محمد بدير
في المعتقد اليهودي نبوءة تقول أن «رياح الشر تأتي من الشمال».في 12 تموز 2006، كانت إسرائيل تستعد لحرب جديدة في الجنوب. لكن «رياح الشر» هبت من جديد من الشمال. «رياح الشر» الآتية من لبنان، شكلت، رغم قساوتها، فرصة لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، لتصفية الحساب الشاملة مع حزب الله. يُسلط التقرير التالي الضوء على النقاشات التي حسمت طبيعة الخيار العدواني الإسرائيلي، ويعكس حالة الارتباك التي عاشتها القيادة الإسرائيلية من جهة، والإجماع السياسي العسكري على قرار الحرب من جهة ثانية

في جلسة المشاورات الأولى في هيئة الأركان أوحى حالوتس أن عملية برية لن تكون أكثر من أمر مزعج لا أهمية فعلية له. حالوتس لم يدر نقاشاً فعلياً، لكنه حدد وجهة الجيش، مقرراً: «نحن ذاهبون إلى حرب نارية، إلى أن يتقرر أمر آخر» من دون أن يبقي ثغرة لنقاش حقيقي. «حرب نارية» هو مصطلح معروف في الجيش الإسرائيلي، يعنى به قصف ناري عن بعد، بشكل أساسي من خلال سلاح الجو وسلاح المدفعية.
رغم ذلك قال نائب حالوتس، موشيه كابلنسكي: يجب علينا أن نعلم أننا في منطقنا، تأتي «مياه الأعالي» فوراً بعد الهجوم الجوي. إلا أن هذا الاحتمال سقط عن جدول الأعمال. فقد أوضح حالوتس أنه حتى تجاوز خط الحدود على المستوى التكتيكي يتطلب تفكيراً من ناحيته. وأعلن، على ما يبدو تحت تأثير كارثة الدبابة التي تفجرت خلال إجراء «هنيبعل»، أنه لا ينوي المصادقة على دخول الأراضي اللبنانية. وقال: «أنا لا أصادق في المرحلة الحالية على أي شيء، وعندما نصل إلى نهاية الإجراء الذي أريد أن نقوم به سنَُسَوّي الخط الحدودي. فهذا لا يتطلب أكثر من جرافة دي 9».
لم يرد أي من الجنرالات الذين شاركوا في النقاش على أقوال قائدهم، حتى أولئك الذين ترعرعوا في سلاح البر ويعلمون أن تدمير المواقع الأمامية لحزب الله هو عملية معقدة جداً.
في الساعة الثالثة من بعد الظهر، جرى نقاش مهم برئاسة وزير الدفاع وفي مكتبه، واقترح حالوتس «أن نضرب لبنان في خاصرته الرخوة، أي في الاقتصاد». وأضاف بلهجة هجومية: «وإذا أدى ذلك إلى هجوم صاروخي، أقترح أن ندفع اللبنانيين إلى جعل حكومتهم تتحمل المسؤولية». وأوصت خطته المفصلة باستهداف 20 إلى 50 بالمئة من البنى التحتية للكهرباء في لبنان. التوصيات الأخرى كانت مهاجمة هدف واحد داخل الضاحية، هو مطار بيروت، وكذلك التعرض بشكل قاس للبنى التحتية للمواصلات والنفط.
وكان لدى حالوتس طلب إضافي: نريد وقتاً. وقصد بذلك السماح للجيش بالعمل على الأقل لعدة أيام، إلا أن المعنى كان أن يعمل الجيش من دون قيود وقتية محددة سلفاً.
إضافة إلى حالوتس، شارك في النقاش عن الجيش رئيس شعبة الاستخبارات، عاموس يدلين، وقائد سلاح البحرية، الجنرال دودو بن بعشات، ورئيس شعبة العمليات، آيزنكوت، وقائد الجبهة الداخلية، الجنرال إسحاق غرشون. كما حضر رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، ورئيس الموساد، مائير دغان، ومسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية.
وطرح آيزنكوت الهدف الاستراتيجي للعملية، الذي أُخذ من خطة «درع البلاد»، رغم أن الجيش لم ينو التوصية بالخطة كاملة. وقال: «نحن نريد صياغة قواعد جديدة، وخلق معادلة ردع جديدة». وأضاف: «الفكرة هي هجوم مشترك على حزب الله وعلى البنى التحتية اللبنانية من أجل دفع السلطات إلى تحمل المسؤولية. لقد أعطينا أوامر بمهاجمة البنى التحتية الكهربائية في لبنان هذه الليلة».
وخلال النقاش كرر آيزنكوت موقفه من أن الجيش لا يوصي بمهاجمة «منظومة صواريخ الفجر» وفقاً لخطة «وزن نوعي»، كما كان حالوتس قد أشار خلال مشاوراته المقلصة مع بيريتس قبل ذلك. وعلل ذلك بأن القدرة على تدمير هذه المنظومة جزئية، لذلك إذا حصل هجوم على القرى، فإن ذلك سيؤدي إلى تعرض العمق الإسرائيلي للصواريخبيرتس تعجب قائلاً: «وإذا هاجمنا المطار، أفلن يكون هناك رد علينا؟». أجاب آيزنكوت: «أعتقد أنه سيكون أقل».
قال بيرتس: «من ناحيتي، أهم شيء هو أن ننجح في منع، ولو جزئياً، إطلاق الصواريخ على إسرائيل، لأننا إذا هاجمنا المطار وتعرضنا للقصف في العمق، فسنكون في وضع دوني».
مرة أخرى حصل بيرتس على دعم من رئيس الأركان الذي قال: «مئة بالمئة. هذا جواب سليم». وأضاف: «أنا أفترض أننا إذا هاجمنا الكهرباء فإنهم سيطلقون الفجر، لذلك من الصواب مهاجمتها».
وأوضح حالوتس أن مهاجمة الفجر ستقترن بإصابة مدنيين، وأن ذلك أمر مشروع بالنسبة إلى إسرائيل فقط إذا أطلقوا النار علينا أولاً. «هذه المشروعية أمر مهم، لأن خطأ مثل قانا سيوقف تدحرج العملية». وشرح حالوتس تقديرات سلاح الجو التي تشير إلى أن عدد المدنيين الذين سيقتلون في تدمير الفجر قد يصل إلى 500، رغم أن التقديرات الواقعية تحدثت عن 200 إلى 300. وأضاف: «هناك توجه يقول بهجوم استباقي على «الفجر»، وهناك توجه آخر يقول إن علينا أن نهاجم أهداف بنى تحتية، وفقط إذا أطلقوا الصواريخ علينا نقوم بمهاجمتهم».
في مقابله، أيد رئيس الموساد مهاجمة الصواريخ فوراً، وقال: «أنا أتوقع أن نتدهور نحو مواجهة مطولة وأن احتمال تعرض العمق للصواريخ كبير». بذلك طرح دغان نفسه صاحب موقف مختلف عن جوقة العسكر التي تحدثت بالصوت نفسه، وفقاً لما كان قد قرره حالوتس. وقد تلخص موقف نائب رئيس الأركان ببضع كلمات: «أنا أوافق رئيس الأركان».
وأضاف دغان: «في هذه الحالة سنعود إلى النقطة نفسها بعد أسبوع أو عشرة أيام. هذا شبه مؤكد. إذا كان الأمر كذلك، فلنفتح كل ما لدينا أمام حزب الله، بما في ذلك أهداف الصواريخ». وقدر دغان أن العالم لن يسمح بالتعرض لحكومة فؤاد السنيورة، وبالتالي للبنى التحتية في لبنان، وقال، مثيراً للمرة الأولى الوجه السياسي للموضوع، إن الدول الغربية لن تجلس جانباً وتسمح لنا بضرب البنى التحتية التي مولت هي بناءها.
من جهته، كان رئيس الشاباك مؤيداً لـ«وزن نوعي» ولمهاجمة «الفجر»، وتساءل لماذا سمّى حالوتس المدنيين الذين يمكن أن يقتلوا في الهجوم «غير متورطين»، وأضاف: «إذا كان الحديث عن أشخاص خزنوا الصواريخ في بيوتهم، فإنهم متورطون جداً. أنا أؤيد الوزير بالنسبة إلى ميزة المفاجأة. سنتعرض للرد، لكن علينا أن نحطمهم»بعد الذي سمعه، أجمل بيرتس بأن توصية المؤسسة الأمنية، ستكون بمهاجمة صواريخ الفجر من البداية وفي الليلة نفسها، وهذا خلاف للموقف الأصلي للجيش، الذي سار قادته واقتنعوا بضرورة تنفيذ توازن نسبي. الصواريخ البعيدة المدى هي موضوع استراتيجي، قال بيرتس وإذا أطلقوا علينا حينها نقوم بالرد مرة أخرى، وهكذا نظهر بمظهر من يرد. في سلم الأولويات بين ضرب البنى التحتية وضرب الصواريخ كانت الأفضلية لضرب الصواريخ لأنها هي الأساس.
وقبل أن ينهي الاجتماع قال بيرتس للمشاركين في الاجتماع إن صعود الدبابة على عبوة ضمن إجراء «هنيبعل» أمر لا يحتمل، وهو أصعب من الخطف. ما حدث هناك هو فيلم معروف مسبقاً، وأضاف: عندما تبدأ المطاردة، يجب السير في الطرقات الجانبية. وإذا سألنا اليوم كيف حدث أن صعدت دبابة على عبوة، فإننا نمس بالغطاء السياسي للقادة العسكريين. لذلك يجب أن نترك كل هذه الأسئلة لمرحلة متأخرة. لكن بيرتس بحواسه أضاف: أنا لا أفهم كيف أنه حتى الآن لم ينجحوا في الوصول إلى الدبابة المستهدفة. إذا كنا نفكر بعمليات بعيدة المدى لاحقاً ونحن حالياً ما زلنا نقف على مسافة 500 متر من الحدود طوال ست ساعات ولا نستطيع الوصول إلى الدبابة. من غير الواضح كيف سننفذ كل ما نخطط له. السؤال بقي من دون إجابة.
في موازاة المشاورات الأمنية التي أجملها بيرتس، كان أولمرت قد أنهى التزاماته في القدس وانتقل إلى تل أبيب لترؤس المشاورات في الساعة السابعة مساء. ووصل إلى المشاورات التي أجراها أولمرت كل من وزير الدفاع بيرتس، رئيس الأركان وكبار ضباط الجيش، وكذلك مسؤولو الموساد والشاباك. أما وزيرة الخارجية ليفني فلم تُدعَ.
كررت الجهات الأمنية المختلفة المواقف التي ذكرتها بالمشاورات الأمنية المسبقة التي أجراها بيرتس. هذه المرة لم يكن وزير الدفاع آخر المتحدثين. فقد نقل توصيات المؤسسة الأمنية الرسمية، ورئيس الحكومة زاد من خطورة نظرية بيرتس، الذي أيد ضربة محدودة لرموز الحكومة اللبنانية، مثل الإغارة بالقرب من قصر الرئاسة في بعبدا. بيد أن أولمرت أضاف تبريراً حاسماً لمعارضته ضرب أهداف لبنانية عندما قال: «تلقيت طلبات من خارج البلاد ضد قصف البنى التحتية في لبنان». ومع أنه لم يعطِ تفاصيل، إلا أن كل الحاضرين أدركوا أن المقصود الولايات المتحدة. ذلك أن أولمرت كان قد تلقى في الساعة الخامسة عصراً اتصالاً من وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، قدمت خلاله كل الدعم لأولمرت وطلبت منه أمراً واحداً فقط «حافظوا على فؤاد السنيورة».
بخصوص ضرب أهداف بنى تحتية، صادق أولمرت على ضرب أهداف يمكن التوضيح من خلالها للعالم أنها تستهدف مباشرة حزب الله. فعلى سبيل المثال، ضرب المرافئ الثلاثة في أنحاء لبنان، بما فيها المطار الدولي في بيروت، يتم عرضه بأنه وسيلة لمنع إخراج الجنود المخطوفين من لبنان وإحباط محاولة تدفق الأسلحة إلى المخربين. الهجوم على مطار بيروت، كما تقرر، يجري بشكل يمكن إصلاحه بسرعة. وكذلك تقررت مهاجمة جسور في أنحاء لبنان لعرقلة حركة قوات حزب الله، لكن عدم تخريب الطريق البحري اللبناني، كي يستطيع سكان جنوب لبنان الفرار شمالاً. كما تمت المصادقة على مهاجمة خزانات الوقود جنوب بيروت والقيام بحصار بحري وجوي كامل على لبنان. أولمرت صادق على مهاجمة أهداف لحزب الله في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك شمال البقاع اللبناني، في بعلبك، وقبل كل شيء شن هجوم على صواريخ «الفجر».
إثر انتهاء جلسة المشاورات الأمنية، انتقل أولمرت إلى جلسة الحكومة. في هذه الأثناء اتصل شمعون بيريز برئيس الحكومة السابق إيهود باراك للتشاور معه. قدم الأخير اقتراحاً واحداً: «بعد أن يقدم رئيس الأركان خطته، اسأله ما هي المرحلة التالية التي يخطط لها».
الجيش الإسرائيلي عرض صورة حقيقية. رئيس شعبة الاستخبارات يدلين أدى، دور «العدو»، أي حزب الله في الجلسة. فأشار إلى وجود صواريخ وإلى نية الحزب لإطلاقها. وبناء على طلب أولمرت بالحصول على تفاصيل أكثر، قال يدلين: «لدى حزب الله صواريخ تصل إلى حيفا، وربما إلى أبعد من حيفا. إذا شعر بأنه أُصيب، فسيستخدمها».
الشعور العام للوزراء كان وجوب القيام بشيء ما، لأنه يوجد حدود للإذلال الذي يمكن إسرائيل أن تتلقاه وتضبط نفسها عليه. هناك لحظات يجب على الدولة الدفاع عن مواطنيها، كما قال رئيس الحكومة أولمرت، وهذه هي اللحظة. قائد سلاح الجو شكدي ترك بعد وقت قصير، على بداية النقاش، من أجل الإشراف على الاستعدادات الأخيرة لخطة «وزن نوعي». لأنه كان من الواضح أن الخطة سيصادق عليها.
جميع الوزراء أرادوا الحديث. القليل منهم تجرأ على طرح أسئلة صعبة. بيريز عرض سؤال باراك، ماذا ستكون المرحلة التالية بعد الهجوم الذي يقترب. رد حالوتس بأنه يفكر بخطوتين إلى الأمام وحتى بأربعة، لكن المرحلة الثانية ستكون مرتبطة بنتائج المرحلة الأولى وهكذا. ما نريده هو رد قاس كافٍ يستدعي الجهات الدولية إلى ترتيب الصفقة.
وزيرة الخارجية سألت إذا كانت العملية العسكرية مضمونة لإعادة الجنود المخطوفين. رئيس الأركان دان حالوتس قال بشكل واضح إنه لا توجد عملية عسكرية تعيد المخطوفين. ليفني قالت في رد لها إذا كان من الواضح أن العملية لا يمكن أن تعيد المخطوفين فإن الرد ينبغي أن يعيد قدرة الردع وخلق ظروف لمفاوضات من موقع القوة. وأضافت أنه يجب الاجتماع غداً صباحاً.
في النهاية صادقت الحكومة على العمليات العسكرية. وقد اختار أولمرت اسماً لهذه العمليات هو «الجزاء المناسب». لكن ثمة أمر آخر طلب أولمرت الموافقة عليه، هو تشكيل هيئة وزارية مقلصة تضم سبعة ورزاء، تتولى إدارة الحرب تضم بيرتس، ليفني، شاؤول موفاز، شمعون بيريز، آفي ديختر، وإيلي يشاي.
اجتمعت الهيئة الوزارية السباعية بعد جلسة الحكومة، للمصادقة على أهداف الهجوم. تركز النقاش على تنفيذ خطة «وزن نوعي»، التي تقضي بقصف نحو خمسين هدفاً لصواريخ فجر، وأهداف في الضاحية الجنوبية، وبعلبك، وأهداف بنية تحتية مختلفة. وخلال الجلسة، طرحت ليفني إمكان تصفية الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، فقال لها حالوتس: «لا نملك معلومات استخبارية كافية لذلك». وعند سؤالها عن إمكان مقتل مدنيين جراء قصف البيوت التي توجد فيها الصواريخ، أبلغها المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز أنه صادق على الأمر وأنه ممكن من زاوية القانون الدولي في ظروف يختار فيها الناس أن يسكنوا مع صواريخ، كما صادق على تعطيل مطار بيروت وفرضه الحصار البحري والجوي على لبنان.
كما سألت ليفني عن المدة التي سيستغرقها الهجوم، فقال لها حالوتس: أربع ساعات. وأضاف أولمرت بثقة: «سينتهي الأمر هذه الليلة». فكررت ليفني القول: «لدي لقاء ظهر غد مع دبلوماسي كبير. هل سينتهي الأمر قبل هذا الموعد؟»، أجابها حالوتس: سينتهي.
في الساعة الحادية عشر ليلاً، عاد حالوتس إلى مكتبه، وعقد اجتماعاً لكبار قادة هيئة الأركان، وقال لهم: سننفذ خطة «وزن نوعي»، لأن هذا ما يريده وزير الدفاع.




«أصبح الأمر متأخّراً... لا يمكن أن نوقف الطائرات»


خلال المداولات الوزارية التي سبقت الحرب، عرض رئيس شعبة العمليات، غادي آيزنكوت، للمرة الأولى أهداف الحملة المحتملة، كما رآها الجيش الإسرائيلي. وهو بدأ بالحديث عن الأهداف التي لا يمكن تحقيقها: إعادة الجنود بالقوة والقضاء على حزب الله. أما الأهداف التي يمكن تحقيقها فكانت: «تعميق قدرة الردع الإسرائيلية؛ تنفيذ القرار 1559؛ بسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل أراضي الدولة؛ وخلق ظروف مناسبة لإعادة الأسرى وترك سوريا خارج المعركة».
آيزنكوت كان من القلة من بين ضباط الأركان العامة الذين شاركوا في جلسات الوزراء. وسجّل، على ما يبدو، انطباعاً بأنهم لم يفهموا حقيقةً مغزى القرارات التي اتخذوها، مثلما قال لرئيس شعبة التخطيط اللواء إسحق هرئيل لدى خروجه من الجلسة في مكتب رئيس الأركان، التي عقدت مباشرة بعدما صادقت السباعية على أهداف الهجوم.
فبعد دقائق من تقديم رئيس الأركان، دان حالوتس، تقريراً أمام الجنرالات حول قرار الحكومة الذي ينص على أن يقوم الجيش بمهاجمة منصات الصواريخ داخل قرى جنوب لبنان، اقترب آيزنكوت من هرئيل وهمس قائلاً: يجب أن نوقف كل شيء. إنهم لا يدركون معنى القرار الذي اتخذوه.
لم يكن لدى آيزنكوت أي شك: حزب الله سيرد على مهاجمة القرى عبر إطلاق الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي، وبذلك ستنطلق حرب قاسية. هارئيل أجاب قائلاً: «أصبح الأمر متأخراً، لا يمكن أن نوقف الطائرات». وأضاف «كل واحد من الأشخاص الذي اتخذوا قرار الهجوم له رؤيته الخاصة به. أقصى ما يمكن أن نفعله هو أن نحاول السيطرة على الحدث بحيث تكون له نهاية».
وعندما توجّهت الطائرات إلى لبنان، وقّع آيزنكوت ليلة 12/13 تموز الساعة الثالثة فجراً على أمر تنفيذ «جزاء مناسب» رقم واحد ــــ الاسم الأول الذي أعطي لعملية الجيش التي وصفت بأنها «عملية».


الجزء الأول | الجزء الثاني