نحو 4000 مريض بالتصلّب اللويحي (MS) متروكون للمجهول مع انحسار خيارات العلاج المدعوم من وزارة الصحّة بدواءين اثنين من أصل 18 تستخدم في علاج هذا المرض المصنّف من الأمراض المستعصية، والذي يصيب فئة الشباب بين 20 و40 عاماً، علماً أن توقف العلاجات أو تأخرها يؤديان إلى الشلل.الجمعية اللبنانية لمرضى التصلّب اللويحي نظّمت السبت الماضي وقفة احتجاجية أمام «بيت الصيدلي»، تضامناً مع المرضى ودعم حقّهم في الحصول على الأدوية المناسبة، خصوصاً مع الزيادة في أعداد المصابين، والتي يعزوها الدكتور نبيل الأيوبي، اختصاصي أمراض الجهاز العصبي والتصلّب اللويحي، إلى «الزيادة في التشخيص، وأمور أخرى منها العوامل البيئية ونقص في الفيتامين دال، وأسباب إضافية لا زلنا نجهلها».
قبل نحو 10 سنوات، بدأ التغيّر النوعي في الأبحاث الخاصة بعلاجات مرضى التصلّب اللويحي، وبات في الإمكان السيطرة على هجمات الجهاز المناعي على الدماغ التي تتسبّب في هذا المرض وتؤدي إلى الشلل التام. وترافق ذلك مع تنوّع العلاجات، فوصل عدد الأدوية إلى 18 دواء يمكنها أن تسيطر على المرض وتعيد المريض إلى حياته الطبيعية، وكانت بمعظمها مدعومة من الصناديق الضامنة. إلّا أنّ الأمور سرعان ما تغيرت مع الأزمة المالية وتحديد لائحة بالأدوية المشمولة بالدعم، ما أدى إلى اختزال أدوية التصلّب اللويحي المدعومة إلى دواءين من أصل 18.
اختصار لائحة الأدوية بدواءين يحدّ من الخيارات المتاحة أمام الاختصاصيين لعلاج المرض. ويؤكد الأيوبي أنه «لا يمكن معالجة كل الحالات بهذين الدواءين، فثمة مرضى يحتاجون إلى أدوية أخرى». أضف إلى ذلك أن «علاج مرض التصلّب اللويحي تدريجي، إذ ننتقل من دواء إلى آخر بحسب الفعالية واستجابة المريض، ما يتطلّب تنوّعاً ومساراً طويلاً من العلاج». وهذا ما بات غير ممكن اليوم، ولا سيّما أنّ المدعوم في الغالب غير موجود أو لا يأتي بوتيرة مستمرة بما لا يتناسب مع دورات العلاج. فيما معروف أن الأدوية المناعية باهظة الثمن، «وأرخص دواء جينيريك يكفي لشهر واحد لا يقلّ سعره عن 300 إلى 400 دولار».
تدعم الوزارة دواءين اثنين فقط من أصل 18 تستخدم لعلاج هذا المرض


أدى ذلك إلى لجوء عدد من المرضى إلى السوق السوداء أو شراء أدوية بأسعار معقولة من الخارج من دولٍ غير تلك التي يستورد منها لبنان. لكن المشكلة، بحسب الأيوبي، «أننا صرنا نرى أدوية لا نعرف شيئاً عن فعاليتها». فيما يلجأ بعض المرضى إلى استخدام دواء «ritoximab» المخصص لمرضى الروماتيزم وبعض أنواع السرطانات، و«مشكلة هذا الدواء أنه قد يتناسب مع بعض حالات الإصابة بالتصلّب، لكن لا يمكن تعميمه على كل الحالات». أضف إلى ذلك أن مريض التصلب اللويحي يحتاج كل مدة إلى فحوص روتينية وتصوير شعاعي منها صورة الرنين المغناطيسي المكلفة، لذلك يلجأ إلى المفاضلة بين العلاج وبين الفحوص التي تعطي صورة شاملة عن تطور وضعه الصحي «وغالباً ما نبدّي العلاج على صورة الرنين».
المطلوب زيادة لائحة أدوية التصلب اللويحي المدعومة لتشمل 3 أدوية أخرى تعوّض النقص الكبير والتأخير في العلاج، وكذلك دعم الأدوية التي تعطي نتائج على المدى الطويل. إلّا أنّ هذه الطروحات لم تلقَ تجاوباً لأنها أدوية باهظة الثمن ولا يمكن دعمها من الموازنة المرصودة للأدوية. «المشكلة هنا»، يقول الأيوبي، إذ «ثمة أولويات لدى الوزارة لا يبدو أن مرض التصلب اللويحي من بينها»، ما يؤدي إلى عرقلة علاجات كثيرين من المرضى. أما التأثيرات؟ فتظهر تباعاً على صحة المريض. فكلما تباطأ العلاج أو انقطع، سيكون هناك حكماً «مفعول رجعي»، وغالباً ما تظهر التداعيات «بعد ثلاث أو 4 سنوات من لخبطة العلاجات أو توقفها»، إذ يعاود الجهاز المناعي هجماته التي تصبح أكثر شراسة وتؤدي إلى تراجع تدريجي في حال المرضى «وتصل إلى حدود شلل في الأطراف وتوقّف الحركة». ويلفت الأيوبي إلى أن «المشكلة أن هذا المرض لا يقصّر العمر، بل يعمل على تدمير حركة المريض». وفي حال السير في العلاجات كما يجب، «يمكن السيطرة على المرض ويستطيع المريض أن يعيش حياته بشكلٍ طبيعي».