لا تشبه عبير نعمة إلا نفسها ولا أحد يشبهها! كأنّها تنتمي إلى الزمن الجميل وجيل العمالقة. وليس في ذلك غرابة طالما أننا أمام موهبة متسلّحة بالثقافة الموسيقية العميقة، والأسلوب الوازن، والكاريزما النوعية. كّل ما تغنيه يحتاج إلى متلقّ بمزاج مختلف عن الأشياء الأخرى. كأنه يجب أن يسمع دوماً بتمعّن وعلى مهل..كلّ ذلك سيجعل الغناء المباشر بموهبة ساطعة، مجرّد تحصيل حاصل وسط سلسلة أشياء آسرة تمتلكها النجمة اللبنانية، لعلّ أهمها عدم استسهال النجاح أو الاستعجال عليه! ومن ثم هناك المقدرات الصوتية الخاصة، والمرونة في التحكم بطبقات الصوت. بكل تلك الشيفرات مجتمعة، تركت نعمة سمعة طيبة وأسست قاعدة جماهيرية عريضة، وربما صارت مع مجموعة مغنين ومغنيات، على قلّتهم، بمثابة عدل لكفّة الميزان ومحاولة إنجاز التوازن ومجابهة موجة الانحدار والغناء الهابط التي تسطو على عالمنا العربي!
هكذا، كان الجمهور السوري على موعد مع عبير نعمة في مشروع دمّر في دمشق بتاريخ 24 من الشهر الجاري الذي صادف أمس الخميس. انتظرها بشغف عال حتى إنّ إحدى معجباتها تواصلت معها شاكيةً غلاء سعر البطاقات، فخرجت المغنية اللبنانية مطالبةً الشركة بخفض السعر. ولعلّها كانت بداية الشرارة التي أوصلت الموضوع إلى طريق مسدود، إذ أعلنت نعمة أمس عن انسحابها في بيان نشرته على حساباتها الافتراضية. وفي حديثها مع «الأخبار»، قالت بأن السبب «هو سوء تنظيم الشركة الراعية للحفلة وإخلالها في العقد المتفق عليه، بالإضافة إلى مشكلات أخرى لم أستطع تحملها وخرجت عن سيطرتي». وتضيف: «حاولت كثيراً ألا أخذل الجمهور السوري وأن أجد الحلول، لكن تقصير الشركة وعدم التزامها بالبنود المتفق عليها في العقد دفعاني إلى إلغاء الحفلة، لأنها لا تتناسب مع شخصيتي ولا تشبه الجمهور السوري نفسه. كما أنني أحمّل المسؤولية كلها للشركة الراعية وفي الوقت نفسه أطالبها برد قيمة التذاكر لكل من دفع ثمنها وتحصّل عليها».
اللافت أن هذه ليست المرّة الأولى في هذا الصيف التي يُخذل فيها الجمهور في دمشق، بل هي الثالثة! وإن اختلفت شريحة هذا الجمهور ومزاجه، يبقى القاسم المشترك الأكبر بين تلك الحفلات التي ألغيت هي الجهة المنظمة نفسها! قبل حفلة عبير، كانت البداية مع حفلة مايا دياب التي كان مقرراً أن تُقام قبل أسابيع في دمشق ضمن مهرجان «روزا داماس»، لكنّ المغنية اللبنانية أبلغت اعتذارها عن عدم تأدية الحفلة قبيل موعدها بساعات وغرّدت على تويتر: «أعتذر من الجمهور السوري والقيّمين على المهرجان عن عدم إحياء الحفلة المقررة بتاريخ 27 تموز بسبب تسمّم حاد تعرضت له ودخولي المستشفى». الأمر نفسه تكرر مع فرقة «جدل» الأردنية التي ألغت حفلتها لأسباب خارجة عن السيطرة وفق ما صرّحت الفرقة! لكن تبع ذلك إشكال حول استرداد قيمة البطاقات المدفوعة.