لم تحسب إبنة الستَّة عشر عاماً أنّ «حركتها الخاطفة» تجاه رئيس الحكومة سعد الحريري ستحقّق رقماً قياسيّاً في عدد المشاهدات على موقع يوتيوب خلال ساعات قليلة. مرَّةً أخرى ينجح سعد الحريري في إظهار صورته المُحبَّبة أمام جمهوره بمشهد من خارج السياق السياسي تلا أسبوعاً حافلاً من التصعيد بين الرئاستين الأولى والثانية وتيّارَيْهما. لا يمكن فصل الصورة الأخيرة لرئيس الحكومة عن سياق صُوَر ما بعد عودته من «سجنه السُّعودي» ولا كذلك عن «كاركتيره» الخاص الذي يميلُ عادة إلى الـ «شُو» دون أن يَفقُدَ عفويّته.
كان الحريري يتحدّث في حفل ختام دورة لـ «بناء المهارات» في «تيار المستقبل». يتأهّب رجال الأمن في القاعة الكبيرة. يحاول الرجُلان القريبان من الحريري إبعاد الفتاة عن «الشيخ سعد». يقول الأخير لهم: «خلّوها خلّوها». يتراجعُ الحارسان قليلاً إلى الخلف. يحاول أحدهما إبعادها مجدَّداً، فيكرّر الحريري الكلمة ذاتها: «خلّوها». ماذا لَـو ترك الرجل حرّاسه يتصرّفون كما يُفترض بهم أن يفعلوا في مثل هذه الحالة؟ وهل يمكن لسعد الحريري أن لا يكون «الشيخ سعد» في هذه الحالة؟ «فكّرتُ قبل ذلك بالضرر المعنوي والجسدي الذي كان من الممكن أن يلحق بي فيما لو لم أصِل إليه ولكن قلت في نفسي فليكن ما يكون». تقول الفتاة. يحضنها الأخير بقوّة. يربّت على ظهرها بحنوّ ورفق كبيرين. يقول لها «سريعة». يقبّلها على رأسها قبل أن تعود أدراجها سريعاً. حصل كل ذلك في دقيقة وبضع ثوان فقط. يصفّق الجمهور طويلاً. لم يفت الحريري أن يمرّر رسالة لأمنه الخاص بطريقة ذكية بروح النكتة: «هلق الأمن عم بيحك براسو،عم بيقول شو صار ماذا حصل؟ فاجئناكم؟» يضحك الشيخ سعد طويلاً. يضحك الجمهور أيضاً. يحتاج الحريري الآن إلى لحظات كهذه أمام جمهور عريض. يريد أن يخاطب الجميع مرة واحدة: مؤيّديه وفريقه الأمني والسياسيين الذين «حضنوه» خلال «محنة الرياض» وقبل بداية السباق الفعلي إلى الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل. «حسيّت بشعور الأبوّة بين بنت وبين أبوها». تقدّم ضحى محيي الدين الآتية من «تعلبايا» البقاعية خلاصة شعورها في تلك اللحظة. تقول إنها تشعر بالحاجة الى الحماية. «الشيخ سعد هو من يحميني». لم تقل الفتاة مِمَن سيحميها وكيف؟ تشبه ضحى شابات وشباناً لبنانيين كثر يطلبون أيضاً «الحماية» من «زعيمهم». تمثّل ضحى «جيل زعامة سعد الحريري» في «تيار المستقبل». الجيل الذي وُلد قبل أو بعد موت الحريري الأب بسنوات قليلة. لم يُخطىء الرئيس الحريري حين قال لها ممازحاً «لازم تشتركي بسباق الـ100 متر». ضحى تحب «السبور» فعلاً. تقول إنه كان من المفترض أن تشارك قبل فترة في ماراتون في مدرستها وأجرت «بروفة» ناجحة، لكنّ أسباباً قاهرة حالت دون مشاركتها. بالأمس كسبت ضحى السباق إلى «قلب من تُحِب» وهي كانت تفكّر بالأمر منذ سبع سنوات على الأقل. فهل يكسب الحريري «سباق المئة متر» الأخيرة إلى البرلمان؟ السباق بدأ الآن!