أعلنت وزارة الدفاع العراقية، أوّل من أمس، سيطرة الجيش العراقي على منفذ الوليد الحدودي، إلى جانب السيطرة الكاملة على المثلث الحدودي: العراق ــ الأردن ــ سوريا. وأضافت في بيان أن «قوات من الجيش والحشد العشائري شنّت عمليةً عسكريةً من ثلاثة محاور للسيطرة على منفذ الوليد الحدودي، والشريط الحدودي مع الأردن، بدعمٍ من سلاح الجو العراقي، وطيران التحالف الدولي»، حيث أمسكت القوات بالشريط الحدودي من منفذ طريبيل مع الأردن، وصولاً إلى منفذ الوليد مع سوريا.
ووفق معلومات «الأخبار»، فإن عملية التقدّم باتجاه معبر الوليد بدأتها قوات «الحشد الشعبي»، إلى جانب القوات الأخرى، ليل الجمعة ــ السبت الماضي. ومع ساعات الظهيرة تمكّنت من السيطرة على المعبر واستعادته. وفرض «الوضع السياسي السيّئ» على قيادة «الحشد» غضّ النظر عن إعلان استعادة المعبر، إضافةً إلى أن «ترويج البعض لمشاركة الأميركي، وإقحامه في المعركة، أثار تحفّظاتٍ عديدة لدى قيادة الحشد، التي فضّلت عدم تبنّي الإنجاز».
لكن ما بقي بعيداً عن الإعلام هو «الانزعاج الأميركي الكبير» من دور قوات «الحشد» التي اتخذت محور تقدّمٍ محاذٍ للحدود العراقية ــ السورية، ومن ثم تقدّمها شمالاً باتجاه معبر القصر (معبر ترابي)، والانعطاف إلى داخل الحدود السورية بعمق بلغ أكثر من 20 كيلومتراً، حيث التقت قوات «الحشد» مع قوات الجيش السوري والحلفاء، وبعض فصائل المقاومة العراقية (كتائب حزب الله، حركة النجباء) العاملة في سوريا.

رغم ما تحقق
فإنّ الجميع موقنٌ
بأن معركة الحدود
لم تبدأ بعد

وتضيف معلومات «الأخبار» أن التحرّك المقبل للقوات سيكون مباشرةً بعد عيد الفطر (بعد 10 أيام)، على أن تختار قيادة «الحشد» إحدى الوجهتين؛ الأولى استكمال التقدّم من معبر الوليد شمالاً باتجاه القائم، ومن ثم الوصول إلى بلدة أم صفوك، غربي محافظة نينوى، بحيث تلتقي القوات المتقدّمة بتلك المُثبِّتة هناك، وبذلك يكون «الحشد» قد تمكّن من السيطرة على كامل الحدود العراقية ــ السورية؛ أما الوجهة الثانية، فهي عودة القوات إلى قضاء تلعفر، غربي الموصل، والشروع في عمليات استعادة المدينة ومحيطها، خصوصاً أن قيادة «الحشد» قد حصّلت موافقة رئيس الوزراء حيدر العبادي على إيكالها مسؤولية استعادة تلعفر.
وتصف مصادر «الأخبار» المعارك المقبلة بـ«الصعبة جدّاً»، خصوصاً عمليات صحراء الأنبار، لما تحتويه من جيوبٍ وأوكارٍ لمسلحي «داعش»؛ فرؤية العمليات المرسومة لصحراء الأنبار الغربية، حتى الآن، تقضي «بوصل قوات الحشد من بلدة أم جريص حتى مدينة القائم»، إضافة إلى «وصلٍ آخر للقوات من الرطبة باتجاه القائم»، و«تطويق صحراء الأنبار، والمباشرة في عزلها ومن ثم تطهيرها».
حتى الآن، ومنذ وصولها إلى الحدود السورية، في الشمال (غرب نينوى) والجنوب (معبر الوليد)، لم تخض قوات «الحشد» معركةً حقيقية، كالتي خاضتها مثلاً في محيط مدينة القيروان، جنوب غربي الموصل، لكنه كان تقدّم محفوفٌ ببعض العقد الموضعية، التي عولجت مباشرةً بالأسلحة المناسبة، باعتبار أن مسلحي «داعش» بدأوا بالانحياز إمّا إلى الداخل السوري، أو الانسحاب مع العوائل النازحة من تلك المناطق، وسط انهيار معنوي كبير داخل صفوفهم، ما أدى إلى «تفريغ تلك المناطق من المسلحين، ودخول القوات إليها بشكلٍ سريعٍ وسلس».
لكن هذا المشهد لن ينسحب على المراحل المقبلة، فالجميع موقنٌ بأن «معركة الحدود لم تبدأ بعد»، ما جرى ــ حتى الأمس ــ «تثبيت مواقع عسكرية، وقواعد نارية، وشق خطوط إمداد، إيذاناً للمعركة المرتقبة، التي ستكون في المحيط الحيوي لمدينة القائم»، معقل تنظيم «داعش» عند الحدود السورية.
وبالعودة إلى جبهة تلعفر، فإن البعض يُفسّر منح العبادي الضوء الأخضر لقوات «الحشد» بالدخول إلى المدينة بأنها «خطوة لإبعاد الحشد عن الحدود، وإسناد مسك الحدود إلى الجيش، وحرس الحدود، والحشد العشائري»؛ فالرجل لا يريد أن تتقاطع أجندة أيّ «قوّة عسكرية في العراق مع أجندة خارجية»، وهو تفسيرٌ يدور في فلك ما قاله العبادي في لقائه مع عددٍ من الصحافيين والمحللين السياسيين بأنه «أصدر توجيهات عسكرية لقوات الحشد بمحاصرة قضاء تلعفر، وتحرير المناطق المحيطة به منذ أربعة شهور». وأضاف «أنا أعرف لماذا لم تتحرك بعض قيادات الحشد على هذا المحور، وعندما أبلغتهم بأنني أعرف السبب، التزموا الصمت وذهبوا باتجاه آخر».