تونس | أدان عدد من المثقفين والمسرحيين والناشطين السياسيين التونسيين الاعتداء على المخرج والكوريغراف نجيب خلف اللّه (الصورة)، مساء السبت الماضي، من قبل مجهولين اختفوا في جنح الظلام بعدما هاجموه بآلة حادة، مما يخفي نية لقتله. جاء ذلك بعد تقديم عرضه الراقص «ألهاكم التكاثر» (إنتاج «المسرح الوطني») في 25 شباط (فبراير) الماضي. يومها، أثار العرض جدلاً واسعاً بسبب عنوانه، إذ دعا الإمام المتشدّد، رضا الجوّادي، في خطبة الجمعة في مدينة صفاقس، إلى منعه باعتباره «يمسّ بالمقدّسات»، الأمر الذي اضطر إدارة «المسرح الوطني» وقتها إلى سحب إعلان العمل، خوفاً من اقتحام المتشدّدين لقاعة «الفن الرابع»، وحرقها أو تهشيمها، كما حصل في عام 2011 في قاعة «سينما أفريكا آرت»، التي لا تزال مغلقة منذ ذلك الوقت.
وطالب الناشطون التونسيون رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزراء الداخلية والثقافة والعدل بـ «حماية المبدعين التونسيين الذين يتعرّضون التضييق والعنف، ما يعرّض حياتهم للخطر».

وفي وقت سابق، وفي مناسبة العرض الأوّل لـ «ألهاكم التكاثر»، قال الفاضل الجعايبي مدير «المسرح الوطني»، إنّه اضطر «مؤقتاً لسحب إعلان العرض من دون المساس بالعمل، حفاظاً على المرفق العام بعدما حذّرته دوائر الأمن مما قد تتعرّض له قاعة «الفن الرابع» و«قصر الحلفاوين» على يد المتشدّدين». وفي هذا السياق، أكد الجعايبي أنّه لو كان منتجاً للعمل عبر شركته الخاصة «فاميليا» لما «تنازلت، لكن مسؤوليتي عن المرفق العام تجبرني على وضع تهديدات المتشددّين في الاعتبار». وقد أثار موقفه آنذاك الكثير من الجدل، إذ اعتبر كثيرون أنّه «تنازل» في الوقت الذي يجب فيه «مقاومة المتشدّدين الذين تحميهم بعض الأطراف السياسية».
وبالتوازي مع القضية التي رفعها «المسرح الوطني» ضد الجوّادي، أصدر الجعايبي بياناً جاء فيه: «الآلة الدينيّة معقّدة ورهاناتها كبيرة لا تُوَاجهُ بالتعنُّت والاصطدام بل بالتريّث والتحريّ والتشاور والتبصّر والتعقّل، رغم أنّها لا تستهدف جوهر موضوع المسرحيّة ولا تمسّ بكلمة واحدة أو حركة واحدة من العمل. لم يأمرني أحد بأيّ قرار. أنا لا أؤمر». وأضاف: «أخذت قراري بمحضِ ضميري وتجربتي وضمير وتجربة من معي إلى أن يبت القضاء في القضيّة الاستعجاليّة الّتي رفعناها».
ورأى عدد من المتابعين لتطوّرات الحياة السياسية في تونس أنّ «حركة النهضة» المشاركة في الحكم عبر تحالف مع «حركة نداء تونس»، تسعى إلى «تجييش الشارع عبر ذراعها المتشدّد من خلال إثارة بعض القضايا التي تثير الشٌارع وتوهم النّاس بأنّ «الهويّة» مستهدفة، استعداداً للانتخابات البلدية التي من المقرّر أن تجرى نهاية العام الحالي، وفق سيناريو 2011 الذي فازت بموجبه غالبية وحكمت البلاد لمدّة عامين، كانت الأسوأ في تاريخ تونس المعاصر.