أنجز فريق رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ما اتّفق على تسميته «مقاربة جديدة لإعداد قانون الموازنة العامّة». شارك في أعمال هذا الفريق مباشرة أو بطريقة غير مباشرة معظم الوزراء الذين يطلق عليهم اسم «وزراء البزنس»، ولا سيما وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحّاس ووزير الدولة مروان خير الدين، فضلاً عن المستشارين سمير ضاهر وجو عيسى الخوري وشركة «بوز اند كو»، واستفاد الفريق من مشروع قانون الموازنة الذي أعدّه وزير المال محمد الصفدي إضافة إلى تقرير طلبه ميقاتي من رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان عن مناقشات اللجنة لمشروع قانون موازنة عام 2010 وتوصياتها في شأنه، بحسب ما أوضحت مصادر اطّلعت على مراحل إعداد هذه المقاربة» التي ستوزّع قريباً جداً على الوزراء لمناقشتها في جلسة قد تُعقد في نهاية هذا الشهر.
تمثّل هذه «المقاربة» إدانة مباشرة لطريقة إدارة المال العام في الفترة الماضية، وتدعو إلى الالتزام بالمبادئ الدستورية والقانونية التي تحكم إعداد موازنة الدولة، ولا سيما مبادئ «الشمولية» و«السنوية»، إلا أنها تقترح إضافة ما تسمّيه «القواعد الذهبية» وجعلها قواعد «دستورية»، وتشمل هذه القواعد «ألا يكون هناك عجز أولي، وأن تكون الموازنة مبنية على أهداف تحفيز النمو وضبط التضخّم، وأن تعتمد سقوفاً محددة للعجز والدين العام كنسبة من الناتج المحلي»، وتدعو إلى خفض سقف العجز إلى 5% والدين العام إلى 100% على مدى خمس سنوات مقبلة. وتقترح لتحقيق ذلك جملة من الإجراءات والادوات، بعضها قد يُنظر اليه على أنه شديد السلبية، كتسييل بعض الاصول العامّة (الخصخصة) وإشراك القطاع الخاص في الاستثمارات العامّة، وخفض النفقات الاستثمارية من 3078 مليار ليرة إلى 1700 مليار ليرة، واعتماد قاعدة «مقلوبة» تقضي بربط حجم الانفاق الاستثماري وتمويله بما يسمّى الفائض الأولي (أي الفارق بين الايرادات والنفقات من دون خدمة الدين العام)، وبالتالي حصر الاستدانة بتمويل خدمة الدين العام. هذه القاعدة تخالف المنطق الذي يدعو إلى العكس، أي حصر الاستدانة بتمويل الانفاق الاستثماري المنتج الذي يؤدّي إلى خلق المزيد من الاصول الوطنية وفرص العمل وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين وخفض كلفة الانتاج!

وتنطوي «المقاربة» المطروحة على دعوة إلى «إعادة النظر بسلسلة الرتب والرواتب لموظّفي الدولة»، وتحديد سقف «لا يمكن تجاوزه» لنسبة الأجور وملحقاتها من مجموع النفقات والايرادات! كما تنطوي على دعوة لإعادة النظر في تعرفة الكهرباء، واعتماد معدّلين للضريبة على القيمة المضافة، الاول بنسبة 10% للسلع الضرورية والثاني بنسبة 15% للكماليات، مع تأكيد واضعي هذه «المقاربة» أن رفع معدّلات هذه الضريبة «لن تكون له آثار سلبية حادّة على النشاط الاقتصادي ومستوى الأسعار أو التضخّم»، علماً بأن «المقاربة» لا تتبنى بنحو صريح أو حاسم فرض ضريبة على تبادل الاصول (أو الربح العقاري)، ولكن تأتي على ذكرها على سبيل المثال فقط.
وتخلص هذه «المقاربة» إلى اقتراح بنية معدّلة لموازنة عام 2012 تتضمن إنفاقاً إجمالياً بقيمة 20544 مليار ليرة، منها 1700 مليار كنفقات استثمارية و3089 ملياراً للكهرباء و5812 ملياراً لخدمة الدين العام و6294 ملياراً للرواتب والأجور، يضاف اليها احتياطي بقيمة 1000 مليار ليرة لزيادة الأجور المقررة. كذلك تتضمن إيرادات ضريبية بقيمة 11583 مليار ليرة، وإيرادات غير ضريبية بقيمة 3233 ملياراً، و«إيرادات خزينة» بقيمة 728 مليار ليرة، أي إن العجز سيبلغ نحو 5000 مليار ليرة وما نسبته 7.8% من الناتج المحلي.
وتدعو هذه «المقاربة» إلى تبنّي «قرار سياسي جريء» لإمرار مشروع الموازنة عبر قانون استثنائي «يجيز لمجلس النواب إقرارها قبل إجراء قطع الحسابات القانونية على الموازنات السابقة».
وتحذّر مقاربة ميقاتي من أن «التطورات الاقتصادية والسياسية، الإقليمية والدولية، تفرض علينا توخي أقصى درجات الحيطة والحذر في قراراتنا المالية وعدم التوسع المفرط في الإنفاق العام لما لذلك من مخاطر وانعكاسات سلبية يعاني منها حالياً العديد من البلدان المجاورة ومن الدول المتقدمة، هذا إلى جانب التذكير بأن انفلات الإنفاق الحكومي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي قد أساء بشكل كبير لاقتصادنا الوطني وأضعف قدراتنا الإنتاجية وأدى إلى تدهور ضخم لسعر صرف النقد الوطني وإلى تراجع كبير في المداخيل».
في ما يلي ملخص لهذه «المقاربة» يتضمن أبرز ما جاء فيها:
■ معالجة الاختلالات السابقة: يعود آخر قانون للموازنة إلى عام 2005، ومنذ ذلك الوقت، يقوم الإنفاق الرسمي على آليات غير واضحة، لكنها كانت ولا تزال ضرورية لتمكين الدولة اللبنانية من الإيفاء بالتزاماتها (...)، إلا أنها قوّضت بشكل كبير هيكلية المالية العامة وموازناتها وأداءها بحيث أصبح من الصعب جداً وضع موازنات عامة بشكل فاعل إلا بعد «قرار سياسي جريء» (...). إن عدم حسم موضوع موازنات وقطع حسابات الأعوام السابقة سيبقي النقاش مفتوحاً على نزاعات وخلافات سياسية تعوق أكثر وأكثر العمل الحكومي وتزيد من هدر المال العام وتبقي على ضعف الانتاجية وغموض الرؤية في القطاع العام. ولذلك، «نقترح أن تضع الحكومة مشروع قانون استثنائياً يجيز لمجلس النواب إقرار موازنة 2012 قبل إجراء قطع الحسابات القانونية على الموازنات السابقة، على أن يجري تضمينه فترة زمنية محددة لإتمام كل العمليات القانونية المتعلقة بموازنات السنوات السابقة، أي أن تتم الموافقة بتحفظ حتى يصدر ديوان المحاسبة رأيه في ما يتعلق بقطع حساب الموازنات السابقة، على أن يعرض مجدداً على المجلس النيابي للتصديق النهائي».
■ المبادئ العامة: افتقدت الموازنات السابقة الكثير من المبادئ والاسس التي يفترض أن تبنى على أساسها الموازنات العامة (...) ومنها:

* الشمولية: أن تضم الموازنة كل الانفاق الحكومي، بما فيه الصناديق والمجالس والهيئات التي أنشئت على مدى السنوات الماضية. وعاب الكثيرون في السنوات الماضية على الموازنات عدم التزامها بهذا المبدأ، ما ساعد في إضعاف قدرة المؤسسات والدوائر الحكومية على ضبط الانفاق.
* السنوية: أن تضم الموازنة كل مصاريف السنة وعدم اللجوء إلى إمرار سلفات أو قوانين إنفاق إضافية.
* التخصصية: إقرار اعتمادات صرف واضحة وصريحة (...) لا تسمح بنقلها من باب إلى آخر.
* الصدقية: تحديد نفقات وواردات صحيحة وواقعية وغير منقوصة.
■ التصحيحات المطلوبة: مع تراجع النمو في عام 2011، وارتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية، يفترض أن يقوم لبنان باعتماد تصحيحات مالية واسعة:
أـــ الالتزام بخفض سقفي العجز والدين العام تدريجاً إلى نسبة 5% للعجز السنوي وإلى 100% للدين العام مقارنة بالناتج المحلي في مهلة السنوات الخمس المقبلة.
ب ـــ التشدد والالتزام بالقواعد الذهبية الآتية: ألا يكون هناك عجز أولي. أن تبنى الموازنة لتحفّز النمو الاقتصادي وتسهم في معالجة الاختلالات السابقة وضبط التضخم. أن تعتمد السقوف المحددة للعجز والدين نسبة إلى الناتج.
ج ـــ لا تقتصر إدارة الدين على التخفيف من خدمته بل من المفترض العمل على خفض حجمه للخروج من دوامته وتحسين وضع المالية العامة والتصنيف الائتماني للدولة اللبنانية ومنع الانفلات التضخمي، ولذلك يجب: ترشيد الانفاق وحصر الهدر، إعادة النظر في النظام الضريبي وتحسين الجباية، تسييل بعض الاصول العامة وإشراك القطاع الخاص في الاستثمارات العامة.
د ـــ إطلاق ورشة عمل حول أهم بنود الانفاق، ولا سيما: عجز الكهرباء، الضمان الاجتماعي والانفاق على الصحة والتعليم، حجم كتلة الأجور وتعويضات التقاعد في القطاع العام، الانفاق الاستثماري، وإعادة النظر في الصناديق والمؤسسات المستقلة.
هـ ـــ إن قانون الموازنة هو النص المتضمن للأحكام الأساسية التي تقضي بتقدير الواردات والنفقات العامة لمشروع الموازنة، ولذلك لا يُفترض إدراج أي تعديلات في القانون والأنظمة الراسخة منذ عشرات السنين. وإذا أرادت الحكومة تعديلها إو إلغاءها فالمطلوب إحالتها على المجلس النيابي لتجري دراستها من قبله (...).
■ الإصلاحات المؤسساتية: من الضروري إنشاء إدارة متخصصة في وزارة المال توكل إليها ترجمة ما رسمه البيان الوزاري إلى رؤية اقتصادية واجتماعية تمثّل الإطار العام الذي توضع فيه الموازنة وسياسة الانفاق والدخل والضرائب والواردات، ووحدة مشتركة بين مختلف الوزارات والادارات المعنية (وزارة المال، وزارة الاقتصاد، المصرف المركزي، إدارة الاحصاء المركزي، مكتب رئيس مجلس الوزراء) لاستشراف توقعات وسيناريوات الاقتصاد الكلي لتأمين تجانس الموازنة مع التوقعات الاقتصادية العامة.
■ إدارة الأولويات: لا بد أن يكون مشروع الموازنة إلى حدّ ما حلاً توافقياً ناجماً عن المفاوضات التي تسعى إلى التوفيق بين مستلزمات النمو والتطور الاقتصادي من جهة ومتطلبات الوزارات والمناطق والاحتياجات القطاعية المختلفة (...) ويجب الأخذ في الاعتبار التحولات الحاصلة في دور الدولة الاقتصادي وإشراك القطاع الخاص في تأمين قسم من الخدمات العامة، بما في ذلك الاستثمارات الخارجية وعمليات المشاركة لتحسين استغلال الاصول الثابتة العامة.
■ تمويل البنية التحتية: ليس هناك القدرة المالية لدى الخزينة على تمويل الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والواجبة منذ فترة طويلة في قطاعات الطاقة (7 مليارات دولار) والمياه والصرف الصحي (8 مليارات دولار ) والاتصالات (1 إلى 2 مليار دولار) والنقل. لذا ينبغي على القطاعات التي بإمكانها جذب رؤوس الأموال الخاصة، مثل الطاقة والغاز والاتصالات، أن تكون مفتوحة للتمويل الخاص.
* قطاع الطاقة: إن ورقة سياسة الكهرباء التي وضعتها وزارة الطاقة ترتكز على معطيات وتقديرات غير مؤكدة وغير ثابتة، تؤدي في حال عدم توافرها إلى ازدياد كبير في العجز المتراكم، ومن هذه المخاطر: عدم توفير مصادر الطاقة المناسبة التي يمكنها أن تؤمن كلفة إنتاج منخفضة كما هو حاصل الآن في عدد من مراكز الانتاج، عدم رفع التعرفة، عدم إنجاز الوصلات اللازمة لربط كافة شبكات التوزيع، عدم تحديث الهيكلية الادارية، عدم القدرة على إزالة كل التعديات على الشبكات، عدم خفض الهدر التقني والتشغيلي. إن تأمين هذه المعطيات هو الشروط الأساسية التي من الضروري أن تتزامن مع زيادة قدرة الانتاج.
* قطاع النقل: يجب أن يكون هناك جدول زمني واضح لوضع استراتيجية النقل، وحثّ القطاع الخاص على المشاركة في الاستثمار وإدارة هذا القطاع.
* قطاع المياه: هناك برامج متعددة وضعت ورصدت لها اعتمادات، لكن من المفترض أن تواكبها معالجات قانونية لرفع المعوقات التي لا تسمح بمشاركة فعّالة للقطاع الخاص في الاستثمار والإدارة كما تعوق إنشاء جمعيات مستخدمي المياه.
* قطاع الاتصالات: من الضروري الإسراع في إنجاز استراتيجية لهذ القطاع المحوري لتحقيق التنمية الاقتصادية، وخاصة أن تطوير هذا القطاع سيزيد من مداخيل الموازنة.
■ تطور حجم الإيرادات: مثّلت المداخيل خلال فترة 2007 ـــ 2011 نسبة وسطية من الناتج المحلي الإجمالي قدرها 23.4%. ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 24.4% وفق مشروع موازنة عام 2012. وقد نمت الإيرادات خلال فترة 2007ـــ2011 بمعدل سنوي متوسط قدره 12%، وهي نسبة نمو مرتفعة قياساً إلى نمو النفقات البالغ 10%. ويعادل نمو الإيرادات بالضبط معدل النمو الاسمي المتوسط للناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما يعكس عدم زيادة النسب الضريبية منذ عام 2003. لذلك، يمكن توسيع الجهد الضريبي عبر تحسين الجباية من جهة أو تكليف بعض أبواب الدخل غير الخاضعة أو الخاضعة بمعدلات متواضعة حالياً، مثل إدخال ضريبة ربح التحسين على تبادل الأصول أو رفع المعدلات على فوائد الودائع المصرفية أو رفع معدلات الضريبة على القيمة المضافة والتي لن يكون لها آثار سلبية حادة على النشاط الاقتصادي أو على مستوى الأسعار أو التضخم. ورغم ذلك، فإن هذا التوسع في رفع الجهد الضريبي يجب أن يتخذ بالتنسيق مع السلطات النقدية لتفادي أيّ انعكاسات سلبية في ظل تراجع النمو الاقتصادي الذي نشهده حالياً.
* الضريبة على القيمة المضافة: يجب أن تكون الضريبة على القيمة المضافة وسيلة للعدالة الضريبية ولتأمين المداخيل للدولة. لذلك يجب أن تقوم على أساس شطور مختلفة، فتكون السلع الأساسية في سلة الاستهلاك معفاة تماماً، والسلع الضرورية لكافة المجتمع تتحمل نسبة 10% والكماليات تخضع لحدود الـ15% كما في بقية الدول.
* الضريبة على الدخل: إن العدالة الضريبية تقتضي أن تتساوى كل القطاعات التي تسهم في الناتج المحلي في الجهد الضريبي، بما يتناسب مع قدرتها على التطور. لذا يجب مراجعة النُظُم الضريبية لكل القطاعات لتفادي سلبيات بعضها.
■ القدرة على التمويل ومصادره: إن مشروع الموازنة يضع ضمن تصوره مصدرين لتمويل البرنامج الاستثماري، هما: التمويل الخارجي باللجوء إلى الصناديق والحكومات، والشراكة مع القطاع الخاص لتمويل عدد من المشاريع، إضافة إلى مصدر ثالث تقليدي لتمويل العجز هو المصادر المصرفية المتنوعة، بما فيها مصرف لبنان. هذا التصور يستدعي التنبّه إلى التحديات الآتية: ظروف الاقتصاد العالمي التي قد لا تسمح بتحقيق النمو الذي تطمح إليه الموازنة. قدرة المصارف المحلية على تمويل احتياجات الخزينة بفائدة لا تحبط مقومات النمو الاقتصادي الذي تسعى إليه الدولة. تطور الإطار القانوني لبيئة الأعمال كي تصبح محفّزة وجاذبة للشراكة مع القطاع الخاص في استثمارات البنى التحتية وجلب الاستثمارات عموماً. أما اللجوء إلى الاقتراض من مصرف لبنان، فيجب تحاشيه لسلامة الوضع النقدي ولجم التضخم، إذ يخشى أن يرافق هذا التوسع في الاقتراض من مصرف لبنان تدهور في ميزان المدفوعات، وخصوصاً أن هذا الميزان قد سجل عجزاً بحوالى 2.7 مليار دولار في الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2011 مقابل فائض قدره 2.1 مليار دولار للفترة نفسها من عام 2010، أي بفارق قدره 4.8 مليارات دولار (...). وفي الكثير من المناسبات نبّهت السلطات النقدية إلى عدم قدرتها على الاستمرار بهذا النهج، نظراً إلى تداعياته السلبية على الفوائد وعلى أسعار الصرف، خاصة في ظل عجز في ميزان المدفوعات. وبناءً على المعطيات الحالية، يقدّر مصرف لبنان أن القطاع المصرفي لا يستطيع تمويل عجز حكومي بأكثر من 5000 مليار ليرة.



هيكلية الموازنة

تقليص الإنفاق الاستثماري




ـــــ النفقات الاستثمارية: إن تطور النفقات الاستثمارية المحققة بين عامي 2007 و2011 يشير إلى أن قيمة هذا البند لا تتجاوز 5% من مجمل النفقات المحققة، أي أقل من 700 مليار سنوياً. لذا، نقترح تقليص الحصة المخصصة في مشروع الموازنة للنفقات الاستثمارية من 3078 مليار ليرة إلى 1700 مليار (...) ويجب اعتماد قاعدة عمل جديدة (...) فتُحصَر النفقات الاستثمارية بالفائض بين الإيرادات والنفقات (من دون خدمة الدين) ويجري ربطها بالإيرادات لا بالدين.
ـــــ خدمة الدين العام: تراجعت نسبة خدمة الدين العام إلى مجموع النفقات في السنوات الخمس الأخيرة من 39% عام 2007 إلى 33% عام 2011. ويعود ذلك إلى تراجع الفوائد المدينة (...). ومن المتوقع أن يستمر هذا المنحى الانخفاضي لتصل كلفة خدمة الدين إلى 5812 مليار ليرة عام 2012، أي 26% من مجموع النفقات. إنما ليس من المستبعد أن تظهر مخاطر إن كان بسبب ارتفاع نسبة الفوائد مجدداً أو بسبب تراجع التصنيف الائتماني. فمن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على الموازنة؛ لأن كل نقطة ارتفاع على مستوى الفائدة يزيد الأعباء بقيمة 900 مليار على مستوى خدمة الدين. لذا، من الضروري المحافظة على انخفاض مستوى الفوائد لضبط العجز وعدم التوسع به.
ـــــ نفقات الأجور والتعويضات والتقاعد: ارتفعت من 3583 ملياراً عام 2007 إلى 7294 ملياراً عام 2012 (مع تقدير زيادة الأجور المقرة أخيراً بـ1000 مليار ليرة). وتعكس الأرقام تطور كتلة الأجور وآثار التوظيف الكثيف (وخاصة في عديد القوى الأمنية والعسكرية) والزيادات المتتالية في الأجور. لذا، أصبح من الملحّ أن توضع رؤية مستقبلية لتطور الرواتب والأجور، وخاصة ملحقاتها من معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة، بالإضافة إلى إعادة النظر بسلسلة الرتب والرواتب. كذلك يجب تأكيد خطورة عدم معالجة قضية ملاكات القطاع العام. ويجب أن يكون هناك سقف لا يمكن تجاوزه لنسبة نفقات الأجور وملحقاتها إلى مجموع النفقات وإلى الواردات أيضاً. كذلك يجب إعادة هيكلة كل الإدارات العامة ونوعية الخدمات التي تقدمها والطرق المختلفة التي يجري فيها ملء الشواغر، وذلك وفقاً للقدرة التمويلية وبناءً على كفاءة القدرة البشرية وقدرة القطاع العام على منافسة القطاع الخاص.
ـــــ التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان: تزايدت الحصة المخصصة لدعم الكهرباء من 1479 مليار ليرة عام 2007 إلى 3038 مليار ليرة في عام 2012، (بما في ذلك قانون البرنامج)، علماً بأن المبلغ غير كافٍ لسد احتياجات القطاع وله أثر كبير جداً على المالية العامة. لذا، يجب العمل وبالسرعة القصوى على: تخفيف كلفة الإنتاج، وتحسين المداخيل مع إعادة النظر في هيكلية التعرفة وتحسين الجباية.
(الأخبار)