منذ أيام، نُظّم مهرجان الزيتون الثاني في الهرمل. الكثير من المُزارعين آثروا البقاء في بيوتهم وبساتينهم، عوضاً عن المشاركة في "المهرجانات الفولكلورية"، وعباراتها ووعودها الرنانة والمتكررة منذ سنوات طويلة. هذه الوعود لم تُنفّذ يوماً.وعلى الرغم مما يُسمّيه المزارعون "النقلة النوعية" التي حققتها الهرمل على مستوى زراعة الزيتون وإنتاج زيت الزيتون "البكر ممتاز" بشهادة المختبرات الإيطالية والفرنسية، إلا أن هذا القطاع لم يلق اهتماماً من قبل الدولة.
يقول المزارع حسين شمص إن مشاكل قطاع الزيتون في الهرمل "لا تزال ولم تتغيّر منذ سنوات. حتى اليوم، لم نلق دعماً، ولم تؤمّن الدولة أسواقاً تصريفية للإنتاج ولم تعمد الى اتخاذ إجراءات لضبط التهريب الحاصل".
يشكّل الزيتون مصدر رزق أساسي لمئات العائلات التي تُراهن على الإنتاج السنوي للزيتون الذي يُلائمه مناخ منطقة الهرمل وطبيعة تربتها. يُشير أحمد الساحلي، أحد مزارعي الزيتون، الى وجود ما يقارب 400 ألف شجرة زيتون من مختلف الأنواع المنتجة لزيتون المائدة وزيت الزيتون الفاخر. هذه الأشجار يراهن أصحابها على غلّتها كل موسم. يواجه المُزارعون عند القطاف مشكلات عديدة. يُعدّد الساحلي هذه المشكلات ويبدأ بـ"التهريب من الداخل السوري، سواء من حدود الهرمل، أو من الشمال"، وينتهي بتكديس الإنتاج لعدم القدرة على التصريف، مُتسائلاً: "كيف بدنا نروح نشارك بمهرجانات الزيتون ونضحك ع حالنا وبقلبنا مية غصّة؟".
لم تُنفّذ وعود وزارة الزراعة بدعم القطاع حتى اليوم

يُقدّر عضو مجلس إدارة التعاونية الزراعية العامة في الهرمل محمد عمرو، تدنّي إنتاج الزيتون لهذا العام بنسبة 80%، مقارنة مع إنتاج العام الماضي، عازياً السبب إلى موجة الصقيع التي طالت موسم الأزهار في الربيع الفائت، وعدد من الأمراض التي ظهرت قبل موسم القطاف. ويشير عمرو إلى أن معصرة الزيتون في التعاونية استقبلت العام الماضي" 800 طن من الزيتون، في حين لم يدخل المعصرة حتى اليوم أكثر من 100 طن".
ليس بعيداً عن بساتين مزارعي الزيتون، نظمت بلدية الهرمل، الأحد الماضي، بالتعاون مع مؤسسة جهاد البناء والاتحاد التعاوني الإقليمي في البقاع، المهرجان الثاني للزيتون في الهرمل في مركز الجواد للتنمية والإرشاد في الهرمل، مع معرض لإنتاج الزيتون وزيت الزيتون والمنتوجات التي يدخل في تصنيعها زيت الزيتون كالصابون ومعجون الزيتون "باتيه". وزارة الزراعة كانت حاضرة في المهرجان. قال المدير العام للوزارة المهندس لويس لحود، إن الوزارة "تقوم بخطوات لدعم زراعة الزيتون، منها القطّافات الآلية والحافظات من نوع "ستانلس"، بالإضافة إلى الجهود لحماية إنتاج زيت الزيتون بإخضاع استيراد الزيتون لإجازة استيراد مسبقة". لم يتطرق لحود الى عمليات التهريب ولا الى ضرورة توفير أسواق للتصريف، الأمر الذي دفع عدداً من المزارعين المشاركين إلى التساؤل: "متى ستُنفذ هذه الخطوات ونحن نسمعها كل عام؟ ماذا عن التهريب اللي خربلنا بيوتنا؟".
بدوره، طالب وزير الصناعة حسين الحاج حسن "بدعم القطاعين الصناعي والزراعي وإيجاد خطة للنهوض بهما، وتوفير اعتمادات لهما ووقف التهريب وإيجاد سبل لتصريف الإنتاج". لا ينكر مزارعو الزيتون في الهرمل "خدمات" الوزير الحاج حسن للقطاع، ومنها إقرار الحكومة شراء 1200 صفيحة زيت زيتون للجيش اللبناني. قرار الحكومة بشراء صفائح زيت الزيتون طُبّق لمرة واحدة فقط، بحسب مدير الاتحاد التعاوني الإقليمي في البقاع بسام ناصر الدين. يُطالب الأخير بإعادة تفعيل قرار شراء زيت الزيتون للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وذلك "أسوة بشراء محاصيل التفاح أخيراً". يرى ناصر الدين أن تنظيم المهرجان يأتي ضمن خانة "تعرّف الناس إلى منتوجات الزيتون وزيت زيتون الهرمل، ولكي نرفع الصوت بأننا بحاجة إلى الدعم وإلى إيقاف التهريب، إذ وصل سعر كيلو الزيتون المهرب من سوريا إلى 55 سنتاً واصل ع الهرمل، وتنكة الزيت 16 كيلو بـ 33 دولاراً".
يقول ناصر الدين إن خطوات وزارة الزراعة "لم يطبق منها شيء حتى اليوم، باستثناء تفريخ تعاونيات زراعية، حيث استحدثت 4 تعاونيات أخيراً غير فاعلة، وبات في البقاع ما يقارب 210 تعاونيات، 80 منها في الهرمل. وبدلاً من دعم التعاونيات الموجودة والفاعلة، نرى تعاونيات جديدة، في الوقت الذي لم يتمّ فيه توفير سوق تصريفي واحد، رغم مطالباتنا المتكررة بتفعيل مديرية التعاونيات التي من أدوارها الأساسية التسويق الخارجي".