يبدو أن تأثيرات ضخامة الغضب المصري وضآلة الغضب «المستقبلي» لن تقتصر فقط على تخفيف اللهجة وخفض سقف شروط المشاركة في الحكومة الميقاتية، بل قد تؤدي أيضاً إلى نقل مهرجان 14 شباط من ساحة الشهداء إلى ... قاعة في البياللأول مرة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يتجه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إلى إقامة مهرجان ذكرى الاغتيال داخل قاعة في البيال، بدلاً من ساحة الشهداء، بعكس ما جرت عليه العادة منذ عام 2006. وأكدت مصادر بارزة في 14 آذار أن الحريري أبلغ بعض حلفائه هذا التوجه، طالباً إليهم إعداد أنفسهم وأنصارهم لحشد كبير يوم 14 آذار بدلاً من 14 شباط. كذلك أكد مسؤول في تيار المستقبل لـ«الأخبار» وجود توجه لدى قيادة التيار لإقامة المهرجان في البيال.
وكشف مصدر مقرب من تيار المستقبل أن ثمة عوامل عديدة تدفع بهذا الاتجاه، أبرزها حالة الإحباط الشعبي التي يعيشها أنصار التيار بعد خروج الحريري من رئاسة الحكومة، والحضور الباهت الذي ظهر في يوم الغضب، وصولاً إلى ما يجري في مصر، وهو ما يرى فيه الحريري انتكاسة كبرى لمشروعه السياسي. وتأتي هذه المعلومات، بعدما كانت منسقيّات التيار في بعض المناطق قد بدأت الاستعدادات لحشد المناصرين للمشاركة في المهرجان بدون تحديد المكان المفترض لإقامته.
وبدا أمس، أن التعديلات لم تقتصر على مكان مهرجان 14 شباط فقط، بل طاولت شروط الأكثرية السابقة، أو بعضها، للمشاركة في الحكومة، إضافةً إلى بروز تعديل في اللهجة وإعطاء صفات جديدة للمطالب، إن لم يكن تغييرها، لكن من دون الإقلاع عن محاولات نقل المأزق إلى الضفة الأخرى، كمحاولة الإيقاع بين الأكثرية الجديدة ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، أو بينها وبين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي.
فالرئيس أمين الجميل، خرج من لقائه مع ميقاتي أمس، وهو الثاني في 5 أيام، متحدثاً عن اجتماع إيجابي «ولا بد في النهاية من أن نصل الى نتائج إيجابية لحل الأزمة التي نمر بها». وشدّد على ضرورة عدم الاستخفاف بما يحصل «في السودان والعراق ومصر واليمن». ثم، وبحجة أن «الحكومة الأحادية التي يسعى إليها البعض تطرح مسألة أساسية تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية ودوره»، طالب بتطبيق الديموقراطية التوافقية التي أعلن الخضوع لها بعدما اعترف بأن «هناك فريقاً أخذ الأكثرية»، وإذ أقرّ أيضاً بأن «الأكثرية السابقة ارتكبت بعض الأخطاء والزلّات، دعا إلى تصحيح الأخطاء في الحكومة الحالية»، وإلى حفظ البلد وتحصينه «عبر شراكة حقيقية». كذلك زار الجميّل أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
ولفت أمس أنّ ميقاتي بعث مع مستشاره جو عيسى الخوري، رسالة لم يكشف عن مضمونها، إلى البطريرك الماروني نصر الله صفير، الذي نقل عنه رئيس المجلس الماروني العام وديع الخازن، تشديده على «أهمية التناغم القائم» بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف «للحفاظ على الروح الميثاقية في تأليف الحكومة الجديدة بعيداً عن منطق التغليب».
وفي وقت اتهم فيه الوزير بطرس حرب المعارضة السابقة بأنها تشن على 14 آذار حرباً «ستتحوّل في المستقبل ضد رئيس الجمهورية»، نقل النائب أنطوان زهرا هذه الحرب إلى جبهة أخرى، بالقول إن ميقاتي يجهد صادقاً لإثبات أنه يريد حكومة جامعة، وأنه وسطي، وإنه لم يكن الخيار الأساسي لقوى 8 آذار التي شكك في أن تكون تريد تأليف حكومة. فيما طالبت النائبة بهية الحريري بـ«الوضوح في ثوابت المرحلة المقبلة»، محدّدة هذه الثوابت بـ: العدالة الدائمة والوحدة الوطنية والديموقراطية وتداول السلطة.
في المقابل، أبقت الأكثرية الجديدة شعار المشاركة، من دون أن تغفل «وإلا...»، فالنائب طلال إرسلان أعلن بعد لقائه الرئيس المكلف أمس دعم «المسيرة الإنقاذية التي يقودها الرئيس ميقاتي بالتعاون مع القوى السياسية الأخرى»، آملاً من الجميع «أن يعوا أخطار هذه المرحلة ودقّتها». ومن الرابية تحدث النائب آغوب بقرادونيان، باسم وفد حزب الطاشناق، عن وجود جهد كي تشارك كل الأطراف في الحكومة، و«إذا كان بعض الأطراف لا يريد المشاركة، فسيكون هناك تمثيل من نوع آخر، أي تمثيل للمستقلين، على أن تكون الحكومة ميثاقية، أي أن تمثّل الشرائح كلها مباشرةً أو بطريقة غير مباشرة».
وإلى مشاورات التأليف، واصل ميقاتي أمس لقاءاته الدبلوماسية، التي شملت سفيري الكويت عبد العال القناعي، وهولندا هيرو دي بور. وفيما تمنّى الأول «للبنان وللدول العربية جميعها الاستقرار والوحدة والأمن والأمان»، تحدث الثاني عن الاهتمام الأوروبي «بأن يكون هناك تأليف سلس للحكومة»، مع إظهار «اهتمامنا الخاص بمصير المحكمة الدولية».