الكباش التركي الروسي يتصاعد أكثر فأكثر بعد اسقاط المقاتلات التركية طائرة «سوخوي» الروسية، يوم الثلاثاء الماضي، بذريعة خرق الأجواء التركية. انتقلت المشاحنات من الأروقة الديبوماسية والسياسية الى العالم الإفتراضي. خطوة إسقاط الطائرة الروسية، استدعت سلسلة إجراءات وعقوبات إقتصادية أقرّها «الكرملين» أخيراً ضد تركيا، من بينها «منع المؤسسات والمنشآت التركية من ممارسة نشاطات في روسيا، ووقف إستيراد بعض السلع ذات المنشأ التركي مؤقتاً، أو منع إستيرادها بالكامل».
واعتباراً من 1 كانون الثاني (يناير)، ستمنع الشركات العاملة في روسيا من توظيف أتراك. العقوبات الإقتصادية الروسية على تركيا أيضاً، دخلت مجال السياحة والسفر، مع قرار بتعليق تأشيرات السفر من طرف روسيا مع بداية السنة الجديدة. كما أوقفت الرحلات السياحية الروسية الى تركيا وشددت الرقابة على شركات الشحن التركية الناشطة في روسيا البرية والبحرية.
اخونجيو «الجزيرة» يهبّون لنصرة... أردوغان!
هذه الإجراءات الإقتصادية الصارمة أخرجت حمّية الناشطين على تويتر، خصوصاً المنتمين الى جماعة «الإخوان المسلمين» ومؤيديهم. هكذا، تكاتف السعوديون الى جانب القطريين، تحت هاشتاغات: «#دعم_البضائع_التركية»،»#أنا_مسلم _وأتضامن_مع_تركيا»،»#أنا_عربي_وأتضامن_مع_تركيا» من بينهم إعلاميون يعملون في قناة «الجزيرة» كعلي الظفيري الذي غرّد «شخصياً أنا عربي وأتضامن مع تركيا وأؤيد دعم البضائع التركية ودعم الموقف السياسي التركي». أما زميله أحمد منصور فغرّد بالقول :«الرد الوحيد على حملة العقوبات الروسية ضد المنتجات التركية هو الدعوة لحملة شعبية كبرى فى كل العالم العربى والإسلامي لتشجيع شراء المنتجات التركية».
هذا الحشد الإلكتروني «الإخونجي» الواضح على شبكات التواصل الإجتماعي الداعم لتركيا، شحذت فيه الهمم، خصوصاً تلك الضاربة على الوتر الطائفي، من باب أولى للمسلمين أن يتضامنوا مع بعضهم بعضاً! كما كان للأزمة السورية الحصة الأكبر في هذا الحشد، إذ استعاد ناشطون مواقف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الداعمة لإستقبال اللاجئين السوريين، وذّكروا بتأييده لفصائل السورية المعارضة، ومعادته «لنظام الأسد». هكذا نشطت حسابات «المعارضة السورية» وراحت تنشر صوراً ومواقف داعمة لأردوغان وتركيا. وربما الأمر الأكثر سخرية، هو إقحام موضوع التدين والإلحاد في هذه الحملة التضامنية، إذ اعتبر هؤلاء الناشطون أنّ على الجميع دعم البضائع التركية «المسلمة» مقابل مقاطعة منتجات الروس «مصدّري الفودكا»! كما دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضاً بثقله هنا، من خلال تداول اسمه ضمن لائحة «الملحدين»!.
ووسط هذه الأجواء التضامنية مع الأتراك، خرجت أصوات خليجية تحذّر من وقوف بلدان الخليج على الحياد في الكباش التركي/ الروسي، خصوصاً بعد تقرّب هذه الدول أخيراً من «الكرملين» الروسي. الكاتب السعودي المعروف عبد الرحمن الراشد نبّه في مقالة له نشرت في صحيفة «الشرق الأوسط» أمس تحت عنوان «إسقاط الطائرة الروسية يقسم المنطقة» دول الخليج من الوقوف على الحياد، وقال إن «النزاع يأتي في وقت سيء، إذ أن دول الخليج بدأت قريباً علاقة حسنة مع الكرملين، بخاصة السعودية والإمارات».