«هل انتفض حي السلّم على بري ونصر الله؟» (otv)، «الضاحية تنتفض في وجه نصر الله» (برنامج DNA - المستقبل)، «للمرة الأولى وعلناً شتائم ضد حزب الله في عقر داره» (العربية)... فائض من الأسئلة التي خرجت من الإعلام المحلي والعربي، تتضمن عبارتين ثابتيين: «انتفاضة حيّ السلم»، و«حزب الله». إزالة المخالفات أول من أمس، في منطقة حي السلّم، رسمت مشهدية مختلفة، بنيت أرضيتها على العينات العشوائية من شهادات الناس هناك.
مع ساعات الصباح الأولى، أرسلت «الجديد»، مصوراً وميكروفوناً وفتحت الهواء للغاضبين بعد ساعات قليلة من تحطيم المحال وإحالتها خراباً على الأرض، وسط نيران الإطارات المشتعلة. فتح الهواء، وبدا الأمر مسلياً ومثيراً، لنقل هذه الآراء من دون ضابط إيقاع لها. تنقل المكيرو بين هؤلاء. لحقت به lbci، التي حظيت بسكوب: «مواطن شيعي من حي السلم يشتم نصر الله»، عنوان تناقلته المواقع الإلكترونية المناوئة للحزب، والى جانبه شهادة لإمرأة أخرى، دلّت عليها هذه المنابر بأنها «محجبة» عاتبت الحزب وسيده.
مشهدية غضب أهالي «حي السلم»، التي سمّتها القوى المناهضة للحزب بـ «نهاية زمن فدا إجر السيد»، وبـ «الحدث الكبير»، الذي قض مضاجع «حزب الله»، منذ «ثورة الجياع لصبحي طفيلي»، ما كانت الا تنفيساً وإستغلالاً لمجموعة شهادات تعيش في حزام البؤس، قررت الدولة اللبنانية |ـ بعد تراكم أزمات هذه الأحياء الإقتصادية والإجتماعية ــ بأن تضرب بيد من حديد، وتنهي أشكال التعديات فيها. لحظة انتظرتها هذه المنابر وعبرت عن نشوتها لحصولها، سيما في ربطها بالحرب السورية، وقتال الحزب داخلها. الشهادات التي شتمت ولامت بحرقة أحزابها المسيطرة على منطقتها، اشعلت غضبة على الشبكة العنكبوتية، لناشطين تحسسوا من «شتم السيد»، وشهّروا بالشهادات التي وجهت أصبع الإتهام الى الحزب و«حركة أمل»، حتى أنهم ذهبوا بالمقارنة بين اليوم وحرب تموز 2006، لحظة تصريح كاملة سمحات، المرأة المسنّة بأن كل ما خسرته في هذه الحرب «فدا المقاومة». كل هؤلاء شكّلوا الوقود الذي أمّن لهذا الإعلام قوته، فلا عجب من أن تصف «المستقبل» ما حصل في حي السلّم بـ «أننا دخلنا زمناً جديداً»، وأن «البيئة الحاضنة لحزب الله انتقلت من طرح الأسئلة والكلام في الغرف المغلقة الى الكلام المباح». القناة الزرقاء التي تتبع لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ويفترض أن ترّوج لما فعلته الحكومة وتحديداً وزارة لداخلية، في حي السلم، رأيناها تبتعد عن كونها بوقاً للحريريين، وتتحوّل الى مساحة للإنقضاض على «حزب الله».
ومثلها «العربية» التي وصفت بإستخفاف ما حصل في حي السلم بـ «الهجوم الأمني»، الذي تعرض له «سكان من مؤيدي حزب الله»، ووضعت الشهادات الغاضبة ضمن «نشر فضائح تتعليق بميليشيا حزب الله وقياداته السياسية».
ومع إكتفاء تقرير lbci (إعداد نيكول حجل)، بتعريف المشاهدين على الأحوال المعيشية الصعبة، لمنطقة حي السلم الفقيرة، وإشارتها الهامة في مقدمة نشرة أخبارها إلى «حيتان المال ومنتجعاتهم» التي تركت، وركّزت على «الفقير وكوخ قهوته»، وتنوهيها بأن ما يحصل يتعلق بـ «الحرب الناعمة التي تخاض ضد حزب الله»، وبين رقص «الجديد»، على أوتار حادثة حي السلم، في أخبارها العاجلة قبيل نشرة الأخبار: «حي السلم تنتفض على السلطة وعلى حزب الله»، وإفراد تقرير mtv (إعداد جويس عقيقي) مساحة للشهادات الغاضبة التي تدق ابواب عدة ضد الحزب... رست الصورة النهائية لتعاطي الإعلام مع ما حصل في حي السلم. لكن تبقى الكفّة الراجحة لإختبار حصل في الشارع، وطال مناطق معدمة، تحتاج الى إعادة تنظيم وإهتمام رسمي وحزبي. ترك الهواء لبعض قاطنيها، أو حتى الخارجين عن حزامها البائس، لتزويد الإعلام المناهض للحزب، بمنصة واضحة لتصفية الحسابات أبرزها: الحرب السورية، وتدخّله العسكري هناك.