لم تنته بعد فصول اعتراض أهالي بلدات جنتا ويحفوفا وشرق زحلة على إنشاء معمل الإسمنت والأترنيت في جرود بلدة جنتا البقاعية. الاعتصامات الاحتجاجية الرافضة لإنشاء المعمل تكاد تكون أسبوعية من قبل أبناء قرى جنتا ويحفوفا وشرق زحلة. ليس هذا فحسب، فهم يرقبون أخبار المعمل بدقة، ويتابعون ما يمكن أن يرشح عن الوزارات المعنية بمنح التراخيص اللازمة لإنشاء معمل الترابة وتشييده.
فقد نالت «شركة الموسوي للصناعة والتجارة العامة» موافقة مبدئية من بلدية جنتا على إنشاء معملها على العقار 89 من منطقة جنتا العقارية، إلا أن أهالي بلدة جنتا والقرى المجاورة لها يصفون هذا المشروع بأنه «مشروع الموت». وبحسب مختار بلدة جنتا عباس أيوب فإن هدف أبناء جنتا ويحفوفا والقرى المجاورة من الاعتراض على المشروع ليس «الكيدية أو لوجود أي خلافات مع أحد، وإنما رفضنا نابع من خوفنا من معمل لن يوفر الأخضر واليابس، ولن يبقي على نسلنا أو حرثنا، وحتى مصادر رزق عشرات العائلات من المتنزهات والأراضي الزراعية ستتبدد مع بدء العمل بالمشروع».
بين الحين والآخر، يتجمهر العشرات من أبناء قرى جنتا ويحفوفا وشرق زحلة، ويعمدون الى قطع طريق رياق ـ بعلبك الدولية، بالقرب من تعاضد الجيش في رياق، احتجاجاً منهم على إنشاء المعمل، وهم يعملون على إنشاء لجان للمتابعة بهدف عدم السماح بإنشاء المعمل، ويصرّون على مواصلة الاعتصامات «إلى حين صرف النظر عن إنشاء المعمل فعلياً، وليس برمي خبريات عن العدول عن فكرة إنشاء المعمل، فيما الهدف منها تنويم الناس على حرير، وفجأة تصدر التراخيص من الوزارات المعنية»، كما يقول علي أيوب، أحد أبناء بلدة جنتا لـ»الأخبار».
«شركة الموسوي»، وعلى الرغم من تطميناتها المتكررة بأن المشروع يعتمد على المواصفات الحديثة في منشآته والمعدات والآلات المستخدمة، وفضلاً عن تقديم دراسة تقييم الأثر البيئي لبناء المعمل في جنتا وتشغيله، لم يحصل أبناء القرى المعترضون على الطمأنينة الكافية. «ما متت ما شفت مين مات»، يقول مختار جنتا عباس أيوب، موضحاً أن دراسة تقييم الأثر البيئي للمعمل «لم تزدنا سوى هواجس ومخاوف، خصوصاً أن تصميم المصنع يعتمد على الفحم الحجري كوقود رئيسي لتشغيل المعمل، وعلى الاستخدام الإضافي المحتمل للوقود البديل، مثل الوقود الناتج من تقطيع وتجفيف النفايات الصلبة». ويلفت المختار إلى أن الكميات المطلوبة يومياً من الفحم الحجري لتشغيل المعمل (بحسب الدراسة) تقدر بـ300 طن، أي بمعدل 96 ألف طن سنوياً (تستقدم من أوكرانيا أو الولايات المتحدة الأميركية)، «وهذا يعتبر كارثي بالنسبة إلى منطقتنا والسموم التي سنتنشقها نحن وأبناؤنا، وهذا برسم كل من يؤيدون إنشاء المعمل». لا يتوانى المختار وأبناء قرى جنتا ويحفوفا وماسا وباقي قرى شرق زحلة عن الحديث عن المخاوف الإضافية الناجمة عن «المقالع والكسارات التي يحتاج إليها المعمل كمواد أولية لتشغيله»، مشدداً على أنه في مقابل كل ذلك ثمة «صمت مريب من المسؤولين الذين رفعنا الصوت تجاههم، لكننا لليوم لم نسمع رداً منهم ونحن عاتبون عليهم».