■ إن قرار مجلس الوزراء 64 كلّف إدارة المناقصات القيام بأمرين لا ثالث لهما؛ أوّلهما فضّ العروض المالية، فتكون المعاملة قد أحيلت إليكم من المرجع الذي تتبعون له، ولم تردكم ضمن البرنامج السنوي العام أو كمعاملة لإنجازها وفق المادة 16 من المرسوم 2866 (نظام المناقصات)، ما يجعل هناك استحالة قانونية لإخضاعها لكامل الأصول المتبعة في ما خصّ المناقصات واستدراج العروض.
■ إن إعداد تقرير كامل عن الملف مرتبط بممارسة إدارة المناقصات لصلاحياتها كاملة، والتفتيش المركزي مرتبط إدارياً برئاسة مجلس الوزراء ومستقل وظيفياً. إدارة المناقصات نفذت قرار مجلس الوزراء بصيغته المصحّحة لناحية إعداد تقرير كامل عن استدراج العروض، والاستحالة القانونية الوحيدة التي واجهتها في تنفيذ هذا القرار هي وجود عرض مالي وحيد.

■ إن مجلس الوزراء فوّضكم القيام، نيابة عن وزير الطاقة والمياه بفضّ العروض المالية وإعداد تقرير كامل عن استدراج العروض، من دون أن يفوّضكم القيام بأي موضوع آخر.

إن إدارة المناقصات تقوم بموجباتها عملاً بأحكام القانون وليس بتفويض من أحد. التفويض يفترض أصلاً أن المفوّض يملك الصلاحية ليفوّضها، كما أنه يفترض نصاً قانونياً يجيزه، والتفويض بإجماع الفقه والاجتهاد يكون بنص صريح لا ضمني. إدارة المناقصات لا تؤدّي أيّ مهمات نيابة أو وكالة عن معالي الوزير.

■ إن إدارة المناقصات لم تعيّن أيّ لجنة من لجان المناقصات المنصوص عنها في البند الثاني من المرسوم 2866.
ألقى قرار مجلس الوزراء رقم 64 على عاتق إدارة المناقصات موجبين: الأول وضع تقرير كامل عن استدراج العروض، والثاني فضّ العروض المالية من دون أن يحجب عنها ممارسة كامل صلاحياتها. ممارسة هذه الصلاحيات ملزمة لإدارة المناقصات لإعداد التقرير المطلوب. ولما كان الملف المعروض قد بُتّ به من قبل لجنة مشكّلة من معالي الوزير بمشاركة مندوب عيّنته الأمانة العامة لمجلس الوزراء، كان من الطبيعي ألا تشكّل إدارة المناقصات لجنة إلا لتقييم العروض المالية (المرحلة التي لم تصل إليها). كان يفترض بمقتضى القرار رقم 64 أن تتسلم إدارة المناقصات ملفاً أنجزت دراسته الإدارية والفنية من قبل الاستشاري ولجنة التلزيم المشكلة من معالي الوزير، ولا حاجة لتشكيل لجنة تلزيم ثالثة بعد لجنة الوزير والاستشاري الذي حلّ واقعياً محلها ولم يكمل عملها، بدليل أنه باشر مهمته بإعطاء «تسهيلات» وإدخال تعديلات على دفتر الشروط. وقد تبيّن من تدقيق إدارة المناقصات، ومن تقرير الاستشاري، ومن محاضر الاجتماع مع أعضاء لجنة التلزيم، وجود عرض واحد مطابق لدفتر الشروط.
ليست إدارة المناقصات معنية باستكمال العروض بوجود لجنة التلزيم ولجنة الاستشاري اللتين عملتا وكُلّفتا خلافاً للأصول.

■ عمدتم إلى عقد اجتماعات في مكتبكم مع ممثلين عن وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان الذين سمّاهم وزير الطاقة بناءً على طلبكم، ووثّقتم اجتماعاتكم بمحاضر خطية ممهورة بتوقيعكم وتوقيع كاتب اللجنة، من دون أيّ تحفظ أو اعتراض في الشكل أو المضمون. من المستغرب أن يأتي التقرير مناقضاً لما وثّقته المحاضر الخطية ومتنكّراً ومتجاهلاً لها لأسباب لا نجد لها في صلاحياتكم مرجعاً تستند إليه، ومن جهة أخرى لا تأتلف من القانون والأصول الواجب مراعاتها في ما خصّ أهمية المشروع المحال إليكم من الحكومة لفض عروضه المالية. إن اللجنة التي ضمّت إليكم وكاتبها مندوبين عن وزارة الطاقة، قرّرت وجود عرضين فقط مطابقين فنياً، وأن هذين العرضين يصبحان مطابقين إدارياً عند تقديم بعض المستندات المثبتة لصحة المعلومات الواردة في العرضين الأساسيين.

■ توقيع مدير المناقصات على المحاضر لا يعني، ولا يجوز أن يعني، أن مدير عام المناقصات ملزم بالعودة إلى اللجنة لأخذ موافقتها على مضمون تقرير إدارة المناقصات، التي استوضحت أعضاءً في لجنة التلزيم المشكلة من معالي الوزير، ودوّنت محضرين من باب الشفافية وعملاً بقاعدة الوجاهية المعتمدة في الإجراءات الإدارية، بعدما تبيّن لها من محاضر لجنة التلزيم وتقرير الاستشاري وجود عرض وحيد مطابق لأحكام «طلب الاقتراح» (دفتر الشروط)، وهي ليست ملزمة قانوناً برأي هذه اللجنة. أما التوضيحات من قبل أعضائها فهي تأتي في سياق عمل إدارة المناقصات السابق لإعداد تقريرها، وتعدّ من الاعمال التحضيرية لإعداد التقرير وليس من الأعمال اللاحقة. إدارة المناقصات هي من يحكم على صحة عمل لجنة التلزيم وليس العكس، وإدارة المناقصات ليست ملزمة بمناقشة لجنة التلزيم في مضمون تقريرها، وهذه الصلاحية غير موجودة في أي نص، ولا يجوز إخضاع مؤسسة رقابية لرقابة لجنة لا صفة قانونية لها.
إن المحاضر المرفقة بالتقرير تثبت خلاصة نتيجة تدقيق إدارة المناقصات لناحية عدم مطابقة أيّ عرض لدفتر الشروط المجتزأ وغير المكتمل والمعدّل خلافاً لأحكام القانون أثناء عملية التقييم باستثناء عرض واحد، أما العرض الآخر فيؤكد محضر الاجتماع المؤرخ في 19/17/2017 أنه يصبح مطابقاً لما طلبه الاستشاري بعد ضمّ ثلاثة مستندات جوهرية. هذا الأمر الجوهري غير جائز استكماله أصلاً وفقاً لأحكام المادة 24 من نظام المناقصات التي تنص: لا يجوز استرجاع العروض أو تعديلها أو إكمالها بعد تقديمها». ولا يوجد تناقض بين مضمون التقرير ومحاضر الاجتماعات التوضيحية مع مندوبي معالي الوزير. هناك عرض مطابق، وعرض آخر يصبح مطابقاً مع ما طلبه الاستشاري وليس مع دفتر الشروط في حال تقديم المستندات المطلوبة، وهي مستندات جوهرية مرتبطة بقدرة العارض على تنفيذ الصفقة.

■ تقريركم الذي انفردتم بوضعه بات مستوجباً إهماله وردّه برمته شكلاً. يتبين أنه تناول مواضيع تخرج شكلاً وجوهراً عن حدود الصلاحيات المرسومة في المادة 17 من الباب الثالث من نظام المناقصات، وعوضاً عن الالتزام بهذه الحدود، صار إلى تخطّيها والخروج عنها بحيث يحسب القارئ نفسه أمام مرجع دستوري أو قضائي أو قانوني مخوّل تفسير القوانين وقرارات مجلس الوزراء وطرحها بشكل أسئلة أجازها القانون لأعضاء السلطة التشريعية ويضع لها تفاسير لا تتوافق مع معانيها الصريحة والواضحة، كأن يسأل: هل كلّف معالي الوزير إجراء استدراج عروض أو مناقصة؟ أين دور إدارة المناقصات ومكانها في ذلك؟

■ لا علاقة لأعضاء لجنة التلزيم بتقرير إدارة المناقصات ومطالعاتها، فهذه الإدارة مستقلة عن لجان المناقصات، وهي وحدها مسؤولة عن إعداد تقريرها وعن مضمون هذا التقرير. وبمراجعة المادة 17 من المرسوم 2866، يتبين أن الصلاحية الشاملة لإدارة المناقصات تتناول قانونية المعاملة وخلوّها ممّا يحدّ المنافسة وتوفر الاعتمادات. المنافسة لا تتوافر بعرض وحيد، ولا يوجد في الملف ما يثبت توفر الاعتماد. أما الأخذ على إدارة المناقصات ممارسة دور السلطة التشريعية لمجرد إيراد بعض الملاحظات، فإن دورها كمؤسسة رقابية أن تشير إلى مكامن الخلل، وهي ملزمة بوضع ملاحظاتها غير الملزمة للسلطة التنفيذية. السؤال الموجّه لمعالي الوزير هو لإبداء الملاحظة على هذا القرار الذي يثير غموضاً في تطبيقه، والتساؤل حقّ مشروع للإدارة المعنية بالتطبيق، ولا يقصد به لوم أيّ كان. وبلغة القانون والاحترام، إن الوزير ليس مرجعاً مختصاً لتقييم عمل مؤسسات الرقابة وتحديد مجال صلاحيتها.

■ من المذهل أن يأتي تبرير رفض العروض المالية (...) لجهة عدم تمتّع مؤسسة كهرباء لبنان، ومنها غمزاً للدولة اللبنانية، بحق شراء الطاقة من القطاع الخاص، وإنما فقط من المصالح العامة الأخرى أو الامتيازات، مرتكزاً لتفسيره الخاطئ شكلاً ومضموناً على المادة الرابعة من نظام الاستثمار الخاص بمؤسسة كهرباء لبنان ومتجاهلاً قيامها بشراء الطاقة من شركات إنتاج الكهرباء في الدول الصديقة المجاورة.

■ الإشارة إلى المادة الرابعة من نظام الاستثمار الخاص بمؤسسة كهرباء لبنان هي للفت النظر صراحة، وليس غمزاً، إلى نصّ قائم لم يعدّل صراحة ولا ضمناً، وللدلالة على مرجعية مجلس الوزراء في موضوع هذا الملف.

■ ذهب (العليّة) أبعد من ذلك في رفضه لقرار مجلس الوزراء 64، والحكم بأنه لا ينسجم مع التشريعات المحلية والعالمية. ولم يتم الاكتفاء عند حدّ الاعتراض على ما قررته الحكومة، بل صار الارتقاء إلى مصاف السلطة التشريعية والمحكمة الدستورية لمحاسبة الحكومة السابقة والحكم بعدم قانونية أعمالها حين شكلت لجنة وزارية لفضّ العروض في الملف المماثل لاستدراج العروض لمعامل عائمة سنة 2012 و2013.

■ إدارة المناقصات لم ترفض أيّ فقرة واردة في قرار مجلس الوزراء، ولا يدخل ضمن مهماتها ذلك، لكنها وضعت ملاحظة مفادها وحدة عمل لجنة التلزيم، وهي قاعدة مكرسة في التشريعات اللبنانية والعالمية. إذا كان المقصود ألا تضع إدارة المناقصات أيّ ملاحظة، فلماذا طلب قرار مجلس الوزراء منها وضع تقرير؟ لم يرد في اعتراض معالي الوزير أيّ نص يتعارض مع المرسوم 2866 الذي يؤكد وحدة عمل لجنة التلزيم.

■ السماح بدراسة العروض التي تعتمد على الديزل أتى جواباً على سؤال إحدى الشركات التي اعتبرت أن هناك إمكانية لتقديم أسعار تؤمن سعراً إجمالياً تنافسياً باعتماد محروقات غير HFO، ما يزيد عنصر المنافسة.

■ إن التعديل على مادة التشغيل، وإن جاء في إطار الجواب عن سؤال من أحد العارضين، إلا أنه يشكل تعديلاً جوهرياً على دفتر الشروط لا يجوز إجراؤه بعد إطلاق الصفقة من دون اتباع الإجراءات القانونية.

■ ورد في التقرير أن معادلة التقييم المالي باتت بحاجة إلى تعديل بعد التعديلات، ولم تعد صالحة للتقييم، وإن تعديل معادلة الترسية خلال عملية التقييم أمر غير مسموح به... إن هذا الاستنتاج غير صحيح، لأنه لا داعي لإجراء أي تعديل في معادلة التقييم المالي.

■ إن العلم والقانون يفرضان أن ترد معادلة مهلة التسليم ضمن معادلة التقييم عندما تصبح متحركة أيّ غير محدّدة بشكل ثابت من قبل الإدارة، إلا إذا كان المطلوب مقارنة عرض مدة تنفيذه 21 شهراً مع عرض مدّة تنفيذه 3 أشهر بطريقة متشابهة. هذا الأمر أكّده الاستشاري في تقريره. تعديل معادلة التشغيل يستلزم تعديلاً في معادلة الترسية لتأثيره على الكلفة.

■ القول بأن الاستشاري لم ينجز تقريره عندما رفع الموضوع إلى مجلس الوزراء، يدحضه تقرير الاستشاري لجهة وجوب الانتقال إلى المرحلة الثانية، وفتح العروض المالية لاستكمال عملية التقييم، وهو ذكر بوضوح أنه لاستكمال التقييم الفني يجب فتح العروض المالية، لأنها تتضمن معلومات فنية مهمة ليست موجودة إلا في المغلف المالي.

■ إن واقعة عدم إنجاز الاستشاري لعملية التقييم الفني والإداري ثابتة في متن التقرير ومحاضره وملاحقه. الاستشاري طلب من سبعة عارضين إيضاحات تقدم في 23/6/2017، وأعدّ التقرير في 19/6/2017.