أثمرت العملية العسكرية التي شهدتها بلدة خان الشيح ومحيطها خلال الأسابيع القليلة الماضية بالدفع نحو التوصل إلى تسوية تنهي العمليات العسكرية فيها، بعد التقدم الأخير الذي أحرزه الجيش السوري داخل البلدة بعد إطباق الحصار عليها. تسارع العملية العسكرية في محيط البلدة وقطع الإمدادات عنها من دون السيطرة العسكرية الكاملة عليها، ضغط على مئات المسلحين الذين أعلنوا سابقاً رفضهم للتسوية، وفق شروط الجيش المطروحة. وبعد إنهاء الوجود المسلح في مناطق المقيليبة والطيبة وزاكية ومزارع خان الشيح، اضطر مسلحو مخيم خان الشيح إلى الموافقة على بنود التسوية المطروحة.وتنص التسوية التي طرحها الجيش على مسلحي المنطقة المقدرين بحدود 1700 عنصر، في خطوطها العامة على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وخرائط الأنفاق، إضافة إلى مستودعات السلاح والعتاد، وتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، والمحكومين جنائياً وفق ادعاءات شخصية وإحالتهم على القضاء، ليبدأ بعض المسلحين بتسجيل أسمائهم لتسوية أوضاعهم وفق القوانين، فيما يتهيأ آخرون منهم إلى الانتقال شمالاً نحو إدلب. وتتضمن التسوية تشكيل ما يسمى «وحدات حماية ذاتية» من أبناء المنطقة.
وشكّلت التهدئة التي اتُّفق عليها واستمرت 24 ساعة ومُدِّدَت، مقدمة لتنفيذ بنود الاتفاق بعد تعثر دام أسابيع، بسبب خلافات بين المسلحين حول وجهة ترحيلهم، بين إدلب شمالاً ودرعا أو القنيطرة جنوباً. ومن المتوقع أن تمدّد الهدنة يوماً إضافياً، بعدما أجرى المسلحون المستعدون للانسحاب اجتماعاً في ما بينهم جنوبي المخيم، لترتيب إجراءات خروجهم من البلدة. وبالتوازي، تشهد بلدة كناكر محاولات حثيثة للدخول على خط المصالحات بعد خروج محيطها من نطاق العمل العسكري.
وتأتي عملية التسوية في مصلحة الجيش السوري، إذ إن دخول البلدة كان من الممكن أن يولّد حالة من الفوضى في ظل وجود آلاف المدنيين داخلها. كذلك إن تحييدها عن الصراع المسلح يعني خسارة مسلحي ريفي درعا والقنيطرة جسر تواصل حيوياً مع مسلحي الغوطة الغربية، بإشراف البلدة على أوتوستراد دمشق ــ القنيطرة.
صد الجيش هجوماً عنيفاً على معان وصوران في ريف حماه

توسيع أمان العاصمة

وتأتي بوادر الحل في بلدة خان الشيح، بالتزامن مع انطلاق تنفيذ خطط عسكرية، تهدف إلى توسيع رقعة الأمان حول العاصمة لإنهاء سنوات من تصعيد المسلحين في محيطها. ووفق مصدر ميداني، فإن الوجهة الأولى ستكون بلدة التل الواقعة إلى الشمال الغربي من العاصمة، التي وصلت إليها حشود عسكرية تهدف إلى تطويقها بنحو كامل. الحشود أخذت مواقعها خلال المعارك التي شنتها القوات الموجودة على تلك الجبهة، والتي تمكنت من السيطرة على مواقع عدة في وادي موسى بدعم ناري مدفعي وجوي، ما سمح بالضغط على المسلحين في المنطقة. ومن جانبهم، منع مسلحو التل الأهالي والموظفين من مغادرة المدينة لمنع إفراغها، ما يسمح بتنفيذ عمل عسكري ضخم، فيما تحدثت مصادر محلية عن توجه وفد من وجهاء المنطقة للقاء لجان المصالحة والجيش، في مسعى للتوصل إلى تهدئة واتفاق تسوية.
وبالتوازي، فتح الجيش السوري محور عمليات جديد في محيط المدخل الشمالي للعاصمة السورية من جهة حرستا. وبدأت الاشتباكات بعد استهداف مدفعي وجوي لمقارّ المسلحين وخطوط إمدادهم لتتسارع وتيرة المعارك في محيط أوتوستراد دمشق ــ حمص، قرب محوري بساتين دوما الشمالية وتلة أبو زيد. كذلك سيطر الجيش على عدد من كتل الأبنية والمزارع جنوب بلدة ميدعا في الغوطة الشرقية إثر مواجهات مع المسلحين، بالتزامن مع غارات شنها سلاح الجو على مواقع في بلدات دوما وسقبا وعربين والنشابية والشيفونية وحوش الضواهرة والريحان وعين ترما، إضافة إلى حيّ جوبر، شمال شرق العاصمة.
وفي ريف حماه الشمالي تمكن الجيش من صد هجوم واسع امتد على جبهة بطول 12 كيلومتراً، شنّته المجموعات المسلحة على محوري بلدتي معان وصوران، وبادر إلى تنفيذ هجوم مضاد عزّز مواقعه في منطقة البساتين غرب معان. واستهدفت الغارات خطوط المسلحين الخلفية في بلدات طيبة الامام، اللحايا، سكيك، عطشان، ومورك، وصولاً إلى خان شيخون في ريف إدلب.
أما في ريف القنيطرة، فسيطر الجيش في موقع النقار، في مسعى لتحقيق أمان واسع لطريق بلدتي مزارع الأمل ــ حضر، وتفيد مصادر عسكرية بأن العملية ستعزز الضغط على مسلحي تل الحمرية القريبة.