فجأة تغيّر كل شيء في عائلة اللاجئ السوري محمد كيلو القاطن في صريفا. ماتت زوجته وطفلهما المنتظر وبقي الزوج مع طفليه مراد (6 سنوات) ورهف (سنتان). منذ ثلاثة أيام ماتت كناني حسين عبدو (34 سنة) وهي حامل في شهرها الثامن بعدما أصابها تسمم ونزيف حادين لأن الطبيب لم يعلم أنّ الجنين في أحشائها ميت منذ فترة. عندما ساء وضع كناني كثيراً طلب الطبيب إدخالها فوراً الى المستشفى إلاّ انّ مستشفيين رفضا استقبالها. استغرقت عملية البحث عن مستشفى ثالث فترة طويلة الى أن استقبلها مستشفى الراعي في صيدا، لكنّ كناني ماتت مع جنينها.

لا يعوّل كيلو على نقابة
الأطباء لمحاسبة الطبيب لأن «الجلاد سيصبح الضحية»
يروي محمد ما حصل مع زوجته، يقول «كانت الأمور تجري على نحو طبيعي، لم نكن نعلم أن زوجتي مصابة بتسمم ونزيف منذ أيام طويلة، لأن الطبيب المعالج كان دائماً يطمئننا». كانت الزوجة وفق محمد تتابع طبيبها دوريا، «وقد زارته منذ شهر تقريباً وأخبرها أن كل شيء طبيعي ووصف لها عدة أدوية عبارة عن فيتامينات، رغم انها كانت تقول له إنها متعبة ولديها ورم في رجليها، اضافة الى معاناتها أوجاعا في بطنها وظهرها».
الأربعاء الماضي، تغير لون وجه كناني الى الأبيض، وزاد وجع بطنها كثيراً، فلجأ كفيل كيلو، يوسف عيسى الى الطبيب الذي أجرى العديد من الفحوص لكناني فبدا له أنّ خللاً أصاب المريضة. بدا الطبيب مرتبكاً وطلب إدخال الزوجة فوراً الى المستشفى اللبناني الايطالي الذي يعمل فيه، يقول محمد «أثناء توجهنا الى المستشفى اتصل الطبيب وقال انه لا حجوزات في المستشفى وعليكم تدبر الأمر. عندها توجهنا الى مستشفى أحيرام الذي رفض استقبالنا بحجة عدم وجود أطباء نسائيين داخل المستشفى»، علماً أن المرأة تحمل بطاقة استشفاء من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. يضيف «ازداد وضع الزوجة سوءاً واتصلنا بعدد من المستشفيات الى أن وجدنا مكاناً في مستشفى الراعي في صيدا رغم ان ذلك استغرق وقتاً طويلاً».
أدخلت كناني الى غرفة العمليات وطبيبها لم يتصل بعد، أما هاتفه فمقفل أيضاً، بحسب عيسى. أثناء العملية الجراحية تبيّن أن كناني مصابة بتسمم ونزيف حادين، وأن الطفل ميت منذ فترة داخل احشاء الأم، بعدما انفصل حبله السرّي عن رحم أمه، التي احتاجت لاحقاً الى دماء كثيرة.

تبيّن أن كناني مصابة بتسمم ونزيف حادين، وأن الطفل ميت منذ فترة داخل احشاء الأم

جرى التبرع لها بـ11 وحدة دم، لكن ذلك لم ينقذها، ففارقت كناني الحياة. يقول عيسى أن «الطبيب المعالج في مستشفى الراعي قال إن المرأة كان يجب أن تضع جنينها قبل 15 يوماً، لأن الولد انفصل عن أمه، وكان وضعها الصحي يستدعي المتابعة الدقيقة، لكن ذلك لم يحصل». أما كيلو فيلوم الطبيب قائلاً « لم نتخلف يوماً عن الالتزام بالأدوية والنصائح الطبية، لكن الطبيب أخطأ في التشخيص، لم يكتشف ما أصاب زوجتي، وتركنا عندما كنا في حاجة ماسة اليه. لم يتصل الاّ في اليوم التالي، أي قبل وفاة زوجتي بقليل، علماً أنه طلب لنا الدخول الى المستشفى فوراً، وعلم أن المستشفى لم يستقبلنا، وتركنا وحيدين نصارع موت زوجتي». لا يعوّل كيلو على نقابة الأطباء لمحاسبة الطبيب لأن «الجلاد سيصبح الضحية».