لا تزال موسكو تصعّد في خطابها تجاه حكام أنقرة، رغم محاولة الرئيس رجب طيب إردوغان وفريقه السياسي التخفيف من حدّة التوتر عبر سوق تبريرات حول عدم معرفة هوية الطائرة قرب الحدود، وعبر محاولات الاتصال بالرئيس فلاديمير بوتين والعمل على اللقاء «وجهاً لوجه» مع الأخير خلال قمة المناخ المنعقدة غداً في باريس. وإلى جانب الأزمة التركية ــ الروسية، أظهرت قمة الرئيس الروسي مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند أول من أمس بوادر تقارب أكبر مع موسكو بما يخصّ مكافحة الإرهاب.
إذ أعرب، لأول مرة، وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس عن موافقة بلاده على مشاركة الجيش السوري في الحرب ضد «داعش» بشرط «وجود ضمانات للانتقال السياسي للسلطة» في سوريا.
وفي موسكو، كان لقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع نظيره سيرغي لافروف يوضح تطابق الرؤية لدى الطرفين في مسألة مكافحة الإرهاب عبر دعم الجيش السوري.
وأكد لافروف أنّ موسكو مستعدة لقبول أي صيغة للتحالف المستقبلي الواسع ضد «داعش» يعتبرها شركاؤها مناسبة. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع المعلم في موسكو أمس: «كما أكد الرئيس الروسي (خلال لقائه نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند) أننا مستعدون لنأخذ قلق الدول المهتمة بمحاربة الإرهاب بعين الاعتبار. كما أننا مستعدون لقبول أي صيغة لتحالف لا يثير إزعاج شركائنا».
ولفت إلى أنّ من «المستحيل إلحاق الهزيمة بالإرهاب ما لم يتم التخلي عن الكيل بمكيالين»، موضحاً أن الحديث يدور بالدرجة الأولى حول جيران سوريا.
وأضاف إنّ «القيادة الروسية اتخذت قراراً بوقف نظام الإعفاء من التأشيرات المعمول بها حالياً بين روسيا وتركيا، وسيدخل هذا القرار حيز التنفيذ اعتباراً من 1 كانون الثاني».
وشدد الوزير الروسي على أنه لا يجوز تشكيل أي لجان خارجية لتنقية المرشحين لتولي منصب الرئاسة في سوريا: «لا يحق لأحد، باستثناء الشعب السوري، أن يقرر من هو الذي سيقود الدولة السورية».
بدوره، شدّد المعلم على أن «الرئيس بشار الأسد يؤمن بحق شعبه في تقرير مصيره ولن يسمح لأحد بسرقة هذا الحق». وأضاف: «أقول لأولئك الذين يطالبون برحيل الرئيس بشار الأسد إنكم واهمون ... لا يمكن أن نسمح لأحد بأن يحقق في الحوار السياسي ما عجز عن تحقيقه في الميدان».
وكان لافروف، في مستهل المحادثات في موسكو أمس، قد أكّد أن بلاده تواصل «تلبية طلب قيادة الجمهورية العربية السورية، تقديم كل المساعدات الضرورية في ملاحقة الإرهابيين والقضاء عليهم. وبالتزامن مع ذلك، سنعمل بحسم في إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا من أجل إطلاق عملية سياسية عادلة وديموقراطية وشاملة يقرر في إطارها السوريون مصير بلادهم بأنفسهم».
وشدد الوزير الروسي على أن القيادة التركية تجاوزت الحد المسموح به، وتخاطر بأن تقود تركيا إلى وضع صعب جداً، في ما يخص المصالح الوطنية التركية والوضع في المنطقة بشكل عام».
وقف نظام الإعفاء
من التأشيرات المعمول به بين روسيا وتركيا

إلى ذلك، كشفت موسكو، أمس، عن أنّ الرئيس بوتين يرفض تلقي اتصالات هاتفية من نظيره التركي «بسبب عدم استعداد أنقرة لتقديم اعتذار عن إسقاط المقاتلة الروسية». وعلى صعيد متصل، أعرب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن ثقته بإمكانية تطبيع العلاقات مع روسيا بالوسائل الدبلوماسية.
ونقلت وكالة «أنتر فاكس» عنه القول «إننا لا نسعى إلى التصعيد»، كما لفت إلى أنه اتصل بنظيره الروسي سيرغي لافروف واتفق معه على عقد لقاء في بلغراد في الثالث من كانون الثاني المقبل.
بدوره، أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أمله بأن يلتقي نظيره الروسي «وجهاً لوجه» خلال قمة المناخ التي تفتتح غداً الأحد في باريس.
وقال إردوغان: «لا أريد أن تضر هذه المشكلة (إسقاط الطائرة) بعلاقاتنا». وأكد أيضاً أن الجيش التركي «كان يجهل جنسية» الطائرة الحربية، ولم «يتعمد إسقاط طائرة روسية»، بل عمد فقط الى «تطبيق قواعد الاشتباك» المعمول بها.
وفي وقت تستمر فيه المطالبة الروسية بتقديم اعتذار، كرر إردوغان رفضه هذا الأمر، معتبراً أن انتقادات موسكو «مرفوضة»، متهماً روسيا بـ«اللعب بالنار» عبر «الاستمرار في دعم نظام (الرئيس بشار) الأسد».
كذلك، أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده «ستعمل» مع روسيا «لاحتواء التوتر»، وذلك في مقال نشرته صحيفة «تايمز» البريطانية أمس.
فابيوس والجيش السوري
في موازاة ذلك، اشترط وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مشاركة الجيش السوري في الحرب ضد «الدولة الإسلامية» بوجود ضمانات للانتقال السياسي للسلطة في سوريا. وقال، في تصريح لإذاعة «إر تي إل»، إنّ «تعاون جميع القوى، بما في ذلك الجيش السوري، في الحرب ضد «داعش» أمر مرغوب فيه بالتأكيد، ولكن، كما قلت، فإنه يمكن أن يتم في إطار وجود انتقال سياسي في السلطة موثوق به، وهذا هو الهدف الذي نسعى إليه». لكنه شدّد على أنه «لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل شعبه».
من جهته، أشار مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، إلى أنّ إسقاط تركيا للطائرة الروسية سيضرّ بعملية السلام السورية، معتبراً أنّ ذلك «لن يساعد ... هناك احتمال أن يعقد ذلك من الأمور».
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب، رويترز)




أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أنّ الاجتماع الدولي لبحث الأزمة السورية سيعقد خلال الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة في فيينا أو باريس، مبيّناً أنّ مكان الاجتماع لم يتحدد بعد.
وفي ما يتعلق بالمستقبل السياسي للرئيس السوري بشار الاسد، قال إنّ «تحديد عدم بقاء بشار الأسد في السلطة أو عدم ترشحه للانتخابات السورية القادمة هو حق بديهي وغير قابل للتصرف للشعب السوري، فلهذا في نهاية العملية السياسية يجب على الشعب السوري أن يتخذ القرار». وأكد أنّ «الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تسمح للدول المشاركة في اجتماع فيينا بأن تتخذ قراراً بدلاً من الشعب السوري».