يتباهى بعض المحققين بقدراتهم على «سحب» الاعترافات من مشتبه فيهم موقوفين لديهم. لكنهم يشكون، في جلساتهم الخاصة، ممن «عذّبهم» خلال التحقيق لعدم رضوخه للضرب المبرح والإذلال الذي تعرّض له. «هيدا الكلب عذّبنا كتير والله. ما كان يعترف... لا البلانكو نفع معو ولا الفرّوج» يقول المحقّق «القبضاي» ممتعضاً. ثمّ يبتسم، «بس بالآخر بدّو يعترف». يسكت للحظات ثم يضيف: «متل الشاطر بدّو يعترف». سيخضع «الشاطر» لشطارات المحقّق «القبضاي»، لكن حفلة الصراخ من الألم والجوع والعطش والإهانة والخوف لا تنطلق إلا بإشارة، ولو غير مباشرة، «من فوق». كلمات قليلة يعبّر عنها ضابط أو قاض أو «خواجة» تكفي لفتح أبواب جهنّم على وجه الموقوف وجسده في مركز التحقيق أو المخفر أو السجن أو النظارة أو مكتب الضابط. يُقال للمحقّق «عالجه»، وقد يعطيه المسؤول «من فوق» فرصة لإثبات شطارته: «فرجيني شو فيك تعمل».
لن يعترف المحقق بعد ساعات من الاستجواب بعجزه عن انتزاع الاعتراف من الموقوف لديه، بل سيزيد من ابتكارات الإيلام والإذلال. وينتقل من الضرب إلى الكهرباء إلى التهديد باغتصاب والدة الموقوف وزوجته وشقيقته وأطفاله. فالمحقق القبضاي لا يتراجع. أما البراءة، فلا تهمّ ولا تعني إلا صاحبها. «الشاطر» سيعترف.
كيف لا والألم يدخل أعماق أعماقه من أسفل رجليه (الفلقة) إلى رقبته (السحسوح) مروراً بصدره وبطنه وعضوه التناسلي؟
كيف لا والدماء تسيل من طرفي عينيه فتسقط أرضاً ليختلط عرقه بدموعه ويبول عليها المحقق «ليغسلها»؟
كيف لا والخوف والبرد والجوع والعطش لم تترك له فرصة للتنفّس؟
اعترف أخيراً الموقوف بارتكاب الجريمة. أي جريمة. فلا يهمّ نوعها وحجمها ومن استهدفت ومن ارتكبها أصلاً. المهمّ أنه اعترف. برافو. وحاز المحقق الترقية وأصبح ضابطاً «من فوق».
يحيا العدل.
9 تعليق
التعليقات
-
صدقت يا استاذ عمرصدقت يا استاذ عمر انا واحد من الناس ممن اعتقلوا بطريقة اني لم انضم لتنظيم معين سنة 2007؟؟؟ وعذبت وهددوني بعائلتي ولدي بنات والصاق التهم او اتهامي بموالاة ما يسمى بفتح الاسلام وبالنهاية (ما تواخذنا حقك عيلنا حبيبيي) هيدا طبعا بعد اواسطة التي زلزلت منازلهم في لبنان كل شيء جائز
-
ادلال وقهر لم تتكلم عن فبركةالملفات ضد اللدين يخالفون الاستاد و حركتة ويمارسون الضغط على القضاء. لم تتناول كيف المتهم باتصال من البكوات الجدد يصبح برىء.نامل منك التحقيق عن كيفية اتفاق المحامين على موكليهم؟عن الرشوة والابتزاز التى يطلبها المحققون(التحرى)اثناءالتحقيق اكيد هدا الكلام مكتوم من قبلكم
-
عدالة أشرف ألناسنعم هذا ما يحدث وللأسف في لبنان .هذا ألبلد ألذي يتغنى بالحريه وألديمقراطيه.تعذيب وقتل في أقبية ألأجهزه ألأمنيه وألعسكريه وألحقد ألمذهبي متواجد وبقوه.من ينقذ ألمظلوم في لبنان أذا كان جلاده حاقد عله طائفيا ومذهبياً
-
مع التقدير الكبير لافكارمع التقدير الكبير لافكار الكاتب و المخيله الواسعة لديه التي تصلح لانتاج فيلم بوليسي الا ان ادخال عمليات اغتصاب بالتحقيقات لدى الاجهزة اللبنانية هو امر خيالي غير واقعي تماما,لذا نرجو منه سرد حكايات قربيه من الواقع. اعتقد انه اسوحى الامر منذ عشرات السنين حيث كانت تقام على يد جهة خارجية معروفة لذا خانته ذاكرته. و شكرا
-
هيدا سجن منو منتزه للاستجمام !!هلق يا استاذ عمر سلامة فهمك اذا كل حرامي او مجرم او صاحب سوابق بدك تستنطقه بال ’’ حبيبي ’’ و ’’ العيوني ’’ و ’’ التقبرني ’’ لا كان حدا اعترف بشي و لا كان ولا جريمة انكشفت !!! لك حتى عملاء اسرائيل المكموشين تلبس و بالجرم المشهود و مغهم الاجهزة الاسرائيلية كدليل عم ينكرو كل شي بالتحقيق !!