديد الى مصدر استقرار رغم التجاذب الطائفي في هذا البلد؟ هذه الاسئلة وغيرها، كانت مدار تحليل وتقويم لدى مركز ابحاث الامن القومي في تل ابيب، توطئة لتقدير مكانة الحزب ودوره في المستقبل وكيفية مواجهته.وتحت عنوان «المشكلة هي الحل... المخاوف اللبنانية في خدمة حزب الله»، صدرت نشرة «مباط عل» (نظرة عليا) محذرة من وجود اشارات واضحة على انتعاش مكانة حزب الله وشرعيته في لبنان، الأمر الذي يثير قلق إسرائيل وخشيتها.

عادت النشرة الى ما قبل ثلاثة اعوام، حين بدأت، بحسب تعبيرها، تسري شائعات في لبنان حول مشاركة حزب الله الى جانب النظام السوري، الا انه في عام 2013، خرج (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله ليعترف بأن رجاله يحاربون بالفعل في سوريا، وقد اعتبر اللبنانيون ذلك، سبباً في تأجيج الحرب والتسبب بكارثة للبنان. اضيف الى ذلك تداعيات عملية «بورغاس» في بلغاريا ضد اسرائيليين، تبعها إعلان الاتحاد الاوروبي ان الذراع العسكري للحزب تنظيم ارهابي، وبدء اعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وهو ما أدى الى تراجع مكانة حزب الله التي حصل عليها عام 2006، اذ حل مكانها الانتقاد واتهام الحزب باستجرار الحرب في سوريا الى لبنان.
عززت نجاحات
الحزب في القصير والقلمون مكانته وتجربته العسكرية

ولكن، تضيف النشرة، عززت النجاحات التي حققها حزب الله في سوريا في ايار/حزيران عام 2013 عقب معركة القصير، الخط الايراني السوري. واضيف اليه لاحقاً نجاحات في جبال القلمون، أكسبت الحزب مكانة وتجربة عسكرية غنية. ومن حينه يحصد الحزب نجاحات متتالية وانجازات في الاراضي السورية. مع ذلك، تعقب النشرة، لم تستطع المكاسب العسكرية اقناع الجمهور في لبنان بأن مشاركته في الحرب الدائرة هناك ضرورية لأمن اللبنانيين، الى ان جاء التهديد السلفي من سوريا وظهر في لبنان مؤيدون له. وإثر الأحداث الأمنية الخطيرة في بيروت وتوسع تنظيم داعش في سوريا والعراق، زادت شعبية «داعش» اضافة الى اتساع تأييد جبهة النصرة المحسوبة على تنظيم القاعدة.
وأوردت الدراسة أن خطف الجنود اللبنانيين من عرسال بالاضافة الى مواجهات طرابلس، اوضحت للبنانيين مدى الخطر المحدق بهم وتحول حزب الله من مشكلة الى عامل اساسي في مواجهة الاخطار. بل ويتطلع كثير من اللبنانيين الى حزب الله بيأس ويأملون ان ينقذ الدولة. على هذه الخلفية، تضيف النشرة، يظهر حزب الله ثقة زائدة بالنفس ويتحدث مسؤولوه عن واجب الدفاع عن لبنان، من دون ان يهمل دوره الرئيسي في حماية البلد من اسرائيل.
لكن ما هو موقف اسرائيل ومصلحتها مما يجري ومن تحول مكانة حزب الله؟ تشير الدراسة الى ان الحزب هو مرآة لاحداث المنطقة، وتحديداً في سوريا والعراق، الدولتان التي جرى استهدافهما في بداية الصراعات وتحولتا لاحقاً من هدفين الى شريكين محتملين لدول الغرب لمواجهة التهديد الاكبر: التنظيمات الارهابية.
مع ذلك، تنوه النشرة الى انه لا يمكن القول إن حزب الله استطاع تجنيد تأييد واسع في اوساط الجمهور، بل يجب أن يحدث الكثير لتقديم نفسه بصورة المنتصر. لكن يمكن الاشارة الى ان الحزب هو الجهة الاكثر استقراراً في بلاد الارز والجمهور اللبناني يمكن ان يعتمد عليه لمواجهة التهديدات. وتختم الدراسة بالتطرق الى الحوار المرتقب بين حزب الله وتيار المستقبل الذي سيبدأ بعد أيام لافتة الى أنه اذا استطاع حزب الله ان يفرض انتخاب حليفه العماد ميشال عون، فهذا يعني انه دخل قلب الاجماع الوطني وسيسترجع مكانته كمدافع غير رسمي عن لبنان، عندها ستضطر اسرائيل الى دراسة اعتبارات الحزب من جديد، ودراسة استعداده للمواجهة العسكرية في المستقبل.