استعانت السعودية بـ16 شركة ضغط للمساعدة في تلميع صورتها في أعقاب فوز جو بايدن
لكنّ الغضب ظلّ يلاحق السعودية على رغم انقضاء سنة ونصف سنة على حادثة اغتيال خاشقجي؛ إذ حمل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون من الولايات الأميركية المنتجة للنفط، على المملكة، حين انهارت أسعار النفط إلى مستويات تاريخية بعد انفراط عقْد تحالف "أوبك+" في آذار 2020، وتضرّرت صناعة النفط الصخري بصورة غير مسبوقة، ما دفع ترامب إلى التدخُّل شخصياً للضغط على حليفته حتّى تتراجع عن قرارها بتعويم السوق بخامٍ شبه مجاني. ولمحاكاة مخاوف الجمهوريين الغاضبين، قرّرت السفيرة السعودية في واشنطن، ريما بنت بندر بن سلطان (السفير الأسبق لدى الولايات المتحدة ومؤسّس اللوبي السعودي في أميركا الثمانينيات)، أن تتحدّث إلى مجموعة منهم، في موازاة تخبُّط اللوبي السعودي في الولايات المتحدة في التعامل مع الغضب المتصاعد في الـ"كابيتول"، على رغم تبرير إحدى شركاته، «هوغن لوفلز» (Hogan Lovells)، في رسالة موجّهة إلى أكثر من 30 عضواً في الكونغرس، بأن "السعودية لم تسعَ ولن تسعى إلى إلحاق أيّ ضرر متعمَّد بمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة".
وفي إطار مساعيها لمواصلة التأثير على البيت الأبيض، سلّط تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية الضوء على تمويل سعودي لمنصة إخبارية رقمية كبيرة في الولايات المتحدة، إذ كشفت وثائق مقدَّمة إلى وزارة العدل الأميركية، في إطار "قانون الشفافية في عمل مجموعات الضغط"، أن الجهود السعودية غير المعلَن عنها رسمياً حتى الآن تقودها شركة "إي تي إس" التابعة لـ"الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني"، المعروفة اختصاراً بـ"تقنية"، والتي تعود ملكيتها إلى "صندوق الاستثمارات العامة" الحكومي، بقيادة ابن سلمان. وستكون للمنصّة الجديدة، وفق التقرير، استوديوهات في العاصمة واشنطن، على أن تديرها كوادر لها باع طويل في هذا المجال، وعملت سابقاً في قنوات مِن مِثل "فوكس نيوز" و"إن بي سي" و"سيريوس إكس إم" وقناة "الجزيرة". ويتزامن تأسيس "منصة الأخبار" تلك، كما وصفتها إحدى الوثائق، مع بدء المملكة بتعيين فريق جديد من مجموعات الضغط للتأثير على أروقة صنع القرار في واشنطن. ويُظهر أحد الإفصاحات المقدَّمة عن جماعات الضغط الأجنبية لوزير العدل الأميركي أن شركة "برايم تايم ميديا" تساعد في قيادة هذا الجهد. ويساعد الرئيس التنفيذي للشركة، ويدعى إيلي ناكوزي، في إنشاء مؤسسة الأخبار الرقمية الجديدة، فيما تُبين إحدى الوثائق أن شركته تتقاضى 1.6 مليون دولار على الأقلّ للمساعدة في توجيه المشروع.
وبين تصاعد نفوذ اللوبي السعودي واضمحلاله، يبقى أكيداً أن ما سلف يمثّل نقطة في بحر المصالح التي تجمع المملكة بلوبي السلاح الأميركي، ولا سيما أن الجانب العسكري يمثّل أحد أهم جوانب العلاقة بين واشنطن والرياض، في ظلّ المستويات الهائلة لمبيعات السلاح الأميركية للمملكة.