بدأت إسرائيل مناورة «نقطة تحول ــــ 2015» التي تجريها قيادة الجبهة الداخلية، وتحاكي حرباً إسرائيلية على جبهات عدة. المناورة التي تستمر حتى الخميس تهدف الى «اعداد الجبهة الداخلية لمعارك مستقبلية بعدما باتت جزءاً من جبهات القتال»، كما عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ورغم الحروب التي خاضتها إسرائيل طوال تاريخها، لم تكن في أي مرة مضطرة لاجراء مناورات داخلية تتبنى سيناريوهات واقعية بأن جبهتها الداخلية ستكون جزءاً لا يتجزأ من جبهات القتال، إلا بعد حرب 2006. وتعزّز ذلك بعد تعاظم قدرات المقاومة في لبنان وانتقال الاستراتيجية الصاروخية الى قطاع غزة، وعجز الآلة الإسرائيلية عن القضاء على قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية.
على هذه الخلفية، سرّعت إسرائيل عمليات تطوير استراتيجية دفاع ايجابي تقوم على تطوير منظومات الاعتراض الصاروخي، واستراتيجية دفاع سلبي تقوم على بناء وتطوير تحصينات توفر قدراً من الامن للمواطن الإسرائيلي. وتأتي هذه المناورات كجزء من سلسلة تهدف الى تعزيز وضع الجبهة الداخلية. مع ذلك، لم تتمكن إسرائيل من تحرير نفسها من قيد معادلة الكلفة والجدوى التي فرضها حزب الله، واضطرت، حتى الآن، الى الالتزام بالمعادلات التي أنتجتها جولات الصراع بما يؤشر الى اقرار بمحدودية قدراتها على تحييد الاخطار الصاروخية وتغيير المعادلات السياسية الاقليمية.
حضرت هذه الحسابات على طاولة صناعة القرار وأثّرت على توجهاتها، سواء المتصلة بالمبادرة الى اعتداءات واسعة ومحدودة، وحتى على قراراتها عندما تكون في موقع الرد. واشتدت أزمة العدو بعد ضيق خياراته بفعل تطور القدرات الصاروخية لحزب الله، مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد استراتيجي للعمق الإسرائيلي بكل مكوّناته العسكرية والاقتصادية والسياسية.
ومما يميز مناورة الجبهة الداخلية في إسرائيل، هذه السنة، أنها تتزامن مع تطورات سياسية وأمنية اقليمية دراماتيكية، أقرت معها الاستخبارات العسكرية أنها لم تعد قادرة على الاطمئنان الى توقعاتها ازاء مآلات الحرب. كما تتزامن مع حالة التوثب المتبادل بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، الامر الذي ادى الى ارتفاع منسوب القلق في تل ابيب من الوقوع في حسابات خاطئة، أو الفهم الخاطئ لنوايا استعداداتها. وتفاديا لسيناريوهات انزلاق بفعل التوتر، كشف موقع "يديعوت احرونوت" أن الحكومة الإسرائيلية نقلت رسائل طمأنة عبر قنوات دبلوماسية الى حزب الله وايران بأن الهدف من هذه الرسائل منع «تقدير خاطئ» ازاء نوايا إسرائيل في ضوء الازمة في سوريا، وأيضاً في ظل امكانية التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والسداسية الدولية نهاية حزيران.
وأضاف الموقع أن «محافل تقدير غربية» تلحظ توتراً متصاعداً في اوساط قيادة حزب الله وايران. وعزت هذا التوتر الى تقديرات بأن إسرائيل قد تستغل الوضع في سوريا ولبنان لـ «اصابة عصفورين بحجر واحد»: قطع الطريق على الاتفاق النووي، وازالة التهديد الصاروخي المحدق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية المتمثل بعشرات آلاف الصواريخ الموجودة لدى حزب الله. ولفتت المصادر الى أن هذه المخاوف ازدادت مع انطلاق مناورات "نقطة تحول 15" التي ترافقها، للمرة الأولى، تدريبات القيادة العامة لسلاح الجو والبحر والبر التي تحاكي سيناريو حرب كبيرة على الجبهة الشمالية.
واعتبر الموقع الاخباري الإسرائيلي أن الايرانيين وحزب الله لا يخفون مخاوفهم من امكانية ان تكون المناورة غطاء لهجوم مفاجئ. لذلك، نقلت إسرائيل رسائل علنية وديبلوماسية للبنان، وبشكل غير مباشر لحزب الله وإيران، مفادها ان المناورات هي لأهداف دفاعية فقط. وأشار الى أن المسؤولين الإسرائيليين يشددون على أن مناورات الجبهة الداخلية مناورات سنوية ومخططة مسبقاً، وكذلك الأمر بالنسبة لمناورات القيادة العامة التي تجري بالتوازي.