المد والجزر كانا دائماً سمة العلاقة بين بكفيا وزغرتا منذ أيام الجدّين، بيار الجميل وسليمان فرنجية. لكن السياسة والبراغماتية صنوان لا يفترقان، حتى وإن أدّيا الى دعم سامي الجميل انتخاب سليمان فرنجية الحفيد رئيساً للجمهورية.
على نية «فخامة الرئيس» سليمان فرنجية، زار الجميل ليل أول من أمس الرئيس سعد الحريري في منزله في باريس. مصادر متابعة للقاء أشارت إلى أن الزيارة «جاءت بطلب من الشيخ سامي وتندرج في إطار تنسيق الطباخين بين بعضهم بعضا لتنضج بالمذاق الذي يحلو لهم». الأجواء في الصيفي توحي بأن رئيسها «في جو طبخة فرنجية الرئاسية منذ مدة». ويذكرون بأنه كان أول من بشّر بالتطورات الراهنة، عندما أعلن عن «مفاجأة قريبة» إثر استقباله فرنجية في الصيفي أخيراً. سريعاً، عاد الجميل من باريس بعد ظهر أمس، من المطار مباشرة إلى الإجتماع الأسبوعي للمكتب السياسي للكتائب. ما خرج من خلف الأبواب، بيان مقتضب اقتصر على الإرتياح لـ «عودة ملف الرئاسة ليتقدم سلم الأولويات الوطنية»، وشدد على «التقيد بالدستور واحترام النظام الديموقراطي، ما يحتم على الجميع النزول الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد».
يمنّي الكتائبيون النفس بحصة وفيرة في العهد المنتظر


تنقل مصادر الصيفي عن «الشيخ سامي» تقديمه في لقائه الأخير مع فرنجية «وعداً جدياً وصادقاً بدعم انتخابه والمساهمة في إقناع الأفرقاء المسيحيين به». ففي المساحة المسيحية المتبقية بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، يجد الكتائبيون في الزعيم الزغرتاوي «خشبة الخلاص من شبح الإلغاء من قبل عون وجعجع، وهاجس التهميش من قبل حلفائهم في قوى 14 آذار». وتؤكد المصادر أن الفريق المحيط برئيس الحزب «تبنى قناعته بأن فرنجية هو الأفضل بين المرشحين بالنسبة للكتائبيين»، المقتنعين بأن كلاً من سمير جعجع والنائب ميشال عون يسعى إلى ابتلاع حزبهم الذي ينازع حائراً بين الإصطفافات ويسعى إلى التمايز. وهم يمنّون النفس بـ «الحصة الوفيرة التي سيحجزها فرنجية للكتائب في العهد المنتظر في مقابل التهميش الذي يتعرضون له مسيحياً».
في الأيام الأخيرة، تراكمت الأسباب التي عززت تمسك الكتائب بفرنجية: «غرام وانتقام من 14 آذار». تروي المصادر أن ممثلين عن الصيفي لبّوا مطلع الأسبوع الماضي، بعد انقطاع، الدعوة الى اجتماع لهذا الفريق في «بيت الوسط»، استعرض خلاله الرئيس فؤاد السنيورة «ثوابت تيار المستقبل وثورة الأرز». بعد أقل من 24 ساعة، استقبل الحريري فرنجية في باريس، بعلم مسبق من السنيورة وبعض المشاركين في الإجتماع. في الإجتماع التالي الذي عقد الخميس الماضي، نفى المستقبليون حصول لقاء باريس لدى مطالبة الكتائب بتفسيرات عن سبب عدم إحاطتهم مسبقاً بما يحصل.
«ليس لدينا المزيد لنقوله». تعبير تشاركه عدد من قادة الكتائب لدى سؤالهم عن تطورات سيناريو فرنجية والرئاسة، ولكن، في المجالس الخاصة، البعض مقتنع بأن هذه «الهبّة المفاجئة» ليست أكثر من «مناورة أو تسلاية». في سلة واحدة، يضعون تلاشي آمال الشيخ أمين بالعودة إلى قصر بعبدا ومساعي الكتائب للخروج من جلباب 14 آذار ومحاولات الحريري المستميتة للعودة إلى لبنان رئيساً للحكومة والنوايا المتبادلة بين قوى 14 و8 آذار لشق صفوف بعضهما بعضاً والتأجيل السعودي للرئاسة إلى ما بعد الحسم في صنعاء، وتمسك حزب الله بعون مرشحاً أوحد. خليط «يفرز في النهاية استبعاداً للرئاسة في المدى القريب».