رحل رمزا التيار الانطباعي الفرنسي، كلود دوبوسي وموريس رافيل عام 1918 وعام 1937 على التوالي. الفراغ الذي أحدثه غيابهما على الساحة الموسيقية الكلاسيكية، ما لبث أن ملأته أسماء عدة، على رأسها أوليفييه ميسيان (الصورة) الذي رحل عام 1992 تاركاً أعمالاً كثيرة وورثة تتلمذوا على يده أو تأثروا به، في فرنسا وخارجها.
كما باخ، جعل ميسيان من العمق الروحاني محور حياته الفنية ومحرّك نشاطه الإبداعي، ولو من خلال أعمال «صامتة» (حصة الأسد في ريبرتواره)، من أعمال للأورغ الكنسي (على غرار باخ أيضاً) وللبيانو ولمجوعات صغيرة ولأوركسترات كبيرة. هذا العمق الروحاني له أكثر من مصدر عند ميسيان، أبرزهما: الإيمان الكاثوليكي (مع تركيز على شخصية يسوع المسيح) والطبيعة، وتحديداً الطيور (المغرِّدة) التي كرّس لها بشكل مباشر أو غير مباشر أعمالاً عدة (من بينها «كاتالوغ طيور» الذي وضعه انطلاقاً من تدوين موسيقي لزقزقة أنواع عدة من الطيور). هذه المصادر التي قد يرى بعضهم في الركون إليها ميولاً محافظة، عبّر عنها ميسيان بأسلوب غير محافظ على الإطلاق. فقد كان الحداثوي المجدِّد في الموسيقى، نغماً وإيقاعاً وتعبيراً.

هذا المساء، يمكنكم الاطلاع أكثر على هذا المؤلف الأساسي في العشرين من خلال جلسة سماع خاصّة به وبأعماله في «المكتبة العامة لبلدية بيروت» (فرع مونو — قرب مسرح مونو)، دعت إليها «جمعية السبيل» وتقدّمها ريتا محفوظ بين السابعة والثامنة من مساء اليوم.