لا شيء في مسلسل «نظرة حبّ» (كتابة رافي وهبي، وإخراج حسام علي، وإنتاج «إيبلا») يشعرنا بأنّنا أمام عمل متفرّد في الموسم الرمضاني. يسير المسلسل ببطء درامي لناحية النص الذي لا يشبه أبداً مشاركته في الحدوتة الدرامية المتشابكة والناجحة في «بدون قيد» (إخراج أمين درة) التي أنجزها بالشراكة مع باسم بريش عام 2017. في «نظرة حبّ»، نحن أمام تجربة مكتوبة على عجل، بأسلوب ينتمي إلى زمن غابر. نقف تائهين أمام حكايا متعدّدة ومفكّكة بمحاور درامية منوّعة. تدور القصة حول بطل يُدعى «بحر» (باسل خياط) يعيش في عالم الجريمة والفقر، وهو زعيم حارة تمارس مراهنات شعبية في سباقات الدراجات النارية. يحاول «بحر» تأدية دور زعامة لشاب بسيط من حيّ فقير، في تقليد لشخصية «جبل» التي عرفناها في «الهيبة» (ورشة كتّاب وإخراج سامر البرقاوي/ «صبّاح إخوان»). لكن شخصية «بحر» لا حدث عاجل لديها، فيما يتمثّل الحدث الدرامي الذي ننتظره كمشاهدين في لقائه بحبيبته «قمر» (كارمن بصيبص)، لكنّه مؤجّل لصالح استعراض اختلاف عوالم وبيئة كلّ منهما بإسقاط فجّ.تطلّ «قمر» ابنة «جلال» (بيار داغر) السياسي اللبناني الفاسد. وهذا الموضوع استهلك في «الهيبة» وغيره، لكن نحن هنا أمام نسخة بحوار غير واقعي، عن عائلة تتوارث السلطة السياسية وتُعيد تدويرها. حوارات العائلة عن استمرارية السلطة السياسية وخططها الانتخابية للنيابة بعيدة عن الواقع والمنطق. إذ أنّ العائلات الفاسدة سياسياً عادة ما لا تحترم الجمهور، بل تشتريه. وبناءً عليه، تتقن إذلاله لكونه مأجوراً ولا تضع خطط رأي عام وترشيحات واحتمالات.
هكذا، فإنّ لا جدوى من مشهد المسبح الذي أظهر لنا النائب «جلال» سوى أن نراه ثملاً يتسلّى بمرافقيه. لم يقدّم لنا هذا المشهد وغيره حبكة تقودنا نحو تقاطعات درامية. فيصبح المطلوب أن ينهض بالمسلسل بطل وحيد هو «بحر»، ويرفع العمل على كتفيه ويشدّنا باتجاه حدث درامي يستحق المشاهدة، في سباق رمضاني يضمّ أعمالاً درامية أكثر جذباً، بعضها بعيد عن الاستعراض والتطويل لحساب خلق بيئة محلية حقيقية وقصة متماسكة بلا تكرار.
بعد طول انتظار، يقع لقاء «بحر» و«قمر» في الحلقة الخامسة، فيما يُفترض أن يقعا في الحب، في تكرار للحكاية المكرورة والممجوجة للحب المستحيل بين الفتاة الغنية والشاب الفقير. أضف إلى ذلك إخراجاً بسيطاً يبدو بعيداً عن النص، على الرغم من أنّ حسام علي سبق أن وقّع أعمالاً جيّدة، من بينها «القاهرة كابول» (كتابة عبد الرحيم كمال).
في نصّ مبني سلفاً على المقارنات المباشرة التي انتهت منها الدراما في تسعينيات القرن الماضي، أيّ لجهة خلق ثنائيات متناقضة، كما حدث في مشهد لـ «بحر» يرقص في عرس إبنة أخيه في العشوائيات، في مقابل آخر من خطوبة «قمر» الفارهة على «نبيل» الذي يشاطر والدها الفساد السياسي.
لا تتوافر سوى مشادات تحدث بين الحين والآخر بين أهالي الحارة، تسفر عن تورّط «بحر» والقبض عليه، فتتدخّل عشيقته «يسرا» (هبة نور). وفي الحلقة السادسة، نشاهد ما يشبه حدوتة محاصرة البطل الشعبي في الحي وطلب تعاون الأهالي، ما يحيلنا إلى مشهد مشابه في «الهيبة» عندما يشتبك «جبل» (تيم حسن) في الحي مع «الشايب» (محمد عقيل) وتغطية وسائل الإعلام للحدث. لسبب ما، خُلق رديف لـ «جبل» اسمه «بحر»، كزعيم حارة يتضامن معه شباب الحي. ما يبدو مستغرباً وبلا طائل بعدما وضع القائمون على السلسلة التي تدور في فلك العصابات حدّاً لها إثر تأديتها الوظيفة المرجوّة منها وتحوّلها إلى ماركة مسجّلة، واتجهاهم نحو عوالم أخرى جديدة ومختلفة.

*«نظرة حب»: «يانغو بلاي»، و«ART حكايات» (س: 18:00)، و«الجديد» (س: 21:30)