«في ثاني شهر من عمر الحكومة الحالية قدّمت مشروع موازنة عام 2014، ووُزّع على مجلس الوزراء. لكن لاعتبارات عديدة لم يوضع المشروع قيد النقاش... وفي 28 آب 2014، أي قبل انقضاء المهلة الدستورية، أرسلت مشروع موازنة عام 2015 إلى مجلس الوزراء مرفقاً بكتاب أدعو فيه مجلس الوزراء إلى الانعقاد ومناقشة الموازنة وإقرارها حتى يصبح بإمكانه، في حال تلكّؤ مجلس النواب عن مناقشتها وإقرارها، أن يُصدرها بمرسوم... لاحقاً اقترحت استعمال هذه الآلية لتحفيز مجلس النواب على مناقشة الموازنة وإقرارها، لكن مجلس الوزراء لم يقم بواجباته».
هذه بعض من الوقائع التي كشف عنها أمس وزير المال علي حسن خليل خلال لقاء مع ممثلي هيئات أصحاب العمل في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان. ففي اللقاء، الذي دام ساعتين، تحدث خليل عمّا يدور في الكواليس مع ممثلي المجتمع المالي الدولي، لافتاً إلى أن «العيون مركّزة علينا. المؤسسات الدولية والصناديق المقرضة، ووكالات التصنيف... الكل يسألنا: كيف يستطيع أن يعيش لبنان من دون موازنة لمدّة 10 سنوات؟». ليس لدى أحد إجابة مباشرة يقدّمها، لا للمجتمع الدولي ولا للبنانيين أيضاً، لكن خليل قادرٌ على توصيف النتائج: «أعترف بأن هناك إرباكاً هائلاً وكبيراً في ضبط عمليات الإنفاق. هناك دوامة كبيرة في نقاش الحسابات المالية للدولة. إن الأمر مزعج ومعقّد وفي غاية الصعوبة، لأننا نضطر إلى اتباع قواعد مبنية على مجموعة قوانين أقرّت خلال السنوات الماضية لتشريع الإنفاق وجعله قانونياً... كل ذلك يحصل بسبب غياب الموازنة».
الأنكى من ذلك، أن الخلاف الأخير في مجلس الوزراء حول آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية قد ينعكس سلباً على اتفاق عقده وزير المال الأسبوع الماضي مع رئيس الحكومة تمام سلام. كان يمكن هذا الاتفاق أن يشكّل بداية تحقيق خرق في موضوع الموازنة بعدما جاء «نتيجة نقاش جدّي استمرّ طيلة الأسبوع الماضي»، وهو يتضمن «بدء مناقشة مشروع موازنة 2015، على أن تكون أولى الجلسات المخصصة لها قبل نهاية شهر شباط».
إذاً، لم يعد واضحاً إذا كانت جلسات مناقشة الموازنة ستعقد في نهاية الشهر الجاري، إلا أن الواضح لدى خليل أن قضية الموازنة هي من «الملفات الكبرى التي يجب أن يحسم مجلس الوزراء أمره بشأنها»، وخصوصاً أن معايير الإنفاق في مجلس الوزراء تدنّت على قاعدة «من يفوجر أكثر من الوزراء يحصل على أكثر».
جاءت النتائج المالية لعام 2014 في ظل غياب الموازنة على النحو الآتي: نموّ الناتج المحلي بنسبة 2%، فائض أوّلي قيمته 1600 مليار ليرة، نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 134%.
مشكلة الموازنة ليست
المشكلة الوحيدة التي يصنّفها خليل بين الملفات الكبرى
أسهمت بعض الأحداث الأساسية في هذه النتائج، منها «خفض الإنفاق غير المجدي» كما يقول خليل، ومنها يعود إلى انخفاض أسعار النفط بنسبة 50% «فقد تبيّن لنا أن تغطية الفيول أويل في عام 2014 بلغت 2.1 مليار دولار، وإذا بقيت أسعار النفط في حدود 60 دولاراً للبرميل الواحد طبقاً للأرقام الواردة في موازنة مؤسسة كهرباء لبنان، فإن الوفر المحقق من تراجع الأسعار يبلغ مليار دولار، وهو مبلغ يمكن أن يوظف في الكثير من المشاريع الإنمائية». أما النتائج السلبية لانخفاض أسعار النفط، فإن الضريبة التي كانت تحصّلها الدولة من الرسم على البنزين تبلغ 350 مليار ليرة ليرة، إلا أن المالية خسرت أكثر من 200 مليار ليرة. موقف وزير المال «مع إجراء دراسة تعيد التوازن بين القدرة الشرائية للمستهلك والحفاظ على واردات الخزينة». نتائج انخفاض أسعار النفط على الخزينة كانت قد نوقشت في مجلس الوزراء، «لكن النقاش كان شعبوياً بلا تركيز على مصلحة الدولة وعلى حماية الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبنانيين».
مشكلة الموازنة ليست المشكلة الوحيدة التي يصنّفها خليل بين الملفات الكبرى، بل هناك «مراسيم النفط أيضاً». وفي هذا المجال كشف خليل أن هذه المراسيم أصبحت «على أبواب اتفاق لإقرارها. النقاش السياسي الدائر في هذا المجال يتّجه نحو وضع هذه المراسيم موضوع التنفيذ سريعاً. لم يعد مقبولاً أن تبقى تلزيمات التنقيب عن النفط والغاز عالقة. إطلاق أول بئر للتنقيب وخرائط الحدود اللبنانية سيكون له أثر إيجابي مباشر، رغم أن النتائج الفعلية من عمليات التنقيب ستظهر لاحقاً».
إلى جانب هذا الخريطة المالية، تحدث خليل عن أهمية الإصدار الذي تقوم به وزارة المال بالعملات الأجنبية. فالوزارة تسعى إلى جمع مبلغ مليار دولار أميركي «ونتوقع أن يكون إقبال كبير على هذه السندات وتجاوز لحاجة المالية وبفوائد معقولة نسبياً، علماً بأننا ننسق مع مصرف لبنان». فالإصدار السابق الذي نفذته وزارة المال بقيمة 1.4 مليار دولار، استحوذ على مشاركة المصارف الأجنبية بنسبة 34%، وجاء في وقت مربك للبنان عموماً، لكن كان مؤشراً إيجابياً على النظرة الخارجية للبنان». أما إصدار اليوم، يقول خليل إنه يندرج في إطار «إدارة الدين العام ومساره في إطار تقدير مصلحة الدولة التي تتحمّل هذا العبء، وعليها أن تنتبه كثيراً إلى كيفية الحفاظ على وضعها المالي».




هؤلاء هم المرشحون إلى لجنة الرقابة على المصارف

8 مرشحين للتعيين في لجنة الرقابة على المصارف باتت أسماؤهم في عهدة وزير المال علي حسن خليل. فقد وافق مجلس إدارة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع أمس على ترشيح ثلاثة، هم: طوني شويري وجوزف سركيس ومنير اليان (ممثل المؤسسة في اللجنة الحالية). وكان رئيس جمعية المصارف فرانسوا باسيل قد سلّم الوزير خليل، يوم الاثنين الماضي، أسماء 3 مرشحين، هم: منير اليان وسامي العازار وأمين عوّاد (جميعهم أعضاء في اللجنة الحالية، علماً بأن عوّاد كان ممثلاً للجمعية). وسبق وزير الخارجية جبران باسيل الجمعية وسلّم خليل، على هامش جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، اسمَي مرشحَي رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، وهما: جوزف سركيس وجورج حداد (إلا أن الأخير اعتذر عن عدم قبول المهمّة). وكذلك تسلّم خليل من نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل اسم مرشّحه، وهو سامي العازار. وتردد أن حزب الكتائب رشح منير اليان، فيما رشح تيار المستقبل سمير حمود ليحلّ محل رئيس اللجنة الحالية أسامة مكداشي. ورشّح رئيس مجلس النواب نبيه بري أحمد صفا (عضو اللجنة الحالية).
وزير المال سيعقد مقابلات منفصلة مع كل مرشّح من هؤلاء المرشحين تمهيداً لرفع اقتراحه الى مجلس النواب، والذي سيتضمن 5 مرشحين سيشكلون اللجنة العتيدة. وبحسب الترشيحات، بات محسوماً تعيين حمود وصفا (سنّي وشيعي)، في حين أن عون ومؤسسة ضمان الودائع رشّحا جوزف سركيس في مقابل مرشح جمعية المصارف أمين عوّاد (ماروني)، وكذلك رشحت المؤسسة طوني الشويري في مقابل سامي العازار (أرثوذكسي)، فيما رشحّت جمعية المصارف وحزب الكتائب منير اليان (كاثوليكي)، الذي سيبقى في اللجنة، ولكن كممثل للجمعية هذه المرّة بدلاً من المؤسسة.
طبعاً هذا ما تشي به الترشيحات، إلا إذا قرر وزير المال تقديم اقتراح مختلف، علماً بأن جمعية المصارف سعت الى إقناع القوى السياسية الفاعلة بالتجديد للجنة الحالية، إلا أن الأجواء التي أحاطت باتصالات رئيسها فرانسوا باسيل مع ميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميّل بدت أكثر ميلاً الى تعيين لجنة جديدة، هذا إذا لم يبق مجلس الوزراء معطّلاً حتى موعد الاستحقاق قبل 11 آذار المقبل.