«اسقوا لي الورود والشجر الصامد في الحديقة. قد يخفف ذلك شيئاً من بحر خطاياكم» بهذه الكلمات علّقت الإعلامية السورية علا عباس (الصورة) على خبر استيلاء المخابرات الجوية على منزلها، بعدما أوردت بعض المواقع الإلكترونية المعارضة للنظام السوري تفاصيل الخبر الذي يفيد بملاحقة السلطات السورية نهجها التعسفي ضد بعض الشخصيات المعارضة التي يعتبرها متآمرة عليه. ونقلت تلك المواقع شهادات نسبتها لقاطني حي «الجمعيات» في مدينة «جرمانا» (جنوب دمشق) أكدت حصول العملية، وأوضحت بأنها تمت حسب تعليمات صدرت من الضابط المسؤول في المنطقة بناء على قرار رسمي بذلك.
علماً بأن هذا المنزل الثاني لعلا عباس الذي يتم الاستيلاء عليه من قبل أجهزة المخابرات السورية بعد إعلانها الانشقاق عن التلفزيون السوري، وانضمامها للثورة نتيجة لإمعان النظام في ارتكاب المجازر على حد تعبيرها. ونشرت في تموز (يوليو) 2012 صوراً عن مجزرة التريمسة (ريف حماة) على صفحتها على فايسبوك، وأتبعت ذلك بتعليق مفاده «أنّها لن تدخل مؤسسات الدولة الرسمية طالما أنّ هذا النظام الطاغية موجود، وهي التي يفرض عليها أن تسبّح وتحمد باسمه». ظهرت بعد ذلك ووراءها العلم السوري ذو النجوم الثلاث (علم الانتداب الفرنسي) لتعلن انشقاقها عن نظام «أفرط في العنف» وفق ما قالت، ثم سافرت إلى فرنسا لتستقر هناك وسجلت حضوراً إعلامياً من خلال لقاء أجرته مع قناة BFM TV الفرنسية ثم أصدرت كتاباً باللغة الفرنسية بعنوان «منفية» أتبعته بنسخة عربية بعنوان «ثورة امرأة». وروت في العمل تجربتها مع الإعلام الرسمي وحالة الكذب والتزوير التي يغرق فيها، وقد ساهمت الظروف بأن تكون شاهدة عليها، كما يسرد العمل وقائع انشقاقها وهربها إلى بيروت ومن ثم إلى فرنسا... ومع توسع رقعة الإرهاب في سوريا، انتمت عباس إلى خط معتدل من دون أن تقع في شرك التطرف وإلغاء الآخر.
وبالعودة إلى خبر الحجز على منزلها، فقد سبق أن تعرضت الممثلة السورية مي سكاف للسلوك ذاته وتذرّعت الجهات الأمنية يومها بأنها تنفذ قراراً رسمياً! لكن سرعان ما تبين أن هذا مجرد افتراء وغالبية المواضيع المشابهة تحدث نتيجة قرارات متنفذين لا أحد يحاسبهم في ظل الفوضى العارمة التي تشهدها دمشق. وقد تكرر الأمر مع الإعلامي السوري توفيق الحلاق. ورغم أنه صدرت قائمة طويلة بأسماء معارضين سوريين من بينهم الكاتبة ريما فيلحان، تمت مصادرة أملاكهم لكن القائمة لم تحو اسم مي سكاف أو توفيق الحلاق أو علا عباس. في هذا السياق، لم نجد رداً رسمياً أو إجابة شافية من مصادر مسؤولة في سوريا توضح سبب هذه الإجراءات القمعية بحق شخصيات لم تحمل سلاحاً، ولم تملك إلا رأياً وفكراً وقد غادرت غالبيتها سوريا منذ أشهر طويلة.
من جهتها، صرّحت عباس لـ «الأخبار»: «سوريا بيتي الكبير وعندما نعود ستكون سوريا لكل السوريين، ومن المؤكد عندها سيعود بيتي لي. لكن هذا السلوك بسلب بيوت المعارضين المعتدلين هو أكبر تأكيد على أنّ مشكلة النظام ليست في مواجهة التطرف، بل مع الأشخاص الذين يهدفون إلى الحرية الحقيقية والعدالة». من جانب آخر، تضيف الإعلامية السورية: « من الغريب أن يستمر النظام في هذه الممارسات في الوقت الذي يدعو فيه إلى الحوار والمصالحة. من المفترض أن العدو الأكبر له اليوم هو «داعش»، لكن ممارسته على الأرض تقول بأن الإعلاميين والفنانين هم أعداؤه الحقيقيون. على العموم ليأخذوا البيت، لكن لعل قلوبهم تتذكر سقاية زرعه».