يصف المخرج والممثل عزيز خيون (1947) حياة الفنان العراقي الآن بأنها «صعبة ومُرة» بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي تعانيها بلاده لكنه رغم ذلك يتمسك بوطنه ويملك دوماً مشروعاً فنياً يسعى من أجل تحقيقه.
وقال خيون الذي ولد في إحدى قرى الرفاعي في محافظة ذي قار في جنوب العراق عام 1947 في مقابلة مع «رويترز»: «حياة الفنان العراقي بشكل خاص والمواطن العراقي الآن حياة صعبة، حياة مرة، لما يتهدده من أخطار وما يعانيه لتدبير شؤون حياته اليومية».
وأضاف: «أحتاج إلى سقف يأويني، أحتاج إلى مدخول يومي يكفيني لعائلتي وأن أعيش بكرامة، أحتاج حرية واحتراماً، هذا الحد الأدنى من المطالب والاحتياجات للأسف لم يتحقق لكن هذا لا يعطينا عذراً في أن نغادر العراق كما يفعل البعض إنما يمنحنا جلداً وعناداً ومقاومة في أن نلصق بهذا التراب أياً كانت الظروف».
وتابع: «العراق ليس سوبرماركت ولا فندقاً تغادره متى شئت أو حقيبة تحركها أنى شئت، هذا وطن في هوائه ومائه وفي ناسه ومراعيه، وأنا أفتخر أني تعلمت بهذا الوطن ونشأت فيه».
وتخرج خيون في أكاديمية الفنون الجميلة في العراق (قسم المسرح
1973/1972) وعمل في بداية حياته بالإذاعة ومنها إلى المسرح ثم السينما والتلفزيون ليقدم حتى الآن أكثر من 70 مسرحية، إضافة إلى رصيد وافر من المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية.
ويعتبر خيون حرصه وإصراره على تعلم الفن في العراق في نهاية الستينات ومطلع السبعينات أحد روافد فخره واعتزازه ببلده، وهو ما لمسه لاحقاً في عيون الكثير من زملائه العرب والنقاد.
وعن الحركة المسرحية حالياً في العراق وحجم الإنتاج وجهاته، يقول خيون إن «الدولة كانت هي المنتج الأساسي في الماضي وتقدم أعمالاً عظيمة، وتأتي الفرق المسرحية العربية وتتسابق للمشاركة في مهرجانات العراق والفوز بجوائزه. لكن ذلك تغير منذ حصار العراق مطلع التسعينات». وأضاف: «بلد كل ميزانياته تذهب للطلق والسلاح، كل استراتيجياته المصممة لبناء عراق متحضر لم تنجز. كنا نملك أكثر المسارح تحضراً
وتقدماً في الشرق الأوسط حتى الغزو الأميركي (2003) فدُمرت هذه المسارح. الآن لا نملك إلا مسرحاً واحداً هو الوطني وهو غير صالح للعرض».
وتابع قائلاً: «إذا سألتني، هناك مسرح في العراق الآن؟، نعم لكنه ليس المسرح الذي كان، ولا طموحنا نحن كمسرحيين.. هو مسرح في مظلة حرب، فلا توجد ميزانيات للقطاع الحكومي وحتى الفرق الخاصة جميعها انتهت وأصحابها بيوتهم راحت».
وقال خيون: «الفنان العراقي يعاني معاناة كبيرة اليوم حتى يدخل أي بلد أو يحصل على تأشيرة السفر. ننتظر بالأيام والأسابيع للحصول على تأشيرة، وبعد الحصول عليها والسفر نجد بانتظارنا نظرات ترقب وأوامر بالانتظار بالساعات في المطار حتى تتم المراجعات الأمنية والإجراءات الأخرى».
وأضاف: «خاصة في الدول العربية، الظرف الأمني غير مطمئن فنحن الآن في منطقة حرب.. سوريا مشتعلة والعراق مشتعل وليبيا مشتعلة واليمن. كل
هذا لا يمنحك الضوء الأخضر للقاء بأخيك العربي».
ومن حسن حظ خيون أنه استطاع القدوم إلى مصر هذا الأسبوع لتقديم عرضه المسرحي «عربانة» (إنتاج الفرقة الوطنية للتمثيل) للمشاركة
في «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي».
ويتناول العرض حياة «حنون» ذلك الرجل الذي يجر عربة خشبية في شوارع العراق بحثاً عن الرزق إلا أنه وفي لحظة يأس يشعل النار في نفسه مثلما فعل الشاب محمد البوعزيزي أيقونة الثورة التونسية التي أسقطت حكم زين العابدين بن علي في 2011. وبعد أن يموت، يأتيه الملكان منكر ونكير بكتاب أعماله الذي يسترجع معه حياته كاملة ومعها تاريخ العراق من حروب ودمار وقهر على مدى عقود.
وعن هذا العرض، قال خيون لـ «رويترز» في القاهرة: «أحرص دوماً سواء
كان العمل من إخراجي أو أن أكون ممثلاً فيه أن يتحدث العمل عن العالم من خلال خصوصية. أتحدث عن الهم الإنساني لكن من خلال هويتي كعراقي أو سوري أو مصري لأن الهم الإنساني واحد لكن الجغرافيا هي التي قسمتنا».