بدءاً من ليل السبت، بدأ المبعدون اللبنانيون من الإمارات بالعودة إلى لبنان بعد أقل من 48 ساعة على تبلّغهم قرار ترحيلهم لأسباب أمنية لم تحدد. ثلاث طائرات، في اليومين الماضيين، أقلت الجزء الأكبر من المبعدين الـ90 من أبو ظبي والشارقة وعجمان ودبي. عدد منهم أوضح لـ»الأخبار» أن المهلة المعطاة لهم كانت قصيرة جداً. الشرطة التي كلفت بالتبليغ، اتصلت بالمعنيين الخميس وطلبت منهم الحضور مزوّدين بجوازات سفرهم. من دون تفاصيل، ختم على جوازاتهم وإقاماتهم «ملغى» وأبلغوا ضرورة المغادرة على نفقتهم الخاصة.
ليست المهلة الزمنية القصيرة ما صعّب عليهم تخليص أمورهم. فالجمعة هو يوم عطلة. ومن ليس لديه أقارب، لم يتمكن من تصفية شؤون المنزل والسيارة والقروض المصرفية والالتزامات على اختلافها.
الأغلبية الساحقة من المبعدين من بلدات جنوبية، ومعظمهم يعمل في الإمارات منذ أكثر من عشر سنوات. رفض المبعدون التحدث إلى وسائل الإعلام أو التعليق «إما أملاً بالعودة ومعالجة الملف أو حماية لأقاربهم وأصدقائهم الذين لا يزالون هناك». لذا فإن أسماءهم لم تنتشر على نطاق واسع.
حسان عليان، رئيس لجنة المبعدين اللبنانيين من الإمارات، يدرك في خلده أن كل المناشدات التي أطلقها عبر وسائل الإعلام للحكومة اللبنانية وللمسؤولين الإماراتيين لن تجدي نفعاً. عليان أبعد عام 2009 بشكل مفاجئ وعاد إلى لبنان بعد هجرة دامت 27 عاماً بلا رأس مال، ليبدأ من تحت الصفر. ترحيله أعقبه ترحيل عشرات اللبنانيين على دفعات من الإمارات ومن عدد من دول الخليج، لا سيما قطر والسعودية. لكنها المرة الأولى التي يسجل فيها ترحيل بالجملة. الأسوأ أن خطر الترحيل ينتظر دفعة جديدة.

إشارات الى تورط جهاز
امني لبناني في «الدسّ» على المبعدين



مصادر متابعة لأوضاع الجالية في الإمارات نقلت عن مسؤولين إماراتيين أن المصير نفسه سيطال 120 لبنانياً في الأسابيع المقبلة. واللافت أن السلطات الإماراتية، بالتزامن مع استئنافها الترحيل السياسي والتعسفي، استأنفت منح تأشيرات دخول للبنانيين بعد أشهر من التضييق.
رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ،على هامش مشاركته في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في شرم الشيخ، التقى رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. الأخير أكد لسلام «أنه ليس هناك قرار رسمي إماراتي أو نية باستهداف اللبنانيين المقيمين في الإمارات». وأشاد بالجالية اللبنانية وازدهارها ونجاحاتها، و»إذا كانت هناك إجراءات اتخذت بحق بعض اللبنانيين فإنها تعود بالتأكيد الى اعتبارات أمنية محددة ولا تتخطى هذه الحدود».
دفعة المبعدين بالجملة للمرة الأولى، طرحت تساؤلات ومخاوف عدة. مصادر مواكبة للملف أكدت أن القرار ليس إماراتياً. بل إن الدولة «تنفذ أجندة خارجية لمصلحة دول معادية للطائفة التي ينتمي إليها المبعدون». لكن هل تعرف السلطات المحلية كل شاردة وواردة عن المقيمين على أراضيها لتختار من يستحق الترحيل أم أنها تستعين بصديق؟ الأصدقاء كثر ممن يتبرعون بتقديم التقارير عن المؤيدين لحزب الله ومحور المقاومة. هنا توجه أصابع الاتهام إلى جهاز أمني لبناني معروف بتواصله الوثيق مع الأجهزة الاستخبارية الخليجية، وعن تورطه في تقديم لوائح اسمية لأشخاص يجمع حولهم المعلومات من لبنان، فضلاً عن مخبرين لبنانيين مقيمين في الإمارات يؤدون الوظيفة نفسها لمصلحة أجهزة الاستخبارات المحلية أو اللبنانية أو غيرها.