دمشق | تتوالى برامج المواهب الغنائية التي لم تتوقّف المحطات العربية خلال السنوات الأخيرة عن إعادة استنساخها وتقديمها بكثافة، مطمئنةً إلى رواجها وحظوتها لدى المعلنين. تعود هذه البرامج مجدداً لتكشف عن أصواتٍ سوريّة بغاية الجمال، تجد فيها فرصةً لإثبات وجودها على إتساع الفضاء العربي. بالتوازي مع إطلاق mbc لـ «ذا فويس 3» أخيراً (السبت 21:00) بدأت قناة «دبي» الأسبوع الماضي (الأحد ــ 22:30) بثّ أولى حلقات برنامج «محمد عبده وفنّان العرب».
كانت حصيلة الحلقة الأولى من البرنامج وصول 32 صوتاً عربياً من أصل 80 إلى مرحلة التنافس، بناءً على إختيارات لجنة التحكيم المؤلفة من السعودي محمد عبده، والكويتي عبد الله الرويشد، والمغنية السوريّة أصالة، والملحن عصام كمال. من بين تلك الأصوات، صوتان سوريّان نجحا في بلوغ المرحلة الثانية من منافسات البرنامج بعد نيلهما إعجاب أعضاء لجنة التحكيم بالإجماع، هما: نور بازرباشي (سوري يدرس الفنون الجميلة في مصر)، والممثلة السوريّة ربى الحلبي. تجربة أداء ربى في البرنامج كانت لافتة، بإنشادها قصيدة الحلاج الشهيرة «والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت... إلا وذكرك مقرونٌ بأنفاسي». موالٌ أطرب لجنة التحكيم وأثار دهشتهم لرخامة صوتها وجمال خامته، ودفع مواطنتها أصالة لعناقها دامعةً بعدما شاكستها على طريقتها «تعالي يا عمري عندك مشكلة تعانقنيني إذا ما بتاكلي قتلة من حدا».
ظهور الحلبي في برنامج مواهب غنائية يمكن إعتباره مغامرةً منها، فهي ممثلة متخرجّة من «المعهد العالي للفنون المسرحية» 2010، وشاركت في أعمالٍ تلفزيونيةٍ أحدثها «العرّاب ــ نادي الشرق» (رافي وهبي، إخراج حاتم علي)، بعدما إستهلت مسيرتها عام 2011 في مسلسل «الخربة» (كتابة ممدوح حمادة، وإخراج الليث حجّو). لكنّ هذا الظهور يُشير إلى غياب صناعة الأغنية السوريّة التي من شأنها أن تعطي أصحاب الأصوات المميّزة فرصة التعبير عن ذواتهم، لتكون برامج المواهب الغنائية بديلهم المضمون للشهرة، برغم تواضع النتائج التي تؤدي إليها خطواتهم اللاحقة.
في المقابل، يجد المؤلفون الموسيقيون السوريّون في رواج المسلسلات التلفزيونية فرصةً لتقديم تلك الأصوات المميزة عبر التترات. أمثلة كثيرة يمكن سوقها على ذلك، كتقديم المؤلف الموسيقي آري جان سرحان لصديقته ربى تتر مسلسل «شهر زمان» بعنوان «خفايا الروح» من كلمات مؤلف العمل ومخرجه زهير قنوع. يومها إستولت الدهشة لدى سماع صوتها المميّز. ثم أتت المفاجأة في تقديم موهبتها أخيراً في برنامج «محمد عبده وفنّان العرب»، إلّا أن ذلك كان مناسبةً لكشف قصّة هذه الموهبة. فتاة سورية أرادت التقدّم قبل عشر سنواتٍ تقريباً إلى «المعهد العالي للموسيقى» كمغنية، لكنّها لم تكن تعلم بحاجتها لشهادة من أستاذ غناء تدرّبت على يديه سابقاً. لم تشأ الاستسلام وتقدمّت إلى «المعهد العالي للفنون المسرحية»، وقُبِلَت ممثلة حينما نجحت بأداء شخصية «هاملت» الذكورية. خطت بعدها الحلبي دربها في مجال التمثيل، لكن طيف المغنيّة لم يفارقها. هكذا، غنتّ في ثلاثة أعمالٍ مسرحية «منحنى خطر» و«المرود والمكحلة» من إخراج عروة العربي، و«نبوءة» التي أدت بطولتها مطلع العام الحالي تحت إدارة استاذها سامر عمران.
يكشف آري سرحان لـ «الأخبار» بأنّ رد فعل لجنة تحكيم برنامج «محمد عبده وفنّان العرب» على صوتها الذي أثار شجونهم، «ليس جديداً، إذ سبق أن حظيت بإعجابٍ مماثل، حينما خاضت منافسات امتحان مادة الغناء بمعهد التمثيل قبل سنوات». في رصيد المغنية ثلاثة أفلام سينمائية هي: «الرابعة بتوقيت الفردوس» (تأليف وإخراج محمد عبد العزيز)، و«بإنتظار الخريف» لجود سعيد (لم يُعرض بعد)، كما أنها أنهت تصوير مشاهدها في فيلم لجود سعيد «رجل وثلاثة أيّام» (عنوان مبدئي). ولا ندري ما إذا كانت ستخلط تجربتها الجديدة ببرنامج المواهب الغنائية أوراقها؟ وهل سيغلب طموح المغنيّة على صورة الممثلة؟