أصدر «الحزب الديمقراطي الشعبي» أخيراً بياناً، نقلته وسائل إعلام لبنانية عدّة، شدّد فيه على رفض إقامة مهرجان «تومورولاند» البلجيكي في منتجع La plage des rois (شاطئ الملوك) في قرية قرطبون (قضاء جبيل)، يوم 29 تموز (يوليو) المقبل، في ظل مشاركة «إسرائيل».
واعتبر البيان أنّ «كل دعوات التساهل في مقاومة التطبيع مع العدو الإسرائيلي هي خيانة وطنية عظمى وتفريط بكل نقطة دم سقطت على طريق تحرير لبنان...»، محذّراً من أي دعوات «ساذجة» لفصل الفن عن السياسة، ومطالباً السلطات اللبنانية بـ «كشف ومحاسبة الجهة المحلية التي تقف وراء تنظيم هذا الموعد، وإلى منعه...». أثار هذا البيان ضجة على الساحة اللبنانية، ووجّه الأنظار نحو الحدث المنتظر وحيثياته.
تحت شعارات فضفاضة على شاكلة «الانفتاح على الآخر» و«الوحدة» و«مد جسور السلام والتواصل»، يتحضّر قضاء مدينة جبيل اللبنانية الساحلية (شمال بيروت)، في الصيف، لاستقبال مهرجان «تومورولاند» (أرض الغد)، الأكبر من نوعه عالمياً في مجال الموسيقى الإلكترونية. الحدث الشهير ينتظره كثيرون من اللبنانيين بحماسة وشغف كما يبدو على مواقع التواصل الإجتماعي، خصوصاً أنّه يجري في لبنان للمرّة الأولى، إذ قال أحدهم على فايسبوك: «أضخم نشاط من نوعه قادم إلى إحدى أقدم مدن العالم».
ولد «تومورولاند» عام 2005 في مدينة بوم البلجيكية، قبل أن يتحوّل إلى محطة سنوية أساسيةً تجري فعالياتها بالتزامن بين بلجيكا وعدد من الدول حول العالم، وتنقل مباشرة عبر البث الحي في مختلف الفضاءات التي تستضيفها. أما الحفلات التي تبدأ مع حلول المساء وتستمر حتى ساعات الصباح الأولى، فتحييها مجموعة من أبرز وأشهر الـ «دي جاي». هذا العام، وقع الاختيار على مدينتين عربيّتين، هما: جبيل، ودبي، إلى جانب غلزنكيرشن (ألمانيا)، ومالطا، وإنتشيون (كوريا الجنوبية)، وبرشلونة، وكاوهسيونغ (تايوان)، وتل أبيب! علماً بأنّ أسماء الـ «دي جاي» لا تزال مجهولة حتى الآن، على أن يتم الإعلان عنها تباعاً عبر الشبكة العنكبوتية.

اشتراط عدم
البث الحي من وإلى «إسرائيل»


حدوث الـ event في قضاء جبيل وعاصمة الكيان الإسرائيلي الغاصب في الوقت نفسه، مسألة مذكورة بوضوح وصراحة عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لـ «تومورولاند». كما أنّ الويب سايت يشدّد على أنّ «أناس الغد سيتحدون في هذه البلدان»، فيما الهدف من هذا الموعد هو «بناء جسور بين بلجيكا وباقي أنحاء العالم، من خلال البث الحي بين المسرح الأساسي في «تومورولاند» البلجيكي، والمسارح في الدول الأخرى». ويوضح النص التعريفي أنّ «تومورولاند» ليس مجرّد «بث حي» متميّز، بل «عرض متفرّد يمكّن الناس من الحلم والهروب من الواقع»، ليخلص إلى أنّ That›s UNITE With Tomorrowland )هذا هو UNITE (إتحدوا) مع «تومورولاند»(.
لكن هل يمكن للقائمين على منتجع La plage des rois أن يجهلوا أنّ تل أبيب مشاركة في المهرجان هذا العام، رغم سهولة الحصول على المعلومة؟
سؤال حملناه إلى شركة entertainers التي تملك الحق الحصري بتنظيم الحدث في لبنان. في إتصال مع «الأخبار»، لا يخف جان ــ إيف شباط، أحد الشركاء في الشركة ورئيس مجلس إدارتها، علمه بمشاركة كيان العدو في النسخة المنتظرة من «تومورولاند»، مؤكداً أنّ «هدفنا إظهار صورة لبنان الحضارية والثقافية، ووجه لبنان المشرق. إلى جانب الربح المادي، يهمنا تطوير السياحة في لبنان. هذا البلد بحاجة إلى أنشطة من هذا القبيل لكي يعود إلى خارطة السياحة العالمية». وفي الوقت الذي يشدّد فيه على أنّنا «تحت سقف القانون مهما حصل»، يوضح شباط أنّ العقد الموقّع مع المعنيين في بلجيكا يتضمّن بنوداً تشترط بشكل واضح «عدم بث فعاليات «تومورولاند» الإسرائيلي في لبنان، والعكس صحيح. ضمان تنفيذ هذه البنود كلّف ما يزيد عن 138 ألف دولار أميركي». ويقول شباط إن «وصول المهرجان الضخم إلى لبنان استغرق سنتين من العمل والمفاوضات، والكثير من المال (مليون دولار). لن نتعاون مع إسرائيل ولن نروّج لها، لكن لا علاقة لنا بالسياسة والتطبيع». صحيح أنّ الكلام قد يبدو مشجعّاً بالنسبة للبعض، إلا أنّه يحمل في طيّاته «سذاجة» سياسية مرفوضة، فالمهرجان الذي «يدعو إلى السلام والوحدة بين الشعوب» يقام في ظل الاحتلال وانتهاكاته الوحشية والمستمرة بحق الفلسطينيين، مسهماً في الترويج له وتلميع صورته.