لا يساوي التعميم الرقم ٥ الصادر في ٢٥ نيسان الماضي عن المديرة العامة لوزارة السياحة ندى السردوك الحبر الذي كتب به. يتوجه التعميم إلى المسابح والحمامات البحرية ومرافئ الاستحمام بضرورة التقيد بالإجراءات المتعلقة بالسلامة العامة، وذُيل التعميم بطلب اعتماد المساواة في استقبال الزبائن من دون تمييز لجهة العرق أو الجنسية، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وتؤكد الوزارة وجوب التزام هذه الإجراءات، وأنها ستتشدد في تطبيقها وستضطر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين. تكفي جولة صغيرة على عدد من المسابح الممتدة على الشاطئ من الجية في الجنوب، وصولاً إلى أنفة في الشمال، للتأكد من أنّ المنتجعات السياحية لا تكتفي بتبليغ غير البيض شفهياً قرار منعهن من الدخول، بل تدرج هذا القرار في الكتيبات التعريفية بخدمات المنتجع، وضمن لوحات ضخمة معلقة على مدخله، ترد فيها العبارة الآتية: «ممنوع إدخال الراديو والطعام والعاملات الأجنبيات في المنازل»، أو «يسمح بدخول الخادمات بشرط عدم السباحة في حوض المنتجع».
هنا تقول منسقة الحملة في حركة مناهضة العنصرية في لبنان فرح سلقا «رصدنا عشرات المنتجعات السياحية التي تعتمد التقاليد والممارسات العنصرية نفسها بحق غير البيض في لبنان، ما يذكرنا بحقبة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية». وتلفت إلى أن الحركة اتصلت بعشرات المنتجعات بعد صدور تعميم «السياحة»، لكن 90% منها أجابت بأنها لا تسمح بدخول العاملات الأجنبيات.
أول من أمس، نشرت الحركة شريطاً على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب» يظهر كيف منع الموظف المناوب في منتجع سان جورج في بيروت، دخول فتاة إثيوبية إلى المسبح، متذرعاً بأنها تحتاج إلى بطاقة عضوية للسماح لها بالدخول. وأثناء الجدال بين الموظف المعني والفتاة تقدم شاب لبناني علق كاميرا خفية في جيب قميصه وطلب منه الدخول، فسارع إلى الموافقة، وحين سأله إذا كان يحتاج إلى بطاقة عضوية كان جوابه بالنفي، مشيراً إلى أن كلفة الدخول هي ٤٠ ألف ليرة لبنانية. أما الشاب، فبادر إلى الاتصال بالشرطة السياحية على الخط الساخن ١٧٣٥. والمفاجأة أن دورية من الشرطة حضرت على الفور وبادرت إلى أخذ شهادة الفتاة. وينفي الموظف المعني الذي التقطته الكاميرا الخفية، أن يكون المسبح يمارس عنصرية تجاه العاملات الأجنبيات، لافتاً إلى أنّ ادارة المسبح تسمح بدخول العاملات مجاناً برفقة المستخدم اللبناني، ويمكنها الانتباه إلى الأطفال والأكل والشرب... شرط أن لا تسبح في حوض المنتجع!
توضح سلقا لـ «الأخبار» أنّ حركة مناهضة العنصرية حصلت على الشريط من متطوعين قاموا بتصويره، وهو لا يستهدف التشهير بمنتجع سان جورج دون سواه، وخصوصاً أن مئات المنتجعات والمسابح اللبنانية تمارس الإجراءات العنصرية نفسها على أساس العرق واللون والمهنة.
وأسف صاحب منتجع سان جورج فادي خوري في اتصال مع «الأخبار» للإساءة التي تعرضت لها الفتاة الإثيوبية، معلناً رفضه التمييز ضد أي شخص، وأنّه بصدد اتخاذ تدابير إدارية تمنع تكرار هذه الحادثة في المستقبل، و«المنتجع مفتوح لجميع الرواد بغض النظر عن لونهم أو جنسيتهم».
بدورها تجزم سلقا بأن حركة مناهضة العنصرية ستستمر في حملتها من أجل فضح جميع المخالفين، منوهة بسرعة تجاوب الشرطة السياحية مع الشكوى التي تلقتها، لكنها لفتت إلى أنّ الحركة تنتظر قرار القضاء اللبناني الذي سيصدر حكماً يحدد قيمة الغرامة التي يفرضها بحق المخالفين.
وتشير سلقا إلى أنّ حملة الحركة تستهدف المنتجعات ذات الطابع العنصري، بعد عدة أبحاث ميدانية قامت بها للتأكد من القوانين المتبعة في هذه الأماكن. وترى أنّه «لا يكفي التشهير بها فحسب، بل يجب أيضاً الإضاءة بصورة إيجابية على المنتجعات التي تلتزم سياسة المساواة، ومن بينها منتجع «Lazy b» في الجية، الذي يورد على موقعه الإلكتروني أنه يسمح بدخول العاملات الأجنبيات مجاناً أثناء ممارستهن عملهن، كما يسمح لهن بالدخول بقصد السباحة بشرط أن يدفعن كلفة الدخول». وتلفت سلقا إلى أنّ الهدف هو الضغط على المنتجعات العنصرية عبر لائحة مقاطعة، ولائحة أخرى بالمنتجعات التي تنتهج سياسة المساواة بهدف تشجيعها.
«على الحكومة اللبنانية أن تبادر حالاً إلى تغريم المنتجعات العنصرية التي تخالف عبر سياسات كهذه شرعة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وخصوصاً البند المتعلق بالمساواة»، يقول كامل مهنا، رئيس مؤسسة عامل، التي تنفذ حالياً مشروعاً إقليمياً في لبنان ومصر والأردن يتعلق بحقوق العاملات في الخدمة المنزلية. ويؤكد «أهمية إعادة الاعتبار إلى هذه الفئة من العمال، وإلغاء نظام الكفالة، والتأكيد على حقهن في يوم إجازة والتمتع بالحقوق التي كفلها لهن القانون على قدم المساواة مع اللبنانيين».
مصدر في وزارة السياحة يؤكد لـ«الأخبار» أنّ الشرطة السياحية بدأت هذا العام بتحرير مخالفات بحق المنتجعات التي تمارس سياسات عنصرية ضد الأجانب. وبلغت مجموعة هذه الغرامات قرابة العشرة. ولم يقدم المصدر معلومات تفيد بقيمة الغرامة، لأنّها تصدر بقرار عن القاضي المختص.