كأنه لا يكفي المستهلك اللبناني أزمة الأطعمة الفاسدة التي تشغل باله فينكفئ عن شراء اللحوم والدجاج المجلّد حتى يصل به الأمر إلى حد عدم القدرة على ذبح الدجاج الطازج الذي يربيه وأكله. فقبل أيّام، استفاقت أمل ضومط، ابنة بلدة جدايل الجبيليّة، على نفوق عدد من الدجاج التي تهتمّ بتربيتها. نفوق سرعان ما تحوّل بعد يوم واحد إلى حالة جماعيّة. لكن ضومط لم تكن الوحيدة التي خسرت هذا العدد الكبير من الطيور بل كانت هناك حالات مشابهة كثيرة لا سيما في المنطقة الممتدّة من جبيل وصولاً إلى شمال لبنان وفي البلدان المجاورة مثل سوريا والأردن. أمّا السبب الأساسي فكان انتشار فيروس الطاعون، أو ما يسمى بالإنكليزية Newscastle Disease Virus NDV.هكذا، ضرب الفيروس الدواجن مسبباً لها الوفاة السريعة، فخسر أصحاب المزارع والمواطنون أعداداً كبيرة من الطيور، كما يؤكد لـ«الأخبار» المهندس الزراعيّ المهتمّ بهذا القطاع جو ابراهيم. ويقول إنّ الفيروس كان قويّاً فأنهك مناعة الطيور، وجعلها أكثر عرضة للإصابة بأمراض وفيروسات أخرى مثل الإنفلونزا وغيرها، ما أدى إلى حدوث هذه الوفيات السريعة.
ويرى إبراهيم أنّ الطاعون هو بوّابة لإصابة الطيور بأمراض أخرى، موضحاً أنّه حتى لو أعطيت الطعم الخاصّ قبل إصابتها بالمرض، فإنّ ذلك لن يكون كافياً لتوفير الحماية لها، على حد تعبيره. أمّا سبب انتشار الفيروس بهذه الصورة فيعزوه إبراهيم إلى كون تربية الدواجن تتزايد وتتركّز في هذه المنطقة بالذات حيث الكثير من المزارع، ما يجعل المرض يتفشّى بصورة سريعة. الأهمّ أنّ فيروس الطاعون لا ينتقل بالطعام إلى الانسان، إذ إنّ نوع الفيروس الذي يصيب الدواجن تحديداً لا يصيب الإنسان، على حد قول المهندس الزراعي.
أمّا الحلّ فيكمن، برأي ابراهيم، في منع أصحاب المزارع من تربية الدواجن لفترة 40 يوماً أو أكثر لتطهير المكان واستئناف العمل بعد ذلك مع مراقبة الطيور، فإذا عادت بوادر الفيروس وظهرت، تتلف الطيور ويعمد إلى تطهير المكان مجدداً والانتظار فترة أطول من أجل التأكّد من سلامته، ليعود بعدها المزارعون إلى تربية الطيور.
صحيح أنّ الطريق طويلة، يقول إبراهيم، إلّا أنّها كفيلة بوضع حدّ لانتشار الفيروس على نحو أكبر. يذكر أنّ الطاعون يصيب الدواجن عموماً، لكن الدجاج هو الأكثر عرضة للإصابة، يليه البطّ وبعد ذلك الأوز. كذلك من المحتمل أن يصيب الفيروس الطيور الداجنة والبريّة جميعها. أما نسبة الإصابة، فتختلف بحسب نوع الفيروس، وأيضاً تبعاً لقوة الجهاز المناعي والحالة الصحية للحيوان فضلاً عن العوامل المحيطة الأخرى.