انطلقت في العاصمة البلجيكية، بروكسل، النسخة الثامنة من مؤتمر المانحين حول سوريا، وسط توقّعات بأن تتابع الدول المانحة نهجها في توجيه قسم كبير من الدعم إلى دول الجوار، في سياق الجهود الأوروبية المتواصلة لوقف تدفّق اللاجئين. وتحوّل المؤتمر الذي يشارك فيه نحو 800 شخص، بفعل تدنّي التوقّعات إزاء نتائجه، نظراً إلى النسختَين السابقتَين منه، إلى ما يشبه اللقاء السياسي والحواري، إذ تجري على هامشه فعاليات عديدة، بعضها يحمل شعار دعم المجتمع المدني، وأخرى تحاول الدول الداعمة للمعارضة استثمارها في إطار تقديم الدعم لمشروع هذه الأخيرة، ومن ضمنها «الائتلاف المعارض» و»هيئة التفاوض». في هذا الوقت، يجول المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، بحثاً عن منفذ يمكن من خلاله إعادة إحياء العملية السياسية، بعدما فشل في تحقيق أيّ خطوة تذكر في سياق الحلّ السوري، بالإضافة إلى تحصيل ما أمكن من الدول المانحة لدعم مشاريع الأمم المتحدة، التي تعرّضت بدورها لانتكاسة كبيرة بعد وقوع الزلزال المدمّر الذي ضرب أجزاء من سوريا وتركيا في شهر شباط من العام الماضي، وصلت إلى حدّ إيقاف عدد كبير من برامج الدعم المقدّمة إلى النازحين في الشمال الغربي من البلاد، واللاجئين في الأردن.وتواجه مشاريع الأمم المتحدة التي يمكن تقسيمها إلى شقين: مساعدات عينية طارئة، ومشاريع إعادة إعمار (مشاريع التعافي المبكر)، في شقها الثاني، معارضة واضحة من الولايات المتحدة، التي تريد الإبقاء على الوضع القائم، وإغلاق أيّ منافذ تسمح بعودة اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم، بما يضمن استمرار ورقة «الأزمة الإنسانية» على طاولة المفاوضات السياسية، وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في سوريا، وخصوصاً أن الرفض الأميركي جاء مقروناً بتراجع حجم تمويل مشاريع الدعم العينية الطارئة. ولتلافي هذه الأزمة، طرحت الأمم المتحدة، أخيراً، مشروعاً لتأسيس صندوق للتعافي المبكر يوضع تحت تصرّفها، غير أنه قوبل هو الآخر بمحاولات أميركية حثيثة لإجهاضه، كون مقره الرئيسيّ في دمشق، علماً أن المنظمة الدولية لا تزال متمسكة به، فيما تبدي أوروبا من جهتها قبولاً إزاءه على اعتبار أنه يصبّ في اتجاه مشاريعها المستمرة لوقف تدفّق اللاجئين. تجدر الإشارة إلى أن معظم التمويل الذي تتوخاه الأمم المتحدة مصدره دول الخليج، وفق مسوّدة جرى تسريبها للمشروع الذي أعدَّه وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، الذي استقال من منصبه في شهر آذار الماضي، معلناً أن الاستقالة جاءت «لأسباب صحية»، فيما تربطها بعض المصادر بالصندوق السابق الذكر.
لا توقعات كبيرة من هذه النسخة من «مؤتمر بروكسل»، باستثناء استغلاله كمساحة للنقاش والحوار


على أيّ حال، لا توقعات كبيرة من هذه النسخة من «مؤتمر بروكسل»، باستثناء استغلاله كمساحة للنقاش والحوار، ومحاولة الأمم المتحدة توجيه قسم من تعهدات الدول المانحة نحو «صندوق التعافي المبكر»، ومحاولة ترميم ما يمكن ترميمه من النقص الشديد الحاصل في مشاريع الدعم العينية المباشرة، في وقت تحاول فيه دول الجوار (تركيا ولبنان والأردن) تحصيل ما يمكن تحصيله لتلافي الضغط الشديد الذي تسبّبه أزمة اللجوء السوري على اقتصاداتها. وفي سياق متّصل، يزور وزير الدولة للشؤون الخارجية التشيكية، راديك روبش، دمشق بالتزامن مع بدء فعاليات «مؤتمر بروكسل»، حيث يجري سلسلة لقاءات مع مسؤولين سوريين. وذكرت وكالة الأنباء السورية، «سانا»، أن وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، استقبل روبش في مبنى الوزارة، علماً أن التشيك من الدول الأوروبية القليلة التي حافظت على علاقتها مع سوريا، فيما منح الرئيس السوري، بشار الأسد، السفيرة التشيكة في دمشق، إيفا فيليبي، وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، العام الماضي، تكريماً لجهودها في تنمية وتطوير العلاقات بين البلدين. وتأتي زيارة الوزير التشيكي بعد نحو أسبوعين على تقديم قبرص طلباً لإعادة تقييم الأوضاع في سوريا وتحديد المناطق الآمنة من أجل إعادة اللاجئين إليها، وهي مباردة قوبلت بموافقة التشيك والدنمارك.