لو لم يشارك وفد من تيار المستقبل في مسيرة الوفاء للشهيد معروف سعد في صيدا في ذكرى اغتياله الأربعين، لكانت نسخة عن مسيرة العام الماضي. الحشد اقتصر على أهل البيت والحلفاء، التنظيم الشعبي الناصري والحزب الديموقراطي الشعبي والحزب الشيوعي اللبناني وحزب الله وحركة أمل... عدد المشاركين «العادي» ليس مسؤولاً عنه الطقس الماطر في صيدا قبل ظهر أمس حين سارت المسيرة من البوابة الفوقا حتى ساحة النجمة.
هؤلاء «الأوفياء» الذين ينزلون من دون حوافز مالية أو غرائزية، يتقلصون عاماً بعد عام. تقلصهم مسؤولية لا يتحملها التنظيم وحده، بل هي في عنق التيار الوطني من بوابة الجنوب إلى لبنان. الأذهان قارنت بين مسيرة أمس ومسيرة عام 2013 (قبل أربعة أشهر من معركة عبرا) التي سجلت مشاركة غير مسبوقة في ظل مواجهة ظاهرة أحمد الأسير، التي كانت تستبيح إرث معروف ومدينة المقاومة. الآلاف غادروا زوايا الحياد والاعتكاف وهبّوا ليبرهنوا أن صيدا هي «معروف سعد لا الأسير». لم يظهر أولئك الآلاف أمس.
ميزة مسيرة الأربعين، كسر فرع صيدا في تيار المستقبل مقاطعة الذكرى وأهلها. في عهد النائب الراحل مصطفى معروف سعد، كانت زميلته النائبة بهية الحريري تشارك في الذكرى، زيارة أو اتصالاً. منذ سنوات، سلّت وجماعتها وإعلام المستقبل أيديهم من المناسبة. وهم كانوا سيفعلون الشيء ذاته هذا العام، إلا أن تلبية أسامة سعد دعوة الحريري لافتتاح «أكاديمية علا» في صيدا القديمة قبل عشرة أيام، ربما أحرجتهم ودفعتهم إلى «ردة الإجر» حفاظاً على ماء الوجه أمام الرأي العام الصيداوي، لكن «ردة الإجر» لم تكن مماثلة. لم تنزل الحريري شخصياً إلى المسيرة الشعبية. أوساطها تربط امتناعها بظروفها الأمنية، مذكرين بأنها «لما تنزل إلى الأكاديمية بتسكّر البلد». بديلاً عنها، كلفت بداية مسؤول التيار في المدينة أمين الحريري تمثيلها، لكنها، ربما، تلقت نصائح بضرورة رفع مستوى التمثيل الرمزي، فكلفت منسق التيار في صيدا والجنوب ناصر حمود. إكليل الورد الذي وضعه، أول من أمس، كشافة المستقبل عند التمثال المرمّم للشهيد كان لا يزال نضراً. قبالة التمثال، انتظر حمود والوفد المرافق انطلاق المسيرة وحظوا بترحيب حار من سعد وقادة التنظيم ووقفوا جنباً إلى جنب مع ممثل حزب الله محمود قماطي والأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة والأمين العام للحزب الديموقراطي الشعبي نزيه حمزة ومسؤول «أمل» في صيدا محمد دياب، لكن المستقبل لم يكمل مسيرة معروف. قبل وصولها إلى ساحة النجمة حيث ألقى سعد الكلمة، انسحب ممثلو التيار والمسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في صيدا والجنوب بسام حمود، الذي فضل الوقوف في الصفوف الخلفية بعيداً عن عدسات الكاميرا. رئيس بلدية صيدا محمد السعودي أكمل مع المسيرة. قبل أيام، تولى رفع لافتات للمناسبة في أنحاء المدينة باسم البلدية والتنظيم. في المسيرة، ثبّت على صدره الشعار الذي ارتداه عناصر التنظيم «40 عاماً والمسيرة مستمرة».
في كلمته المكتوبة، كرر سعد مواقفه الثابتة. «نهج معروف باقٍ ومستمر والنهج العربي المقاوم سيقودنا إلى الانتصار على العدوان الصهيوني والاستعماري وإرهاب الظلاميين المتاجرين بالإسلام. وتحت راية معروف الوطنية التقدمية سينتصر المناضلون والمقاومون على كل التحديات ويسقطون الفتن الطائفية والمذهبية والاستبداد والاستغلال». وبما أن قتلة معروف معروفون، جدد نجله «عهد الاستمرار في المطالبة بالاقتصاص من المجرمين الذين اغتالوه».