لم تخلص المفاوضات بين القوى النقابية الى إخراج التركيبة التوافقية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، فالنقاش بقي مفتوحاً على احتمالات شتى، مع استمرار شد الحبال لتقاسم الحصص الحزبية، واستبعاد النقابيين المستقلين، واختيار الرئيس.
الحديث عن توافق حزبي يؤمن تمثيل القوى، تبعاً لأحجامها، يطغى على أي توافق نقابي مبني على برنامج مطلبي. وتأكيد الأحزاب عدم وجود مشكلة على «توزيعة» أعضاء الهيئة الإدارية «إذا ما اعتمدت ذهنية التضحية»، كما تسميها، لا يحجب الخلاف على رئاسة الرابطة.
لم تحضر الرئاسة في اللقاء الأخير الذي عقد في مقر الحزب التقدمي الاشتراكي، أول من أمس، إلا من باب عرض وجهتي نظر، تقول الأولى (الحزب الشيوعي والتيار الوطني الحر) إن «التوافق يجب أن يكون نقابياً شاملاً للأسماء والمسؤوليات في الهيئة الإدارية وفي مكاتب الفروع في المناطق أيضاً». أما الثانية (حركة أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي) فتطرح تأجيل الحديث بالمسؤوليات، بما فيها الرئاسة، إلى ما بعد انتخاب الهيئة الإدارية لمزيد من التشاور. من جهته، يرى تيار المستقبل أن الاتفاق على الرئيس في الجلسة المقبلة التي تعقدها الأطراف، عند السادسة من مساء اليوم، في مقر التيار الوطني الحر، يذلل العقبات ويساعد في تدوير الزوايا.
لكن حتى تركيبة الهيئة الإدارية الجديدة كانت مثار أخذ ورد، إذ عمد كل من الأحزاب الأساسية إلى تكبير حجمه للحصول على أكبر تمثيل ممكن، لدرجة فاقت الحصص المطلوبة المقاعد الـ 18 في الهيئة بعد اشتراط الأحزاب الكبيرة أخذ 3 مقاعد لكل منها، ما يعني أنها أمام حلين: إما خفض تقديراتها أو رفع عدد أعضاء الهيئة الإدارية لتتماشى مع أرقامها. كل ذلك يأتي على حساب الاعتراف بالنقابيين المستقلين وزيادة حصتهم. في هذا السياق، لم تدع الأحزاب لجنة الحفاظ على موقع أستاذ التعليم الثانوي الرسمي إلى أي من اللقاءات التوافقية الموسعة، على «خلفية أننا نريد أن ننتهي من نغمة المستقلين، فلا أحد مستقل والكل مرتبط سياسياً (...) وبالتالي فإن كل حزب يستطيع أن يسمي هؤلاء الناشطين النقابيين». إلا أنّ رئيس اللجنة فيصل زيود يدعو إلى الاعتراف بأصوات غير أصوات المكاتب التربوية والاتفاق على البرنامج المطلبي وليس التحاصص الحزبي، كي تبقى الرابطة رافعة للعمل النقابي ورقماً صعباً في هيئة التنسيق النقابية. ما عدا ذلك، ترى اللجنة، بحسب زيود، أنها خارج التوافق وستتخذ الخطوات المناسبة في هذا الإطار.
أما الحزب الشيوعي فيطرح أن يكون التوافق منطلقاً من الهيئة الإدارية السابقة وتوسيع التمثيل للمستقلين والحزبيين الذين لم يكونوا ممثلين من قبل، مع أهمية أن يكون نقاش تمثيل القوى مرتبطاً بالأسماء الموجودة وحفظ حصة المستقلين. ولكن هذا ليس رأي حركة أمل، فالانطلاق من الهيئة السابقة يعني بحسب، نزيه جباوي، ترميماً، فيما نحن نجري انتخابات، وقد يكون هناك تغيير في الوجوه والمسؤوليات وقد لا يكون. ومع ذلك، يقول إننا «سنتمسك باللائحة التوافقية حتى آخر رمق، لكن يجب أن نعي أن الرابطة لا تتسع للجميع والمطلوب تمثيل القوى بأحجامها الطبيعية». يبدو جباوي مرتاحاً للأجواء التفاوضية للخروج برابطة توافقية تستكمل المعركة المطلبية وتؤمن حقوق الأساتذة. إلى ذلك، يرفض الحديث عن رئاسة الرابطة في هذه المرحلة وما إذا كانت الحركة سترشح رئيساً أو لا، «احتراماً لرأي الأعضاء الـ 18، وحقهم في اختيار الرئيس وتوزيع المسؤوليات في ما بينهم».
لا تقنع هذه النظرية خليل السيقلي (التيار الوطني الحر)، «فالمنطق يقول إنّ أعضاء الهيئة الإدارية سيكونون ممثلين للأحزاب، وبالتالي سيزودون بالتفاهم الذي حصل بينها، ما يعني أن لا فرق بين أن يجري الاتفاق على الرئيس قبل الانتخابات أو بعدها». ويؤكد السيقلي أهمية أن يضحي الأفرقاء لتمشي الرابطة، قائلاً: «لا فرق في أن يكون الحزب ممثلاً بعضوين أو ثلاثة أو أربعة، أو أن يمثل أحد الأفرقاء حلفاءه، وخصوصاً أن القرارات في الرابطة لا تتخذ بالتصويت، بل بالتوافق». ويذكر هنا كيف تنازل التيار في الدورات السابقة لمصلحة اللائحة التوافقية.
من جهته، بدا المنسق العام للنقابات في تيار المستقبل وليد جرادي متفائلاً حيال إنجاز اللائحة الائتلافية اليوم، إذ لا مشكلة حول التركيبة، والخلاف لا يتعدى إضافة اسم هنا واستبداله بآخر. ويدعو جرادي إلى أن «تكون مسألة الرئاسة أول بند على جدول الأعمال حتى نستطيع تدوير الزوايا والانتقال إلى التوافق على برنامج عمل مطلبي وتربوي نقدمه للرابطة المقبلة».
حزب الله، كما يؤكد يوسف زلغوط، يفضل تأجيل موضوع الرئاسة إذا كان سيشكل عائقاً أمام التوافق، مشيراً إلى أننا «نوافق على أي شخص لديه المؤهلات النقابية وتتوافق عليه القوى النقابية ويحافظ على وحدة الرابطة».
أما مفوض التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي سمير نجم فاكتفى بالقول إن الأجواء إيجابية حتى الآن والعقبات قليلة جداً، والمفاوضات تنطلق من الثوابت التوافقية وتمثيل الجميع من قوى سياسية ونقابيين ونقابيين مستقلين، نافياً أن «نكون قد تطرقنا إلى موضوع الرئاسة».