بدأت القصة بتوجه طالبة في السنة الدراسية الأولى في الماجستير، في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية، إلى الإدارة لمحاولة نقل دراستها من المسار المهني إلى المسار البحثي، بعدما كثرت الأحاديث عن احتفاظ المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بطلبات طلاب المسار المهني... في «الجارور». من هنا، بدأ كل شيء. ففي الإدارة، «بُشّرت» الطالبة ـ على حد قولها ـ بأنّه «ممنوع الإنتقال من مسار إلى آخر وقد نصحونا بأن نعيد سنتنا الدراسية لتحصيل الماجستير البحثي الذي يخولنا الوصول إلى المعهد العالي للدكتوراه». لم تكتمل عناصر القصّة بعد، فالنصيحة الشفهية أيضاً حملت في طياتها تلميحاً إلى أنّ «هناك تخمة في طلبات طلاب الماجستير المهني في المعهد، ما يفوق الـ300 طلب لا يستطيع المعهد قبولها جميعها، لأنّ ثمة أولوية للمسار البحثي".
أديب: عميد المعهد حر، مش كل حائز على ماجستير مهني سيقبل
هكذا، وبلا مبرّر «شرعي»، يجد طلاب الماجستير في كلية الآداب والعلوم الإنسانية وغيرهم من طلاب كليات ومعاهد الجامعة اللبنانية، ممن اختاروا المسار المهني، أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: فإما إعادة سنتهم الدراسية بالمسار الجديد أو الذهاب إلى إحدى الجامعات الخاصة. ما عدا ذلك، لا خيار آخر أمام الطلاب، فبالنهاية «عميد معهد الدكتوراه الجديد الدكتور محمد محسن حر، مش كل حائز على ماجستير مهني رح يقبل فيه»، تقول المنسّقة العامة للماجستير في كلية الآداب، الدكتورة هند أديب.
أديب التي نصحت الطلاب بإعادة السنة كي لا يحصل معهم ما حصل مع من سبقهم من طلاب المسار المهني، تعترف بأنّ ما يجري لا يجري وفق ما ينص عليه القانون. وإن كان لا بد من العودة إلى القانون، يكفي الإطلاع على المادة الخامسة عشرة من نظام المعهد العالي للدكتوراه، في ما يتعلّق بشروط الترشّح لإعداد أطروحة الدكتوراه. فهذه المادة تجيز للطالب الحائز شهادة الماجستير المهني في الجامعة اللبنانية الترشّح لإعداد الأطروحة «على أن يلزم مجلس المعهد الطالب بعد تسجيله تحصيل مقررات مكملة من الماجستير البحثي بناء على رأي الفرقة البحثية المعنية بموضوعه». هذا ما ينص عليه النظام الداخلي، وما أعادت التذكير به عمادة كلية الآداب مرتين «المرة الأولى في التعميم الذي حمل رقم 13 الصادر عام 2015 والآخر في التعميم رقم 23 الصادر قبل أيامٍ قليلة». غير أنّ النظام الذي استندت إليه العمادة «لا يلزم على ما يبدو عميد معهد الدكتوراه الدكتور محمد محسن، الذي لم يوضح إلى الآن للطلاب ما الذي يجري باستثناء حديثه عن تخمة في الأعداد وأنه لا يستطيع استقبال المزيد من الطلبات ولا حتى قبولها في المعهد»، يقول الطلاب. وهو أيضاً ما يقوله بعض الأساتذة، فهؤلاء وإن كانوا يقولون إنّ «لا شيء يمنع من ترشّح طلاب المهني لأطروحة الدكتوراه»، إلا أنهم لمسوا «من خلال العميد الجديد أن هناك توجّها لتقليص أعداد الطلاب، علماً أن تقليل عدد الطلاب لا يعني رفع المستوى وإنما حرمان طلاب متابعة دراستهم». ويسأل هؤلاء الأساتذة أنه «إذا كان المطلوب تقليل عدد الطلاب، فما الداعي من القرار الأخير الذي أصدره والذي سيدخل من خلاله 10% من الطلاب إلى المعهد من غير اللبنانيين ومن غير الجامعة اللبنانية؟ ألا يؤثر هذا القرار على حصة طالب الجامعة اللبنانية؟». كل هذه الأسئلة تنتظر ردّ الدكتور محمد محسن الذي لم يجب عن أي استفسار. وأمام هذا الواقع الغامض الذي يفرضه صمت العميد الجديد، يطالب طلاب الماجستير المهني بتعريفٍ واضح لـ«التخمة»، مطالبين بإصدار «استثناء لهذه الدفعة العالقة بين القرارات وتفسيراتها وتأويلاتها». ولهذا الأمر، يجتمع الطلاب اليوم أمام عمادة كلية الآداب في أول وقفة احتجاجية للحصول على جواب واضح.