النبرة العالية كانت من «الجديد» التي خصّصت مقدّمة نشرة الثلاثاء المسائية فقط للهجوم على «كارهي» سلامة وللدفاع عنه وصولاً إلى حدّ تبرئته تقريباً! ولم تنسَ القناة ذكر «العونيين» التي لا تفوّت مقدّمة واحدة من دون تأكيد حقدها عليهم وهوسها بهم دون غيرهم. «ادّعاء كُتب في بيروت وحُرّر في باريس وأعيد تدويره في لبنان وعبر الأطر الصحافية فقط»؛ هكذا حيّت «الجديد» مشاهديها. وأكملت: «القاضية الفرنسية أود بوروزي كانت موعودة بتاريخ 16 أيار لتبني عليه قرارها بالادّعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإصدار مذكرة توقيف غيابية مرفقة بورقة أنتربول دولية. وجهّزت أود بوروزي لائحتها منذ ما قبل وصولها إلى العدلية اللبنانية عندما أبرقت باتّهاماتها الموجّهة إلى سلامة، وعيّنت له الجرائم ومدّة العقوبة وخفّضت له المقام والرتبة من حاكم مركزي إلى رئيس مجموعة أشرار. عبارات اتّهامية وقرارات ظنّية كانت قد أسّست لها القاضية الفرنسية في صفحات مستوردة من صحف وناشطين لبنانيّين وفاعلي خير عونيّين، وهي افتتحت جريدتها غير الرسمية اليوم بقرار الادّعاء والملاحقة». وشرعت القناة في شرح تفاصيل ما حصل، بالإضافة إلى ردّة فعل سلامة ومحاميه، قبل أن تنهي مقدّمتها بقولها إنّ «السيدة بوروزي استخدمت عقل التيار ونسّقت مع المجموعات الناشطة التي جمعت لها أرشيف الصحف ومقالات الرأي. ولأنّ التيار حظي بحقوق الطبع والملكية الفكرية، فقد أصبح خبر أود بوروزي قديماً لأنّ وديع عقل سبق أن أعلنه قبلها من العاصمة الفرنسية باريس». لا حاجة للتحليل أكثر، فمن الواضح أنّ القناة «جنّ جنونها» ووصلت إلى مرحلة هوس غير مسبوقة بـ «التيار الوطني الحرّ» حتى بالنسبة إليها، تجعلها تُسقط كلّ ما في باطنة القائمين عليها من اضطرابات نفسية يسبّبها هذا الهوس.
أمّا مقدّمة LBCI مساء الثلاثاء، فكانت مقتضبة جدّاً، ولم تذكر غير موضوع سلامة وبوروزي، كما يلي: «القاضية الفرنسية أود بوروزي أصدرت مذكّرة توقيف دولية بحقّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أعلن أنّه سيطعن بالقرار الذي يشكّل مخالفة واضحة للقوانين الفرنسية. قرار القاضية الفرنسية جاء إثر تغيّب سلامة عن المثول أمامها في فرنسا، ووفق محاميه، فإنّه تغيّب بسبب عدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول. وكان أمام القاضية خيار إصدار أمر استدعاء جديد، لكنّها قرّرت إصدار مذكّرة توقيف دولية في حقّه. المحامي الفرنسي ويليام بوردون الذي يمثّل جمعيّتَين من بين المدّعين قال إنّه سيوقف في يوم أو آخر.
لا تفوّت «الجديد» مقدّمة واحدة من دون تأكيد حقدها على العونيين وهوسها بهم دون غيرهم
سلامة الذي قرّر الطعن، أعلن أنّ القاضية الفرنسية اتّخذت قرارها بناء على أفكار مسبقة. هذا الملفّ سيلقي بثقله على الوضع اللبناني السياسي والمصرفي، خصوصاً أنّه الأوّل من نوعه، والأسئلة حوله كثيرة وأبرزها: هل من انعكاسات على مصرفيه؟ وماذا سيكون عليه موقف القضاء اللبناني؟». هكذا اعتمدت القناة لغة غير مباشرة، لكن مع نوايا ورسائل واضحة، كما عادتها. وأرفقت ذلك بتقارير الثلاثاء والأربعاء «زيّنتها» بمؤثّرات بصرية وصوتية، ظاهريّاً «تشرح» تداعيات مذكّرة توقيف سلامة بطريقة «موضوعية»، لكن باطنيّاً لا تهدف سوى إلى التخفيف من شأن ما حصل وتصوير سلامة على أنّه «لا يُكسر». مساء الأربعاء مثلاً، بثّت القناة تقريراً تطرح فيه أسئلة حول الملفّ، قبل أن توسمها بعلامة «x» لتجيب بأنّها خاطئة. الأجوبة كانت من صنف أنّ المذكّرة غير قانونية وليس صحيحاً أنّها تصبح دولية، وأنّ سلامة يحقّ له عدم المثول والتحقيقَين الفرنسي واللبناني منفصلان. أمّا في تقرير آخر تناول احتمال تأثير المذكّرة على سعر الصرف واستعرض «ردّة فعل» المصارف، فنُسب إلى «مصدر مصرفي» أنّ «هناك محاولة فرنسية لاستعمار لبنان اقتصاديّاً» (كما أسلفنا، يتمّ استسهال انتقاد فرنسا على غيرها في الغرب).
بالنسبة إلى NBN، لم تعطِ القناة الموضوع أهمّية كما القنوات الثلاث الآنفة، لكنّها اتّبعت لغة معترضة أيضاً، معتمدةً على ما قاله سلامة ومحاموه. أمّا otv، فغرّدت خارج السرب، كما هو متوقّع، واحتفت بقرار القاضية الفرنسية واعتبرته إنجازاً، كما نصّبت القاضية غادة عون بطلةً، ونقلت إحدى الوقفات الاحتجاجية أمام منزل سلامة في منطقة الصفرا. هكذا إذاً، تفتتح القنوات اللبنانية المهيمنة فصلاً جديداً من مسلسل الدفاع عن رياض سلامة بعد قرابة السنوات الأربع من إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية المالية النقدية في العالم، التي كان سلامة أحد مسبّبيها الأساسيّين!