القاهرة - كان عبد الرحمن الأبنودي يحب الأضواء وكانت الأضواء تحبه. عاش حياته محط الأنظار حتى آخر ساعات حياته. لم يمنعه المرض من إجراء الحوارات التلفزيونية والصحافية حتى وهو داخل المستشفى. بل كتب قصيدة للمؤتمر الاقتصادي بعنوان «هنكمل» بثتها القنوات المصرية في منتصف آذار (مارس) الماضي لتكون آخر قصائده على الإطلاق.
جاء اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بحالة الأبنودي الصحية واتصالاته المستمرة بأسرته وعلاجه في «مستشفى الجلاء العسكري» لتزيد الاهتمام الصحافي والإعلامي الدائم بالأبنودي حتى رحيله. وخلال الأسابيع الأخيرة، تكلم مرتين عبر حوارات مسجلة: الأول خلال الأسبوع الأول من آذار (مارس) وكان الحوار مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج «هنا العاصمة» على قناة cbc. دخلت الأخيرة إلى غرفة علاج الأبنودي في المستشفى العسكري، وقال الشاعر الراحل في هذا الحوار إنّه يعيش بلا رئة بعد تضررها بشكل كامل من شراهته في التدخين، إلى جانب إصابته بجلطة في القدم. أوصى في هذا الحوار بعدم لفّه بعلم مصر وأن يرحل كما كل البسطاء في المقبرة التي بناها في الإسماعيلية. كان الأبنودي المنحدر من محافظة قنا في صعيد مصر قد قرر الإقامة في الإسماعيلية المطلة على قناة السويس منذ سنوات بسبب احتياج حالته الصحية لذلك. وبعد خروجه من المستشفى، فاجأ الإعلامي محمود سعد جمهور برنامجه «آخر النهار» بتسجيل لقاء جديد مع الأبنودي في منزله مع زوجته الإعلامية نهال كمال وبنات الشاعر الراحل، مما منح الأمل لجمهوره بتحسّن حالته الصحية التي تدهورت لاحقاً حتى وافته المنية. في الحوار الأخير، حكى الأبنودي المزيد عن أزمته الصحية وأول حب في حياته مع فتاة صعيدية والحب الذي ربط بينه وبين زوجته نهال كمال على مدار 25 عاماً وصمد أمام العديد من العواصف و«الزعابيب» على حد قوله. وأكدت كمال أنّ «الخال» هو حبّها الأول والأخير. وفي الحوار نفسه، قال الأبنودي إنّ خلافه مع أم كلثوم بدأ بعدما رفضت غناء قصيدة له بعنوان «براحة» لأنها اعتبرتها أقل من قيمتها، ثم حاولت لاحقاً غناء كلمات «ابنك بيقولك يا بطل»، لكن الأبنودي تحفظ وغنى الكلمات عبد الحليم حافظ الذي قدّم مع الأبنودي العديد من الأغنيات الناجحة والجماهيرية. وفيما اهتمت قنوات مصرية عدة بخبر وفاة الأبنودي، كانت جريدة «المقال» التي يرأس تحريرها إبراهيم عيسى صاحبة آخر وداع صحافي للأبنودي. إذ نشرت في صدر صفحتها صباح أمس الثلاثاء صورة قديمة له مع كلمات من أغنية مسلسل «شيخ العرب همام» وتمنيات للأبنودي بالسلامة لكن الشاعر الكبير آثر الرحيل لينهي مشواراً طويلاً مع الشعر والإبداع والأضواء.