أيام قليلة تفصل عن موعد فض عروض مناقصة إدارة النفايات في مختلف المناطق اللبنانية، التي ستجري عند الساعة ١٢ من ظهر يوم الثلاثاء ٢٦ أيار الجاري.ست مناطق خدماتية يتنافس على إدارة النفايات فيها عدد كبير من الشركات المحلية المؤتلفة مع شركات أجنبية، أبرزها شركتان فرنسيتان تطمحان إلى الدخول في مناقصات بيروت وجبل لبنان، فيما أحجمت مجموعة أفيردا (سوكلين وسوكومي)، حتى اللحظة، عن الدخول في المناقصات ولم تشتر دفتر الشروط.

يفترض أن تجري لجنة يتمثل فيها عدد من الوزارات، إضافة إلى مجلس الإنماء والإعمار، عملية تقويم العروض المقدمة، وأن تعلن أسماء الفائزين في المناقصات في كل منطقة خدماتية بالاستناد إلى السعر التعاقدي المقدم والتقنيات المطروحة للتنفيذ، والأهم ما إذا كان العارض قد أعلن عن الموقع (أو المواقع) التي ينوي إنشاء مراكز المعالجة والمطمر فيها.
ينص القرار ٤٦ الصادر بتاريخ ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٤ والمتعلق بالخطة الشاملة لإدارة النفايات المنزلية الصلبة، على أن «يحدد المتعهدون المشاركون في المناقصة المواقع والتقنيات المقترحة للمعالجة والطمر الصحي، وأن يلتزم المتعهدون الذين ترسو عليهم المناقصة تأمين هذه المواقع طوال فترة العقود»، التي حددت بسبع سنوات قابلة للتمديد ثلاث سنوات. لاحقاً، أدخل مجلس الوزراء تعديلات على الخطة وصدر القرار رقم ١ بتاريخ ١٢ كانون الثاني ٢٠١٥ ، ومن أبرز هذه التعديلات إلزامية استرداد ما نسبته ٦٠٪ من النفايات من خلال الفرز والتدوير والتسبيخ واسترداد الطاقة في السنوات الثلاث الأولى من الالتزام، و٧٥٪ في السنوات اللاحقة، وصولاً إلى التفكك الحراري، بما فيه إنتاج الوقود البديل المشتق من المرفوضات الـ RDF أو الحرق. كذلك نص القرار على التخلص النهائي من العوادم (مرفوضات التسبيخ والنفايات غير القابلة للمعالجة) أو (الرماد الثقيل والطائر الناتج من الحرق) من خلال طمرها في مطامر تنشأ في مواقع المقالع والكسارات والمكبات العشوائية، أو أي مواقع أخرى يحددها مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح وزارة البيئة، وذلك على أساس مطمر لكل منطقة خدماتية باستثناء منطقة بيروت وضواحيها.
ومع التعهد الأخير الذي قطعه وزير البيئة محمد المشنوق بإقفال مطمر الناعمة – عين درافيل في ١٧ تموز ٢٠١٥، يتوقع أن تبادر وزارة البيئة إلى الطلب من مجلس الوزراء تمديد عقدي الكنس والجمع والنقل والفرز والتوضيب، لفترة سنة، على أن يُلغى بند الطمر ويُستبدَل به نقلُ النفايات الموضبة من مراكز المعالجة في الكرنتينا والعمروسية إلى مرفأ بيروت، تمهيداً لتصديرها إلى الخارج. وكان الوزير المشنوق قد أعلن عن عروض عدة قُدِّمَت إلى الوزارة من شركات أجنبية لنقل النفايات المنزلية إلى المغرب واليونان وإسبانيا وتركيا وألبانيا وغيرها من الدول.

لم تتضح بعد الأسعار التي تقدم بها العارضون ضمن المناقصات
كلفة هذه العروض جاءت متفاوتة، إذ وصلت الكلفة لمعالجة طن النفايات عبر إسبانيا إلى 65 يورو للطن، وإلى 70 يورو مع الشحن عبر المغرب. و100 يورو للطن عبر اليونان. وفي حال موافقة مجلس الوزراء على واحد من هذه العروض، يتوقع أن تصل كلفة معالجة طن النفايات بعد التصدير إلى نحو ٢٠٠ دولار أميركي، أي بكلفة أعلى خمسين دولاراً عن كلفة الطمر في الناعمة! علماً بأن هناك العديد من الأسئلة التي لم يُجَب عنها، أبرزها مصير عصارة النفايات الملوثة التي يفترض التخلص منها قبل التوضيب وطرق معالجتها وكلفتها؟
وفيما لم تتضح بعد الأسعار التي تقدم بها العارضون ضمن المناقصات، سربت معلومات أن جميعهم اعتمدوا السعر الحالي لمعالجة الطن في بيروت كقاعدة للتسعير.
نواقص عديدة شابت آلية تقديم عروض الأسعار، أبرزها أن العارض يحق له التقدم إلى المناقصات في جميع المناطق الخدماتية، لكن لا يحق له الفوز إلا في منطقتين فقط. وحول هذه النقطة يعلق مصدر بيئي متابع للملف بالقول: «لنفترض أن العارض نفسه قد نجح في ثلاث مناطق خدماتية، فمن سيختار تلزيمه منطقتين من الثلاث؟ للإجابة عن هذا السؤال عقدت اللجنة المعنية بتقويم المناقصات اجتماعات عدة خلال الأيام الماضية، وخلصت إلى نتيجة مفادها أنه في حال فوز العارض في ثلاث مناطق، فإن مجلس الوزراء هو صاحب القرار النهائي في تحديد المنطقتين اللتين سترسوان عليه! وذلك بالاستناد إلى «مصلحة الدولة العليا»، علماً بأن عضواً في اللجنة اقترح أن يترك للمتعهد اختيار المنطقتين، لكن هذا الاقتراح رفضته غالبية أعضاء اللجنة.
يجزم عدد كبير من المتعهدين الذين تقدموا إلى المناقصات بأن تحديد المواقع التي ستُبنى فيها مراكز للمعالجة (معامل تسبيخ، معامل الـ RDF، محارق… إلخ) والمطامر الصحية لطمر العوادم، يجب أن تكون مهمة مركزية للحكومة. ويستندون في ذلك إلى القرار رقم ١ (البند ٤-٢ الفقرة د) التي تنص على ما يأتي: في حال التعذر على المتعهدين تأمين المواقع المطلوبة خلال مهلة شهر، يجب على وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار تأمينها على نفقة المتعهدين الذين ترسو عليهم المناقصة بعد موافقة مجلس الوزراء، على أن تعتمد في ذلك التخمينات المعمول بها لدى وزارة المالية.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن منطقة الشمال الخدماتية قد حدد موقعها في مجدليا الفوار، وإن أياً من البلديات والزعماء السياسيين في المنطقة لم يبد اعتراضه على هذا الموقع، في وقت تشير فيه المعلومات إلى أن المتعهد الحالي لمكب طرابلس شركة «لافاجيت»، التي يرأسها أنطوان أزعور، ستكون الأوفر حظاً بالفوز في المناقصة.
أما المنطقة الخدماتية التي تضم أقضية جبيل وكسروان والمتن (ما عدا الضواحي)، فإن التنافس عليها شبه محصور بين شركة الخوري للتعهدات (داني خوري وشركاه) وشركة أخرى أنشاها نعمة افرام، علماً بأن اعتراضات واسعة ظهرت في المنطقة على اختيار موقع مكب حبالين الحالي كمركز للمعالجة والطمر.
العقبة الأكبر تبرز في المنطقة الخدماتية التي تضم بيروت والضواحي والمنطقة الخدماتية التي تضم أقضية الشوف وعاليه وبعبدا (ما عدا الضواحي)، فحتى اللحظة لم يحسم النقاش حول المواقع المرشحة لاستقبال نفايات هاتين المنطقتين، علماً أن النقاش لا يزال مفتوح حول اعتماد موقع الكوستا برافا عند شاطئ البحر في خلدة، رغم أن أكثر من جهة سياسية داخل مجلس الوزراء وخارجه تعترض على هذا الموقع. وإذا قررت مجموعة افيردا الإحجام النهائي عن الدخول في المناقصة، فإن شركة الجهاد للمقاولات التي يرأسها جهاد العرب، هي الأوفر حظاً للفوز بمناقصة بيروت، فيما سربت معلومات أن النائب نعمة طعمة يطمح إلى الدخول في مناقصة الشوف التي تقدمت إليها أيضاً شركة الجنوب للإعمار التي يرأسها رياض الأسعد.
وفيما لم تتضح بعد هوية المتعهدين في كل من الجنوب والبقاع، تبرز عقبات عدة في هاتين المنطقتين، أبرزها مصير معمل صيدا ومصير المعامل التي أنشأتها وزارة التنمية الإدارية، إضافة إلى الخلاف الدائر حول مواقع الطمر.




2400 مليار ليرة

يهمش دفتر شروط مناقصات النفايات المنزلية الصلبة دور البلديات، ولا يشير إلى أي حوافز يمكن أن تحصل عليها إذا ما قبلت بطمر النفايات في نطاقها العقاري. ومن المعلوم أن المناقصات الجديدة ستنتج منها أسعار تعاقدية أعلى من المعمول بها حالياً (احتمال أن تصل إلى 200 دولار أميركي)، الأمر الذي سينعكس سلباً على موازنات البلديات المديونة بنحو ٢٤٠٠ مليار ليرة لبنانية للصندوق البلدي المستقل، بحسب الأرقام المعلنة من قبل وزارة المالية. ولا يقدم القرار للبلديات أي فرصة لمعالجة نفاياتها منفردة دون الدخول في المناقصات بما يخالف قانون البلديات (المرسوم اشتراعي رقم 118 - صادر في 1977/6/30) وقانون المحافظة على النظافة العامة (المرسوم رقم 8735 - صادر في 1974/8/23) اللذين يعطيان صلاحية إدارة النفايات للبلديات.