قررت الطالبة ميشيلا الهبر أن تطلق صرخة لإعادة الاعتبار إلى القوانين التي تعطي الطالب حقوقه الدنيا. تقدمت بشكوى ضد إدارة كلية الصحة في الجامعة اللبنانية بسبب امتناع الأخيرة عن منحها مستنداً يثبت حيازتها الإجازة الجامعية، رغم حصولها على عدد الأرصدة المطلوب (180 رصيداً) لتصنيفها كطالبة مجازة. رفعت الشكوى إلى رئاسة الجامعة اللبنانية ومجلسها، لكن لا جواب عليها بعد.
كانت ميشيلا قد طلبت الحصول على «افادة» بنيلها الإجازة من قسم شؤون الطلاب في الفرع الثاني من الكلية، بعد أن أنهت السنوات الدراسية الثلاث. لكن مديرة الفرع الثاني في الكلية نزهة الخوري أعطتها إفادة تقول إنها أنهت ثلاث سنوات دراسية، لكنها تحتاج إلى دراسة سنة رابعة إضافية لتحصل على شهادة الدبلوم Diplome de maitrise في العمل الصحي الاجتماعي، وشرح لها الموظفون أنه لا يمكن إعطاؤها إفادة بنيلها الإجازة حتى ولو حصلت على الأرصدة المطلوبة. هذا الردّ دفع ميشيلا إلى الاطلاع على القوانين والأنظمة الجامعية، للتأكد مما إذا كان هنالك ما يمنعها فعلاً من الحصول على إجازة بعد ثلاث سنوات من الدراسة والأعمال التطبيقية.
أعادت الطالبة طلبها، لكن خطياً هذه المرة، وضمّنته المواد القانونية التي تكرّس حقها في الحصول على الإجازة. فالجامعة اللبنانية، تعتمد نظام التدريس الفصلي (LMD) وفق المرسوم 14840 الصادر في 28 حزيران 2005 والمرسوم 2225 الصادر في 11 حزيران 2009. وينص نظام الشهادات المنصوص عليه في المادة الخامسة من المرسوم 2225 على أن الجامعة تعد طلابها لنيل ثلاث شهادات: الإجازة والماستر والدكتوراه. فيما تنص المادة السادسة على أن «شهادة الإجازة تتكون من مئة وثمانين رصيداً (180) موزعة على ستة فصول دراسية بمعدل ثلاثين رصيداً في الفصل الواحد، ...»، وأن نيل الإجازة قد يمتد حتى 5 سنوات، حتى تأمين مجموع الأرصدة المحدد بـ180 رصيداً.
الإجراء التعسفي، كما وصفته ميشيلا، يحرمها متابعة الماستر في الجامعات الأخرى

أضافت ميشيلا في الطلب الذي رفعته إلى عميدة الكلية نينا زيدان، أن المادة 26 من المرسوم 2225 يصنف شهادة الدبلوم في درجة «ما بعد الإجازة»، إذ تنص حرفياً: «إضافة إلى أحكام المادة الخامسة من هذا المرسوم، يمكن وحدات الجامعة اللبنانية، وفقاً للضرورات والمقتضيات المهنية، منح شهادة جامعية بعد الإجازة أو بعد الماستر تشتمل كل منها على ستين رصيداً…». فطالما أن شهادة الدبلوم تتطلب 60 رصيداً إضافياً، علاوة على الـ180 رصيداً المطلوبة للإجازة، فإن مرتبة هذه الشهادة تصبح بين الإجازة والماستر. من هذا المنطلق، ترى ميشيلا أن لها الحق في الحصول على إفادة بنيلها الإجازة تقدمها كمستند رسمي للجهات المعنية (جامعات، مؤسسات، شركات…) عندما تقتضي الحاجة.
الإجراء التعسفي، كما وصفته ميشيلا، يحرمها فرصة متابعة الماستر في مؤسسات التعليم العالي الخاصة داخل لبنان أو خارجه، التي رفضت الاعتراف «بورقة العلامات» التي أعطتها الجامعة، وطلبت مستنداً رسمياً يفيد بأنها مجازة من الجامعة اللبنانية، بحسب ما قالت لـ»الأخبار». إلا أن ميشيلا لا تحصر أهداف تقدّمها بالشكوى في هذا السبب، بل تسعى ـ كما تقول ـ إلى إحداث تغيير في نظرة الجامعة إلى طلابها والقوانين التي ترعى مصالحهم.
ردّت عميدة الكلية خطياً على الطلب المرفوع من قبل ميشيلا، مشيرةً إلى أن برنامج العمل الصحي الاجتماعي في الكلية يمتد إلى 4 سنوات مكوّنة من 8 فصول، ومستندةً إلى المرسوم 2225 أيضاً، وأن الكلية لا تستطيع أن تمنح الإجازة في ثلاث سنوات حفاظاً على المستوى التعليمي. بسبب ردّ زيدان السلبي، تقدمت ميشيلا بشكوى ضد الكلية لدى رئاسة ومجلس الجامعة، على اعتبار أن «المخالفة القانونية جسيمة وواضحة، ومن غير المنطقي أن يغضّ رئيس الجامعة وعمداؤها وممثلو الأساتذة النظر عنها»، تقول ميشيلا.
قالت العميدة في ردّها إن مقررات اختصاص العمل الصحي الاجتماعي توزع على أربع سنوات، تبعاً لأربعة أساليب تدخل: السنة الأولى (أسلوب التدخل الاجتماعي مع الفرد)، السنة الثانية (الأسلوب الزوجي والأسري)، السنة الثالثة (أسلوب المجموعات المصغرة)، السنة الرابعة (أسلوب الجماعات). لكن ميشيلا بيّنت، في نص الشكوى المرفوعة، أن هذا التقسيم يتناقض مع إفادة العلامات والمقررات التي حصلت عليها من الكلية. ولدى الاستفسار من أحد أساتذة الكلية، قال لـ»الأخبار» إن التقسيم الذي قدمته عميدة الكلية يعود إلى النظام القديم المعتمد في الكلية.
السند القانوني الذي تستعين به العميدة، هو المادة 26 من المرسوم 2225، التي تسمح «لبعض وحدات الجامعة، منح شهادات جامعية في الاختصاص»، وفقاً لخصوصية الكليات التطبيقية، ومنها كلية الصحة العامة. إلا أن ما لم تلتفت إليه العميدة، بحسب ما أشارت ميشيلا في شكواها، أن القسم الأول من المادة 26 نفسها ينص على أنه «... يمكن وحدات الجامعة اللبنانية، وفقاً للضرورات والمقتضيات المهنية، منح شهادة جامعية بعد الإجازة أو بعد الماستر تشتمل كل منها على ستين رصيداً…». وتضيف: «تصنف الشهادة التي تنوي الكلية أن تمنحني إياها، بعد إجباري على دراسة سنة إضافية، بأنها دبلوم وتتطلب 60 رصيداً إضافياً، علاوة على الـ180 رصيداً، أي إن ذلك يضع مرتبة هذه الشهادة بين الإجازة والماستر. لذا، لي الحق بحسب القوانين النافذة والمرعية الإجراء الحصول على شهادة إجازة». كذلك فإن عميدة الكلية تستند إلى «حق منح شهادات جامعية في الاختصاص»، إلا أنها لم تلتفت إلى أن هذه الشهادة تحدد في شروطها وتسميتها بقرار صادر عن مجلس الجامعة.
اتصلت «الأخبار» بالعميدة زيدان للوقوف على موقفها من الشكوى المرفوعة ضد كلية الصحة، فقالت إن الكلية لا تمنح شهادة الإجازة بتاتاً، في تناقض مع المستند الذي أرسلته مديرة الفرع الثاني إلى ميشيلا، وأوضحت زيدان أن الكلية تمنح «إجازة متخصصة» تحتاج إلى 4 سنوات دراسية. تردّ سبب ذلك إلى ضرورة الحفاظ على مستوى الشهادة. العميدة لا تنفي أنه خلال دخول الدفعة التي منها الطالبة ميشيلا، شرحوا للطلاب أن الإجازة تحتاج ثلاث سنوات (180 رصيداً)، إلا أن «الاختصاصيين» نصحوا إدارة الكلية بجعلها أربع سنوات.
اتصلت «الأخبار» بتربويين جامعيين أشاروا إلى أن الإجازة المتخصصة يمكن أن تمنحها الكلية، وقد تحتاج إلى 4 سنوات دراسية، شرط أن توزع الأرصدة الـ180 على السنوات الأربعة، لا أن يدرس الطالب 60 رصيداً إضافياً على الـ180 ليحصل على إجازته. فكيف يمكن طالباً أن يدرّس، مرغماً، 60 رصيداً إضافية، ليحصل على ما يفترض أن يحصل عليه في ثلاث سنوات؟