لم تكن إشارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، إلى أن المعركة المقبلة في جرود السلسلة الشرقية ستكون مع إرهابيي تنظيم «داعش»، سوى إعلان بداية النهاية لوجود إرهابيي «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» في جرود بلدة عرسال اللبنانية.
وسجّلت عمليات المقاومة في جرود عرسال أمس تقدّماً ميدانياً مهمّاً، بعد تمكّن المقاومة والجيش السوري من السيطرة على تلال «التلاجة» الواقعة في جرود فليطا، ما سهّل انهيار المسلحين المتحصنين في تلال «شعبة القلعة» في جرود عرسال. وتلال «شعبة القلعة» ـ بحسب مصادر ميدانية ـ تشرف على معظم أنحاء الوادي، ويبلغ ارتفاعها 2339، وهي أحد أهم معاقل «النصرة» وأميرها أبو مالك التلي، وتشرف على جزء من معبر الزمراني الواقع تحت سيطرة تنظيم «داعش». وبحسب المصادر، سمحت سيطرة المقاومة أول من أمس على مرتفعات الشروق وجبل الزاروب، بالسيطرة أمس على كامل سهل الرهوة في جرود عرسال، بعد فرار عشرات المسلحين باتجاه وادي الخيل أيضاً. وبالتوازي، استهدفت مدفعية الجيش اللبناني وصواريخه تجمعاً لـ«النصرة» في وادي العويني الواقع جنوب شرق بلدة عرسال، ما أدى بحسب المعلومات إلى مقتل 16 إرهابياً. كذلك استهدف المقاومون العاملون في سلاح الدروع شاحنة وجرافة وآليتين عسكريتين لمسلحي «جبهة النصرة» في وادي العطنين في شرق جرود عرسال.

يستخدم حزب الله تكتيك التقدّم من الغرب لمنع المسلحين من دخول عرسال


من جهتها، أصدرت القيادة العامة للجيش السوري بياناً أكّدت فيه أنه «في المرحلة الثانية (من معارك القلمون) بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية والمقاومة الوطنية اللبنانية، أحكمت قواتنا المسلحة سيطرتها على كامل جرود رأس المعرة، تلة موسى، جبل شميس الحصان، قرنة الطويل، جرود فليطا، والعديد من النقاط والتلال الحاكمة».
اقتراب مقاتلي حزب الله من مواقع الجيش اللبناني في وادي عطا في جرود عرسال وتراجع مسلحي «النصرة» بشكل كبير في الأيام الماضية بشكل رئيسي إلى مناطق عميقة في جرود عرسال كوادي الخيل وتلة يونس ووادي أطنين، يعني تقلّص المساحة التي يسيطر عليها مسلّحو «النصرة» إلى حدّ صار فيه البحث عن وجهة للخروج من جرود عرسال في المقبل من الأيام، أمراً ملحّاً.
وقالت المصادر إن «حزب الله يستعمل تكتيك التقدّم من الجهة الغربية، لقيام غلاف يمنع دخول المسلحين قدر الإمكان إلى عرسال، ودفعهم باتجاه الشمال والشرق، عبر ترك ممرّ انسحابي باتجاه الزمراني ووادي العويني».
وقالت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إنه «سجّل ارتفاع لافت في عدد الذكور في الأيام الماضية في أربعة مخيّمات للنازحين السوريين تقع خارج نطاق سيطرة الجيش بين وادي الحصن ووادي حميد». كذلك «سجّل ارتفاع طفيف في عدد الذكور في مخيّمات النازحين في مشاريع القاع»، ما يشير إلى فرار بعض المسلحين إلى المخيمات.
وفي ظلّ التطورات الميدانية وتقدّم المقاومة السريع، تبدو خيارات «النصرة» محدودة، بين الاستسلام لـ«داعش» الذي يسيطر على جرود راس بعلبك والقاع امتداداً إلى جرود قارة السورية، وبين الدخول إلى عرسال والاشتباك مع الجيش اللبناني، أو البحث عن تسوية للخروج من الجرود. وتشير المعلومات إلى أن «عدداً من رجال الدين في البقاع تحرّك للبحث عن تسوية مع حزب الله، إلّا أن أي تقدّم لم يحصل حتى الآن». وتلفت المصادر إلى أن «مسلحي النصرة منقسمون بين من يريد البحث عن تسوية، ومن يريد الدخول إلى عرسال». وتشير إلى أنّ «من غير المستبعد أن يقوم عدد من مسلحي النصرة بمبايعة داعش». غير أن مصادر في «النصرة» كانت قد أكّدت لـ«الأخبار» قبل يومين أن «الاستسلام لحزب الله أفضل من الاستسلام لداعش»، علماً بأن «داعش» مدّ مسلحي «النصرة» ببعض الإمدادات لمنع سقوط تلة «التلاجة» التي تكشف مواقعه.
(الأخبار)