القاهرة | بين زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا في يونيو (حزيران) الماضي وأزمة شرم الشيخ التي بدأت قبل أسبوعين، لا تزال الدولة مصرّة على استخدام النجوم بالطريقة نفسها التي تحقّق أهدافاً عكسية في الغالب. منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء أواخر تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، استخدمت الدولة الأساليب البالية نفسها لمواجهة الحصار الذي فرضته الدول المصدّرة للسيّاح على شرم الشيخ، بعد التأكّد من أن سقوط الطائرة نتج من عمل إرهابي.
المرحلة الأولى من إعادة استخدام تلك الأساليب كانت في انتقال معظم البرامج التلفزيونية والإذاعية لتقديم برامجها على الهواء مباشرة لمدّة أسبوع من شرم الشيخ. أما المرحلة الثانية، فتمثلت في ذهاب الحكومة نفسها أو عن طريق مبادرات فردية للوزراء، ثم عقد اجتماع لمجلس الوزراء هناك. وجاء إعلان روسيا بأنّ الطائرة سقطت بفعل قنبلة ليعجّل في إطلاق المرحلة الثالثة التي تمثّلت في ذهاب نجوم الصفّ الأول إلى هناك لدعم السياحة الداخلية.
في المرحلة الأولى، ذهب نجوم أقلّ شهرة إلى الشرم، لكن في الأيام الثلاثة الأخيرة توسّعت قائمة الفنانين منهم: عادل إمام (الصورة)، وعزت العلايلي، وإلهام شاهين، وصابرين، وحكيم، وهاني رمزي، ومحمد هنيدي، وأحمد رزق... بعضهم على غرار حكيم، أعلن تكريمه من قبل خالد فودة محافظ شرم الشيخ، فيما أقام آخرون جولات داخل المدينة التي باتت شبه خالية من الأجانب بعد قرارات روسيا وإنكلترا بسحب الرعايا. مشهد وصول الفنانين إلى شرم، تطابق مع مشهد الاستعانة بهم لقيادة تظاهرات تأييد السيسي في زيارته الأولى إلى ألمانيا قبل أشهر. وقتها، أثير جدل حول مبرّر اصطحاب نجوم وإعلاميين للتظاهر وتأييد الرئيس. لكن يبدو أن تلك الانتقادات لم تغيّر كثيراً في العقلية التي تُدير الأزمات في مصر، والتعامل الإعلامي مع أزمة شرم الشيخ جاء كالعادة مخيّباً للآمال. هذا الأمر أبرزته جريدة «المقال» عبر تغطيات آخرها نُشر أمس. هنا، طلبت الصحيفة من المصريين التفكير في الوضع بالمقلوب. ماذا لو سقطت طائرة مصرية على أرض روسيا وكان ردّ فعل الإعلام والفن في موسكو هو إقامة الاحتفالات من أجل إنقاذ السياحة هناك؟ لماذا يظنّ إعلاميو ونجوم مصر أن وجودهم في شرم الشيخ سيُنقذ المدينة من عزلتها؟ السؤال طرحه أيضاً خبراء في المجال وعاملون في المدينة قالوا منذ اليوم الأول بأن زيارات أهل القاهرة لن تُفيدهم في شيء سوى إشغال الفنادق لفترة قصيرة. لكن خلال أسابيع، ستتعرّض الفنادق هناك للإفلاس بسبب عدم توجيه الرسالة للفئة المستهدفة وهي السياح الأجانب الذين لن يتابعوا ما ينقله الإعلام المصري عن استتباب الأمن في شرم، وسيصدقون تقارير الإعلام الغربي عن اختراق "داعش" للنظام الأمني للمطار هناك. اللافت أن معظم الفنانين الذين ذهبوا إلى شرم لدعم السياحة، وفي الخلفية دعم النظام الذي أُصيب بحرج دولي بالغ، لم يهتمّوا بالذهاب إلى مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» وتقديم أيّ دعم له، فيما هرعوا لدعم من لا يحتاجهم.